شهر آب من كل سنة هو شهر المغادرة بامتياز عبر مطار بيروت الدولي.
ففي هذا الشهر يغادر الطلاب اللبنانيون الذين تسجلوا في جامعات في الخارج ويريدون ان يلتحقوا بجامعاتهم.
وفيه يغادر اللبنانيون المغتربون الذين أمضوا عطلاتهم الصيفية في قراهم وبلداتهم وبين أهلهم.
تتزامن هذه الزحمة في قاعات المغادرة في مطار بيروت مع ما لحظته موازنة 2019 من رسوم جديدة على المغادرين من لبنان.
وهذه الرسوم الجديدة باتت سارية المفعول على بطاقات السفر التي تصدر ابتداء من تاريخ 1 آب 2019.
وهي على الشكل التالي:
50000 ل.ل. (خمسون ألف ليرة لبنانية) على كل مسافر من الدرجة السياحية. 110000 ل.ل. (مئة وعشرة آلاف ليرة لبنانية) على كل مسافر من درجة رجال الاعمال. 150000 ل.ل. (ماية وخمسون ألف ليرة لبنانية) على كل مسافر من الدرجة الاولى. 300000ل.ل. (ثلاثماية ألف ليرة لبنانية فقط) على كل مسافر على متن طائرة خاصة، وكم لبناني بوسعه ان يسافر على متن طائرة خاصة، عشرة، عشرين، ثلاثين، هل سيشعرون بـ 300 ألف ليرة، ولماذا لا تكون الساعة بمليون ليرة الى قبرص أو تركيا، والساعتان بمليونين والاربع ونصف الى لندن مثلا بأربعة ملايين ونصف، علّهم يشعرون بحسرة الطلاب اللبنانيين المتفوقين المسافرين دون عودة
بخمسين ألف ليرة، لكن للأسف الشديد والمؤلم والقاهر دائماً ان أصحاب الأموال المحقة أو المنهوبة، هم فوق كل إعتبار.
***
معظم المغادرين، ولا سيما من الطلاب اللبنانيين، هم على الدرجة السياحية، وقد حبكت الرواية مع كثير منهم، وهُم يقولون: "لا بأس، ندفع الخمسين ألف ليرة وعلى قلبنا متل العسل، لا بل أننا مستعدون لدفع أكثر من ذلك، فقط أخرجونا من البلد".
للأسف الشديد، هذه ليست نكتة حبكت مع أحد الطلاب المغادرين، إنها حقيقة واقعة، بات اللبناني على استعداد لأن يدفع أي شيء لمغادرة البلد.
هل تقرأون جيدًا يا حضرات الزعماء؟
إن مَن يريد مغادرة البلد، لا يتوقف عند رسم الخمسين الف ليرة! هل فاتكم أن أهالي يبيعون "فوقهم وتحتهم" من أجل أن يُسَفِّروا أبناءهم ويعلموهم في الخارج؟
إن ضريبة سفر الابناء على الأهل أقسى بكثير من الخمسين ألف ليرة، فكفاكم إيلام الناس.
***
ويحدث كل ذلك فيما الأوضاع تغرق من شلل إلى شلل، وباللغة المحكية "ما في شي ماشي"، ويُضاف إليه العطلات والتعطيل:
الثلث الثاني من هذا الشهر سيكون عطلة بامتياز:
11 و12 آب عطلة عيد الاضحى المبارك.
15 آب عطلة عيد السيدة العذراء.
هكذا يكون الثلث الثاني من شهر آب "ثلثًا للعطلات"، وقبله أيضًا، وربما بعده أيضًا، فماذا يتبقى في هذه الحال؟
وكالات التصنيف بالمرصاد، وهناك "شغلٌ عليها" لكي لا يأتي تقريرها موجعًا.
وفد وكالة "فيتش" اختتم لقاءاته مع المسؤولين الماليين والسياسيين تحضيراً لإصدار المؤسسة الدولية لتقريرها حول لبنان، وهذا التقرير سيتضمن التقويم للأوضاع المالية والديون السيادية وما تحمل المرحلة المقبلة من مخاطر.
***
سينتهي آب من دون أي شك، ولكن ماذا عن أيلول الذي يُقال بأنه بالشتي مبلول؟
يُخشى ان يكون مبلولًا بأكثر من الشتي؟