لم يكن بريئاً اغتيال الشاب الفلسطيني حسين علاء الدين المُلقّب بـ"الخميني"، خلال مُشاركته في تظاهرة انطلقت من مخيّم عين الحلوة، بعد صلاة أمس الجمعة، تلبية لدعوة "هيئة العمل الفلسطيني المُشترك"، في إطار التحرّكات المطلبية للاجئين الفلسطينيين، بعد إجراءات وزارة العمل بحق اللاجئين الفلسطينيين منذ أكثر من 3 أسابيع، في حراك مُشترك تجاوز الخلافات، وأزال هواجس الانتقال من منطقة إلى أخرى، فلم يرق لبعض الموتورين، هذا الاستقرار، والإجماع الفلسطيني من الأطياف كافة، وبتعبير مُوحّد، تحت ظلال العلمين اللبناني والفلسطيني، وبشعارات وهتافات تُطالب بإقرار حق العمل، والحصول على الحقوق الإنسانية والاجتماعية والمدنية وحق التملّك، حتى عادت لغة "الموتورين" بالقتل، لتطل مُجدّداً، ما يطرح علامات
استفهام حول توقيتها، لصرف الأنظار إلى الجانب الأمني للمخيم، وعن الملف الفاسطيني برمّته!!
يأتي ذلك بعدما أفشلت جهود المُخلصين تحويل الحراك المطلبي السلمي بإقرار الحقوق الفلسطينية إلى غير وجهته، استغلالاً لأجندات مُتعدّدة، وصولاً إلى مُحاولات الاعتداء على حواجز الجيش اللبناني في مُحيط مخيّم عين الحلوة، والذي كانت تُخطّط له دوائر على صلة مع المجموعات المُتطرّفة، التي وتّرت الأجواء داخل المخيّم، وتحديداً "مجموعة بلال العرقوب".
وإنْ كان اغتيال حسين علاء الدين "الخميني"، على خلفية إشكال مع شقيقه خالد، فإنّه لم يكن له (حسين) أي علاقة ليُستهدف، وهو الذي كان يُشارك في التظاهرات المطلبية، ولم يغب عن الاعتصامات والتحرّكات، كما غيره كُثُرٌ من أبناء المخيّم.
لكن هذا الاستهداف يتجاوز حسين وعائلة علاء الدين، وبلدة صفورية، التي ينتمي إليها - إحدى البلدات الكبرى في المخيم - وانتساب عائلته إلى حركة "فتح" وعدد من الفصائل الفلسطينية.
اغتيال بأهداف متعدّدة
فقد حقّق الاغتيال أحد أهدافه بإعادة التوتّر إلى المخيّم، بدم بريء، فغاب الحراك، وشُلّت الحركة، بل سُجّلت حركة نزوح كثيفة من المخيّم إلى خارجه.
وضعٌ متأزّم افتعله موتورون - أكانوا يدرون ما تجنيه أيديهم، أو لا يدرون - إلا أنّهم يعبثون بالأمن ويبثّون الرعب والهلع في صفوف الأهالي، ويغتالون أبناءهم، ما يدفعهم للبحث عن أماكن أخرى للنجاة، هرباً من رصاص الغدر، وانعكاسات ذلك سلباً على مدينة صيدا والجوار، وتأثّراً على المستوى اللبناني.
فتنةٌ تطلُّ بين الحين والآخر، وللأسف تجد مَنْ يغذّيها، بل يُؤمِّن لها استمرارية حقدها الدفين، وتحقيق "السيناريوهات"، التي لا تخدم القضية الفلسطينية المُستهدفة على أكثر من صعيد!
اغتيال "الخميني"
فما أنْ انتهت المسيرة الفلسطينية، التي انطلقت من مسجد النور في الشارع التحتاني لمخيّم عين الحلوة، بمشاركة كافة الأطياف الفلسطينية في "جمعة الغضب الثالثة"، مُطالِبة بإقرار الحقوق للفلسطينيين، ولدى وصول حسين علاء الدين إلى الشارع الفوقاني، تعرّض لإطلاق نار
من قِبل مُسلّح مُلثّم، ذكر شهود عيان أنّه أحد أبناء بلال العرقوب، وأصابه بجروح خطرة، نُقِلَ إثرها إلى "مركز لبيب الطبي" في صيدا، وهو بحالة حرجة - قبل أنْ يُفارق الحياة.
إثر ذلك، دوت أصوات إطلاق النار في مخيّم عين الحلوة، وأُطلقت القذائف الصاروخية من قِبل عدد من أقارب حسين وأصدقائه، باتجاه المنزل الذي يُقيم فيه بلال العرقوب، والعائد إلى أبو سمير بركة، في حي الرأس الأحمر، بالشارع الفوقاني من المخيّم، قبل أنْ تتوسّع دائرة الاشتباكات وإطلاق النار والقذائف الصاروخية، وصولاً إلى منطقة الصفصاف.
وعلى الأثر سُجّلت حركة نزوح كثيفة لأهالي المخيّم إلى خارجه، في وقت عمل الجيش اللبناني على تسهيل خروج الأهالي.
وذُكِرَ أنّ إشكالاً سابقاً وقع بيت شقيق حسين، خالد علاء الدين، ونجل بلال العرقوب، يوسف، أدّى إلى إصابة الأخير مع عدد من المواطنين.
هذا، ونشطت الاتصالات الفلسطينية - الفلسطينية والفلسطينية - اللبنانية من أجل العمل على تهدئة الأمور.
إدانة وشجب
وأكّد قائد "القوّة الفلسطينية المشتركة" العقيد بسّام السعد أنّ "القيادة السياسية المُوحّدة ستجتمع بشكل طارئ، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة وتوقيف المطلوبين".
من جهته، اعتبر أمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات أنّ "الشاب حسين علاء الدين ضحية الإجرام والسلاح المُتفلّت، الذي نأمل أنْ نُعالجه بما يُنتهي هذه الظاهرة، التي تُسيء إلى شعبنا ونضاله، وبالتالي بما يحفظ أمن أهلنا ودماءهم".
فيما أكّد قائد "قوّات الأمن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي أبو عرب أنّ "مخيّماتنا ستبقى عنواناً وطنياً وسياسياً بامتياز، وعنواناً لحق العودة، مهما اشتدت المؤامرات التي ستفشل بفضل حكمة ووعي وصلابة قيادتنا وشعبنا الفلسطيني".
من جهته، أوضح مصدر مسؤول في "القوى الإسلامية" في مخيّم عين الحلوة أنّ "ما حدث من إطلاق نار وقذائف صاروخية بعد عملية اغتيال حسين علاء الدين، كان ردّ فعل من أصحاب
وأهل المغدور، لكن التوجّه في المخيّم عملياً عند الجميع، هو للتهدئة والحفاظ على أمن المخيّم والجوار".
وأشار المصدر إلى أنّ "خلفيات الجريمة ثأرية، على خلفية إشكال سابق ليس للمغدور حسين علاء الدين أي علاقة به، وإنّما كان الإشكال مع شقيقه خالد، وحسين لم تكن له لا ناقة ولا جمل بما جرى، والكل كان يحبه".
بدوره، اعتبر الدكتور عبد الرحمن البزري أن "اغتيال الشاب حسين علاء الدين في مخيّم عين الحلوة والتوتّر والاشتباكات التي تلته، يضر بقضية الفلسطينيين، ويصب في مصلحة كل مَنْ تآمر عليهم، وذلك من أجل إعاقتهم في الحصول على حقهم في العمل، كما ويُضعِف الورقة التي بين أيديهم، وهي ورقة التضامن الفلسطيني - الفلسطيني، والفلسطيني – اللبناني"، مُطالباً بـ"وقف الاشتباكات، وُعاقبة الفاعلين لأنّ هذه الحادثة لا يمكن وصفها بالبريئة، وهي في توقيتها ومضمونها تحمل مُؤشّرات خطيرة".