بعد تحديد وزيرة الداخليّة والبلديات، ريّا الحسن، يوم الأحد في 15 أيلول المُقبل، موعدًا لإجراء الإنتخابات الفرعيّة عن المقعد النيابي الشيعي الذي شغر بإستقالة النائب السابق نوّاف المُوسوي، مع تقديم شروط طلبات الترشيح والرجوع عنها، فرضت سلسلة من الأسئلة نفسها، وأبرزها: هل ستجري الإنتخابات الفرعية أم سيقرّ الجميع بتزكية المُرشّح الذي سيُعلنه "حزب الله"؟ وهل من جهة تُفكّر في خوض الإنتخابات بوجه "الحزب"، وهل من أمل لها بالفوز–ولوّ ضئيل؟.
أوّلاً: بحسب المَعلومات المُتوفّرة، من المُستبعد إنتخاب خليفة النائب المُستقيل بالتزكية، لأنّ أكثر من جهة وشخصيّة تستعدّ لخوض الإنتخابات، ولو من باب تسجيل الموقف! وبالتالي، المعركة الإنتخابيّة ستحصل، مع كل ما تتطلّبه من تحضيرات لوجستيّة ومن تمويل من جانب الدولة. ولأنّ المُنافسة مَحصورة على مقعد واحد-كما هو معروف، ستجري الإنتخابات وفق القانون الأكثري وليس النسبي، وهي ستنحصر في دائرة صور الصُغرى، وليس في دائرة الجنوب الثانية التي تضمّ "صور–الزهراني (قرى صيدا) كما حصل في إنتخابات العام 2018، علمًا أنّه تمّ تحديد الثلاثين من الشهر الحالي مهلة قُصوى لتقديم طلبات الترشيح، على أن يكون يوم الأربعاء 4 أيلول آخر مهلة لسحبها، في حال الرغبة.
ثانيًا: في إنتخابات العام 2018 النيابية والتي جرت وفق القانون النسبي وضُمن دائرة مُوسّعة، نالت لائحة "الأمل والوفاء"، التي كانت مدعومة خُصوصًا من كل من "حركة أمل" و"حزب الله"، 134,068 صوتًا، بينما نالت لائحة "معًا نحو التغيير"، التي كانت مَدعومة من قوى مُعارضة مختلفة، 11,481 صوتًا فقط، ما يعني أنّ الفرق شاسع، بل هائل، على مُستوى قُدرات الحشد والتجييش بين "الثنائي الشيعي" من جهة، ومُختلف القوى التي تقف في الصفّ المُقابل من جهة أخرى. وبالتالي، إنّ خوض أيّ معركة ضُدّ المُرشّح المُرتقب للحزب تحت عنوان سياسي، ستكون نتيجته الفشل التام بشكل حتمي!.
ثالثًا: بحسب المَعلومات المُتوفّرة أيضًا، إنّ "حزب الله" يتّجه لأن يُعلن خلال الأيّام القليلة المُقبلة إسم مرشّحه لمعركة صُور الإنتخابيّة الفرعيّة، في ظلّ إرتفاع كبير لحُظوظ رئيس "وحدة الإعلام الإلكتروني" في "الحزب"، الدُكتور حسين رحّال. في المُقابل، قرّر المُعارض الأبرز للثنائي الشيعي، والذي كان "رأس حربة" على مُستوى اللائحة المنُافسة في إنتخابات العام 2018، أيّ رياض الأسعد، عدم خوض المعركة هذه المرّة، بسبب إنعدام فرص الفوز. وتجري حاليًا إتصالات بين "الحزب الشيوعي" اللبناني الذي قرّر خوض المعركة بمرشّح من جانبه، وهيئات شيعيّة مُعارضة في صُور، وذلك تجنّبًا لإنقسام الأصوات القليلة المُعارضة بين أكثر من مرشّح–كما حصل في السابق، حيث تجري مُحاولات للتوحّد خلف مرشّح من جانب الحزب "الشيوعي" الذي يملك قواعد شعبيّة جيّدة في الجنوب.
رابعًا: يُراهن "الحزب الشيوعي" على عوامل عدّة من شأنها أن تُعطيه أملاً–ولو ضئيلاً، بإسقاط مُرشّح "حزب الله" في صُور. وفي هذا السياق، يُمكن تعداد ما يلي:
أ-المعركة الإنتخابيّة الفرعيّة لا تستقطب عادة الناخبين بأعداد كبيرة، كما هي الحال خلال المعركة الإنتخابيّة الشاملة، ما سيحدّ كثيرًا من حجم الأصوات التي سينالها مُرشّح "الحزب".
ب-المُنافسة ستُخاض تحت شعارات إقتصادية وحياتيّة ومعيشيّة، وليس إطلاقًا تحت شعارات سياسيّة معروفة النتائج سلفًا، الأمر الذي يُمكن أن يُعطي مُرشّح "الشيُوعي" فرصة.
ج-الزكزكات السياسيّة والمُناكفات البلديّة بين أعضاء مَحسوبين على "حزب الله" وآخرين محسوبين على "حركة أمل"، قد تتسبّب بإحجام مُناصري "أمل" عن المُشاركة في الإقتراع، حتى مع صُدور بيان دعم من "الحركة" لمُرشّح "الحزب"–كما هو مُنتظر.
د-الرهان كبير على الفئة الناقمة على السياسيّين من الناخبين، والذين قد يردّون على تجاهل مطالبهم وعلى ضعف الخدمات وعلى الواقع المعيشي المُتردّي، إمّا بالإنكفاء عن مُجريات العمليّة الإنتخابيّة ككلّ، وإمّا بالتصويت لصالح أي شخصيّة جديدة، كرسالة إعتراض!.
ه-ما يُسمّى "المعارضة الشيعيّة" ستكون مُضطرّة لدعم مرشّح "الشيوعي" في حال الرغبة بمُواجهة مرشّح "الحزب"، لأنّ خوضها المعركة مُباشرة تحت عنوان سياسي نتيجته الفشل حتمًا.
في الخُلاصة، من الصَعب جدًا التسلّل إلى المقعد الشيعي الشاغر في صُور، خصوصًا أنّه من المُتوقّع أن يُوجّه أمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصر الله، عشيّة الإنتخابات، دعوة للناخبين للتصويت الكثيف، كتعبير عن إظهار الولاء لخط "المُقاومة". ومن شأن هذا الأمر أن يجعل أيّ رهان على كسب المقعد الشاغر، صعبًا جدًا –حتى لو جرت هذه المُحاولة تحت الستار المعيشي والحياتي وليس السياسي.