أتى بيان السفارة الأميركية في بيروت والذي بدا ملفتا جدا بالتوقيت والشكل والمضمون بنتائج عكسية، خلافا لما توقعه كثيرون لجهة أنه تم ربط الأزمة اللبنانية بأزمات المنطقة، ما سيؤدي حتما لدخولنا في نفق مظلم طويل وهو ما سيهدد بتطيير الحكومة.
فقد استنفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري بمحاولة لعقد جلسة لمجلس الوزراء خلال الساعات المقبلة، ووكلا مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم التواصل مع الفرقاء المعنيين لوضع اللمسات الأخيرة على المخرج، الذي من شأنه ان يجنب الحكومة اي انفجار من داخله، وهو ما كان يخشاه رئيسها طوال الفترة الماضية.
وكشفت مصادر مقربة من حزب الله ان "رئيس الجمهورية كان أصلا ينتظر عودة الحريري من سفره ليبت معه الموضوع ويحسمه قبل عيد الأضحى، وقد جاء بيان السفارة الاميركية الذي يعد تدخلا سافرا بالشؤون اللبنانية ليزيد قناعة الرئيس عون بأن الموضوع لم يعد يحتمل اي نوع من المماطلة"، واشارت المصادر الى أنه "بعد ان كان الصراع يتخذ منحى درزيا–درزيا، تحول درزيا–مسيحيا ما فاقم مخاوف رئيس الجمهورية التي بلغت ذروتها مع دخول الاميركيين على الخط".
وأوضحت المصادر أن الحل الذي يتم التداول به يقضي بأن "يطرح الرئيس عون حادثة قبرشمون من خارج جدول الاعمال ويشدد على انها أخذت مسارها القضائي من دون ان يدعو للتصويت لاحالتها الى المجلس العدلي". وفيما يبدو هذا السيناريو مخرجا مناسبا لفريقي الصراع اي رئيس "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال ارسلان، الا ان المصادر المقربة من الحزب اعتبرته بمثابة "خسارة مدوية لجنبلاط الذي كان يحاول تضخيم المشكل السياسي في البلد وحث الحريري على التكاتف معه لضرب عهد الرئيس عون".
من جهتها، أشارت مصادر مقربة من الرئيس عون الى ان اتصالات مكثفة تجري حاليا لتعبيد الطريق امام عقد جلسة لمجلس الوزراء بين يومي الجمعة والسبت وقبل سفر الحريري الى واشنطن، معربة عن املها في ان تنسحب الاجواء الايجابية التي كانت مسيطرة خلال لقاء عون–الحريري على المشاورات التي يتولاها حاليا اللواء عباس ابراهيم.
ويلتزم أكثر من مرجع سياسي التكتم في التعامل مع المستجدات خوفا من ان يؤدي التداول بالمخارج عبر وسائل الاعلام الى اجهاض الطبخة الجديدة، في وقت لا يتردد احد المصادر بالحديث عن ايجابية مصطنعة قد يكون البعض يحاول اشاعتها قبل عيد الأضحى للتخفيف قليلا من تشاؤم اللبنانيين الذي بلغ ذروته مع بيان السفارة الاميركية الذي اوحى ان الامور خرجت من ايدينا وبات حلها مرتبطا بحلول المنطقة. فهل تنجح هذه المرة مساعي اللواء ابراهيم المدعومة بقوة من رئيسي الجمهورية والحكومة ام يتم اجهاضها مجددا لتعنت أحد الفرقاء داخليا او تدخل جهات خارجية لتنفيذ اجندات معينة؟!.