يرتكز الإيمان المسيحيّ منذ القرون الأولى في تكريم والدة الإله (إن من الصلوات أو الكتابات أو الجداريات) على الحدث الإلهي الخلاصيّ ككلّ، وبالتالي لا يوجد فصل بين الحدث الإلهيّ كوالدة الإله وتكريمها.
ويمكن تلخيص هذا التكريم بثلاث نقاط أساسيّة:
١-حريّة قبولها، أي أنّها عندما سألها الملاك جبرائيل في البشارة، قالت نعم بملء حرّيتها وإرادتها. وقبلت بقرارها أن يتجسّد الرّبّ يسوع المسيح في أحشائها.
٢-لوالدة الإله التكريم وليس العبادة، لأنّها هي من قالت: "تعظّم نفسي الرّب، وتبتهج روحي بالله مخلّصي". (لوقا ١:٤٦-٤٧)، ونحن بدورنا نقول مع أليصابات: "فمِن أين لي هذا أن تأتي أمُّ رَبِّي إليَّ(لوقا٤٣:١)Mήτηρ τοῦ Κυρίου . فيأتي تكريمنا لها مطابقًا لتكملة الآية نفسها: "لأنّه نظر إلى اتّضاع أمته. فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تُطوّبُني"(لوقا٤٨:١).
٣-العلاقة مع مريم العذراء منبثقة من التجسّد (عيد البشارة)، وبالتالي هي تمثّل اللقاء السماوي–البشري الذي حدث في البشارة. وبما أنّه من خلالها حدث هذا اللقاء السماويّ-الأرضيّ، وبما أنّ الرّبّ يسوع المسيح قال: "من أمن بي وإن مات فسيحيا"(يو ٢٥:١١)، فإنّه حين رقدت العذراء لم تمت بل نقلها الله إليه.
فقانون الإيمان الذي وُضع القسِم الأوّل منه في المجمع المسكوني الأوّل عام ٣٢٥م لم يذكر كلمة موت بل قال: "صُلِبَ عنّا على عهد بيلاطس البنطي، وتألَّمَ وقُبِر وقام في اليوم الثالث"، لأنّ الرّب يسوع المسيح المتجسّد (المتأنِس) "من الروح القدس ومن مريم العذراء"، هو الإله الكامل والإنسان الكامل، وهو مات بطبيعته البشريّة لكن طبعًا بطبيعته الإلهيّة لم يمت، والمسيحيّة هي قياميّة.
لذلك فالعذراء مريم حين رقدت فالله هو من أقامها إليه وليست هي من انتقل بقدرتها، لذلك يُدعى عيد الرقاد.
وتُمثّل والدة الإله لنا جميعًا مَسارًا وطريقًا حيًّا: "كلّ إنسان يتمثّل بسيرة العذراء مريم ويقول "نعم" للرّب فهو عندما يرقد ينقله الله إليه". فهذا العيد هو عيد انتصار المؤمن على الموت، فالله أظهر لنا من خلال رقاد العذراء: "أنّني لست أنا فقط من قام من بين الأموات، بل أنّني أقمت الإنسان إليّ لأنّ مريم العذراء هي إنسان كامل ونحن نستطيع أن نتمثّل بها".