في سياق زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، استوقف الكثير من المراقبين حديث رئيس الحكومة سعد الحريري عن الإستعداد للانتقال نحو تنفيذ البند العاشر من القرار 1701، الذي ينص على الانتقال من حالة وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل إلى حالة وقف دائم لإطلاق النار، الأمر الذي طرحت حوله الكثير من علامات الإستفهام، خصوصاً بالنسبة إلى توقيته.
حتى الساعة لم يصدر أيّ تعليق رسمي حول هذا الموقف، لا سيما من جانب "حزب الله"، لكن الأكيد أيّ تحول من هذا النوع من المفترض أن يبحث على طاولة مجلس الوزراء، مع العلم أن هذا الأمر يُطرح للمرة الأولى منذ تاريخ إنتهاء عدوان تموز من العام 2006.
في هذا السياق، يوضح الخبير العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط، في حديث لـ"النشرة"، أن الجانب اللبناني في ذلك الوقت كان يطالب بأن يتضمن الإتفاق وقفاً لإطلاق النار، إلا أن كلاًّ من تل أبيب وواشنطن كانا يرفضان ذلك، وأصرا على أن ينص القرار على وقف الأعمال العدائيّة فقط.
ويشير حطيط إلى أن السبب في هذا الموقف الأميركي–الإسرائيلي هو نفسي وقانوني، في حال كانت تل أبيب راغبة بالقيام بأيّ عدوان جديد، لأنّ الواقع الحالي يعني إستئناف لحرب سابقة من جهة، وحينها كان الحديث عن وقف إطلاق النار يعني إنهاء إسرائيل الحرب من دون تحقيق الأهداف، لكن اليوم بعد التحوّلات التي حصلت على مستوى ميزان القوّة، لم تعد تل أبيب تفكر بالحرب على لبنان بسبب التعقيدات القائمة، وبالتالي ليس هناك ما يمنع موافقتها على الإنتقال من حالة وقف الأعمال العدائيّة إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وعلى الرغم من ان الكثير من المعطيات تبحث حول نتائج زيارة رئيس الحكومة إلى الولايات المتحدة، لا سيما أن "حزب الله" كان العنوان الأبرز فيها، خصوصاً لجهة العقوبات المفروضة من جانب واشنطن، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن طرح الحريري قد يكون من نتائج المناقشات التي حصلت في العاصمة الأميركية، في ظل الأجواء عن إعادة النظر في صلاحيّات قوات الطوارئ الدوليّة العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل".
وفي حين تلفت إلى أن هذا الواقع كان يعتبر السلبيّة الأبرز التي يتضمنها القرار 1701، نظراً إلى أنّ تل أبيب من الممكن أن تأخذ من هذه الفقرة عذراً للقيام بأعمال عدوانيّة ضد لبنان، أو الإستمرار في خروقاتها للسيادة، ترى أن الحريري قد يكون عمد إلى إستغلال هذا الواقع من أجل طرح هذه المسألة، التي تؤكد أنها تصبّ في مصلحة لبنان لا العكس، لناحية الإرتقاء في الوضع القانوني من حالة إلى أخرى، وتؤكد بأن "حزب الله" لن يكون منزعجاً من هذا الأمر، خصوصاً أنه موقف إيجابي في حال تحقيقه، لا سيما أن الواقع الراهن يعني أن الحرب لا تزال قائمة، بالرغم من الهدوء على الجبهات القتالية.
إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر نفسها أن السؤال من المفترض أن يكون حول مدى جهوزية إسرائيل اليوم على الموافقة على هذا التحول، في الوقت الراهن، في ظل التهديدات التي تطلقها بين الحين والآخر، لكنها تشير إلى أن لا شيء يمنع بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم، في حال كان موقفها سلبي.
في المحصلة، كل ما يُطرح اليوم، على مستوى الصراع مع إسرائيل، يثير حوله علامات الإستفهام، نظراً إلى التوقيت المرتبط بمفاوضات ترسيم الحدود وسعي الولايات المتحدة لتنفيذ خطتها للسلام أو ما يعرف بـ"صفقة القرن"، خصوصا أن البعض يضع كل ذلك في سياق إبعاد لبنان عن أحداث المنطقة.