على غرار المثل القائل "عند الإمتحان يُكرم المرء أو يهان"،
بالإمكان القول: "عند التصنيف يُكرم لبنان أو يُهان".
***
ليست المرة الأولى التي يجري فيها تصنيف للبنان من وكالات التصنيف الائتماني، فهذا النوع من التصنيف يجري كل ستة أشهر، وليست وكالة "ستاندرد أند بورز" وحدها هي الوكالة التي تُجري التصنيف بل هناك وكالتان أخريان تقومان بهذا التصنيف أيضًا وهي "موديز" و"فيتش"، "فما عدا مما بدا" ليكون الإهتمام هذه المرة مبالغًا فيه؟
الإهتمام هذه المرة لأن وكالات التصنيف الإئتمانية راقبت الوضع اللبناني جيدًا منذ مؤتمر "سيدر" في نيسان 2018 ودرست كيفية إعطاء لبنان قروضًا بقيمة عشرة مليارات دولار، وكيف سيكونُ بإمكانه سدادها بالإضافةِ إلى سداد فوائد المئة مليار دولار دينًا، فإذا كان قادرًا على السدادِ، أُبقي على درجة التصنيف التي هو عليها أي B-، أما إذا كان غير قادرٍ على السدادِ فإنه سيهبطُ إلى تصنيف CCC-.
***
من دون لفّ ودوران، الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية وليس في ملعب وكالات التصنيف الإئتماني.
لسانُ حال وكالات التصنيف يقول: "لبنان لديه ديونٌ ويطلب قروضًا، فهل سيستطيع سدادها؟ إذا كان الجواب نعم. كيف ومتى؟ وإذا كان الجواب لا، فهناك إجراءات".
من الإجراءات، التوقفُ عن إقراض لبنان، أو على الاقل إقراضه بفوائدَ مرتفعة.
هذه هي الصورة من دون زيادةٍ أو نقصان، وفي ما عدا ذلك من الأمنيات والتمنيات.
***
بانتظار جلاء عاصفة التقرير، نأمل ان تحسن الدولة إدارة هذه الرياح أيا كانت نوعيتها، فتبادر انطلاقاً من جلسات مجلس الوزراء المتتالية الى المباشرة بورشة الإصلاح الاقتصادي، في ضوء ورقة العمل التي خرج بها لقاء بعبدا الأخير، مستفيدة من إعادة ترتيب الجلسات بعد صراع المصالح والتنازع على الصلاحيات.
***
بصرف النظر عما سيحمله تقرير "ستاندرد اند بورز"، سواء أكان سلبياً أم أبقى تصنيف لبنان على ما هو عليه، فيجب ان يُشكّلَ حافزاً للحكومة ولكل القوى السياسية أن يعودوا الى العمل كفريق عملٍ متكاملٍ ومتضامنٍ وبأقصى اندفاعه لإخراج لبنان من دائرة الخطر، وتحسين الوضع الاقتصادي والمالي ولإعطاء انطباع إيجابي عن لبنان في الخارج، وإعادة الثقة بالدولة اللبنانية.
***
وفق المعطيات التي ستتأكد في الساعات القريبة المقبلة، فإن "ستاندرد اند بورز" ستعطي لبنان مهلة ستةِ أشهرٍ لتحسين وضعه، في حين ان المؤسستين الأخريين، (فيتش وموديز)، لا تزال المعلومات الواردة حول اتجاههما غير واضحة، وان كان يسودها بعض التحفظ تجاه ما ستصدره في الأيام القليلة المقبلة.
***
هل الحكومة جادة في خطواتها، بإيعاز مباشر من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يعكفُ يوميًا في قصر بيت الدين على عقد اجتماعات مطولة مع فريق عمله الإقتصادي لتحديد التشخيص الحقيقي للمشكلة والخروج بالمعالجات الناجعة.
كما أن وزير الخارجية جبران باسيل يعكف على درس كل الخطوات المطلوبة ويعقد الإجتماعات المتلاحقة، وهو لهذه الغاية التقى رئيس الحكومة سعد
الحريري، وكانت جولة في معظم الملفات: من الإجراءات المطلوب اتخاذها إلى ملف التعيينات الذي وُضع على النار.
أعتقد ان القطوع الثاني سيمرّ لستة أشهر لا غير، آملين ان هذه الفترة تكون، وللمرة الأولى، لخدمة الوطن والمواطن.