صحيح أن مجلس الوزراء لم يرضخ للضغوط التي يمارسها بيار وموسى فتوش على الدولة اللبنانية، إذ قرّر في جلسته الأخيرة التي إنعقدت في بيت الدين، تكليف مكتب محاماة للدفاع عن الدولة اللبنانيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك رداً على الرسائل التي وردت الى وزارة المال من مكتب محاماة أميركي بوكالته عن بيار وموسى فتوش، وفيها عرض على الدولة للدخول بتسوية حيال المبالغ المحكوم بها للأخوين فتوش كعطل وضرر عن إقفال كسارات لهما عام ٢٠٠٥ في عين داره، ولكن ما هو أبرز من عدم الرضوخ هذا، كانت المواجهة التي يبدو أن "التيار الوطني الحر" قد إختارها للتعاطي مع الأخوين فتوش. ففي الوقت الذي تحدثت فيه رسائل مكتب المحاماة الأميركي عن أنّ الدولة اللبنانيّة يجب أن تدفع للسيدين فتوش تعويضاً قيمته 219 مليون دولار اضافة الى تسعة في المئة فائدة وواحد في المئة غرامة اكراهيّة، وذلك تفاديا لاتّخاذ اجراءات قانونيّة وشيكة في الولايات المتحدة الأميركيّة ضد الدولة اللبنانيّة، كشف مصدر وزاري بارز عن أنّ رئيس التيار وزير الخارجيّة جبران باسيل إقترح على الحكومة خطّة لمواجهة "ما يرتكبه بيار وموسى فتوش بحق لبنانّ. خطّة رفع فيها سقف التحدّي الى أعلى المستويات وبنودها:
أولاً-تقديم شكوى جنائيّة بحقّ الأخوين فتوش نظراً لتعرضهما للسيادة اللبنانية.
ثانياً-تحويل قرار مجلس شورى الدولة الذي أعطى لآل فتوش التعويض المذكور أعلاه على التفتيش القضائي، خصوصاً أنّ وزير العدل الحالي ألبير سرحان كان عضواً في غرفة شورى الدولة التي أصدرت القرار وصوّت ضد التعويض لآل فتوش.
ثالثاً-تكليف وزارة البيئة بإجراء دراسة أثر بيئي لمعرفة ما هو حجم الخسائر التي لحقت بالدولة من جرّاء كسارات آل فتوش في عين داره وتحميلهما دفع قيمة هذه الأضرار.
رابعا-مطالبة وزارة المال بتكليف آل فتوش بالضرائب غير المدفوعة عن كسّارات عين داره، ليس فقط عن السنوات التي تلت العام ٢٠٠٥ بل أيضاً مع المفعول الرجعي المترتّب عن الفترة التي سبقت إقفال الكسّارات.
رفع سقف المواجهة مع آل فتوش لم تقتصر برتقالياً على الوزير باسيل، فوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، ورداً على تهديد مكتب المحاماة في رسائله بالحجز على سندات اليورو بوند إذا لم تدفع الدولة اللبنانيّة التعويض لآل فتوش، قال خلال الجلسة إن عمليّة الحجز غير واردة قانونياً كون السندات المذكورة هي أموال سيّادية، وهنا يقول المصدر الوزاري "لقد إعتبر جريصاتي في مداخلته أنّ ما يرتكبه الأخوان فتوش هو جريمة تمسّ الموجودات السّيادية وبالتالي يجب معاقبتهما على ما يقومان به.
لو صدر هذا الكلام عن وزير إشتراكي أو قوّاتي على خلاف سياسي مع فتّوش لكان الأمر أكثر من طبيعي، ولكن أن نسمع ما ورد أعلاه على لسان باسيل وجريصاتي المحسوب على رئيس الجمهورية وصديق حزب الله حليف فتوش، فهذا يعني أنّ المواجهة فتحت بين التيار الوطني الحر وفتوش، ولم يعد هناك من مجال للتراجع أو التسوية، حتى لو حاول حزب الله التدخل لإنقاذ حليفه الزحلي.