لم يُقنع البيان الذي صدر عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعيد اتمام مجلس الوزراء تعيين الأعضاء الـ5 المتبقين من المجلس الدستوري، وما ورد فيه من تبرير لعدم التمسك بالاتفاق الّذي حصل لجهة ترك أمر تعيين عضو ماروني ثانٍ لحزب "القوات"، القيادة القواتيّة التي تبدو مستاءة جدا مما آلت اليه الأمور. وبالرغم من أنّ حجم استيائها من رئيس الحكومة سعد الحريري يفوق حجمه من رئيس البرلمان، الا ان ما تقول انه حلف الحريري–باسيل ومقتضياته والقائم برأيها على تبادل المصالح، قد يجعل موقف رئيس "المستقبل" مفهوما، بعكس موقف رئيس "أمل" الذي لا تجد له أي تبرير مقنع.
وكان برّي أكد في بيان سابق انه بالفعل حصل إتفاق في المجلس النيابي عند إنتخاب القسم الأول من أعضاء المجلس الدستوري ليكون الماروني الثاني من حصّة "القوّات"، "وقبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حاولتُ تنفيذ هذا الإتفاق العام فلم أستطع لتراجع الآخرين عنه، فطلبت من القوّات إختيار مسيحي آخر، الأمر الذي لم يقدم عليه في مجلس الوزراء".
وتعتبر مصادر "القوات" انّ موقف بري ووزراء كتلته لم يكن على المستوى المطلوب، "اذ كنا نأمل منه الالتزام بوعده، والبيان الذي صدر عنه لم يقنعنا، خاصة وانه أقدم على رمي كرة المسؤوليّة في ملعب الحريري والقول ضمنا ان تصويت وزراؤه الى جانبنا لم يكن ليقدّم او يؤخر". وتضيف المصادر: "بالعكس تماما، لو التزم بري بالاتفاق، لكانت لدينا فرصة فرملة ما تبقّى من تعيينات أعضاء المجلس الدستوري، باعتبار ان موقفنا كوزراء قوّات واشتراكي يضاف الينا وزراء أمل ووزير المردة كان سيسمح بالحصول على 10 أصوات وفي حال كان هناك غياب كنّا عطلنا تمرير التعيينات".
وتتساءل المصادر: "في حال كانت الأمور محسومة برأي بري، هل كان أيضا يتوجب على الحزب "التقدمي الاشتراكي" القيام بالمثل والتصويت مع الفريق الآخر؟ أم ان هناك موقفا مبدئيا والاتّفاق كان يجب ان يلتزم به الجميع دون استثناء، فاذا بالاشتراكيين حصرا يقفون الى جانبنا"!.
وترى المصادر القواتّية، انه "لو تمسك بري بموقفه وبالاتفاق، كان الحريري ليشعر بضغوط كبيرة تجعله يعدّ للمئة قبل القيام بما قام به، لكن للأسف الجميع خضع لمنطق الابتزاز والامر الواقع والفوقيّة الذي فرضه رئيس التيّار الوطني الحر وزير الخارجيّة جبران باسيل بدل اتخاذ قرار المواجهة".
وتحاول القيادة القواتّية التخفيف من وقع "الخيانة" التي حصلت و"الانقلاب" الذي كانت ضحيّته بالحديث عن قدرتها على "تعرية الجميع مرّة جديدة وبخاصة إظهار باسيل كمتراجع عن تعهداته واتفاقاته بتكرار لتجربة اتّفاق معراب، ما يوجب على كل الفرقاء والقوى ان يعدّوا للمئة قبل وضع يدهم بيده مرّة جديدة".
وقد اتّخذ القواتيون كما غيرهم من الفرقاء قرارا بالسير بالتحالفات "على القطعة"، وان كان الحلف مع الحزب "التقدّمي الاشتراكي" يبدو الاكثر متانة. وفي هذا المجال تقول المصادر: "نحن لسنا فريقا او حالة صغيرة كي نحاول التمسّك بتحالف ما رغم عدم اقتناعنا به، نحن عبارة عن كتلة من 15 نائب و 4 وزراء، أضِف أنّ الاصوات التفضيليّة في الانتخابات النيابيّة الأخيرة أظهرت أننا جزءا من ثنائية مسيحيّة حقيقية، والكل يحتاجنا. نحن لسنا طرفا هامشيا بالحياة السياسية بل طرفا أساسيا، ولعل أفضل مثال على ذلك ان رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون اضطر ان يمرّ عبرنا كي يصل الى قصر بعبدا".
فهل أصبح القواتّيون والاشتراكيون وحيدين بالمواجهة مع الحريري–باسيل وهل سير بري بالتعيينات الأخيرة هي كمؤشّر لقراره الانحياز الى المعسكر الثاني بعد أن كان حامي المعسكر الأول؟ ام انّه يتبع سياسة ضربة عالحافر وأخرى عالمسمار حفاظا على دوره المحوري كدينامو الحياة السياسية؟!.