السؤال الكبير الذي يطرحه كل لبناني على نفسه هو:
ماذا بعد التصنيف الإئتماني للبنان من قبل وكالتي "ستاندرد أند بورز" و"فيتش"؟ وهل لبنان قادر على تجاوز أزمة التصنيف السلبي؟
تتعدد الآراء والأجوبة في هذا المجال، وهي لا تقتصر على اتجاه واحد في الأجوبة، بل تتعدَّد، لكن العبرة تبقى في الأجوبة العلمية الموثوقة التي يقدِّمها خبراء ومتخصصون يكونون على مستوى كلمتهم ويتحمّلون مسؤولية ما يقولون.
وكثُرت الأسئلة إنطلاقًا من بدء العمل في الأسواق المالية مع مطلع الأسبوع ورصد ما إذا كانت هذه الأسواق ستتأثر بما صدر في التقارير. لكن الأجوبة المطمئنة توالت، ومن أبرزها ما قاله المصرفيُ والإقتصاديُ المحاضر في جامعة هارفرد الوزيرُ السابقُ مروان خيرالدين الذي لا يتوقع أن يكون هناك ضغط اقتصادي لا يستطيع لبنان تحمُّله"، مشيرًا الى أن "الأسواق المالية أخذت التصنيفات بعين الإعتبار".
وما كشفة مروان خير الدين أن الجميع كان يعلم أن "ستاندرد اند بورز" ستقوم بتخفيض تصنيف لبنان ولكن الاسواق ستكون مطمئنة، وأشار الى ان "ما يهم أن كل ما يتعلق بالتصنيف سبق ان حصل، فإن لبنان اعتاد التصنيف السلبي منذ عشرات السنين فالـ B- مثل الـ CCC""، مؤكداً أن "لا خوف على المصارف ولا المودعين ولا على الليرة".
***
ويُطرَح السؤال في موضوع ملكية سندات اليوروبوند، فيكشفُ ان هناك سندات بحوالى الـ 3 مليار دولار غير مملوكة من مؤسسات لبنانية، كلّ مَن تأثر بالتصنيف يعرض السندات، ما يؤدي الى انخفاض سعرها، ولكن هذا لا يؤثر على لبنان، بل يؤثر على البائع وعلى الشاري.
***
هذا عن السندات، فماذا عن السيولة والودائع والديون؟
يضيف: الجزء الأكبر من الدين العام يعود إلى المصارف اللبنانيّة وإلى المصرف المركزي، إضافة إلى مُستثمرين لبنانيّين، الأمرُ الذي يُقلّل من المخاطر التي تنجمُ عادة من ضُغوط مصادرِ التمويل الخارجيّة.
أما عن سعر صرف الليرة وتأثرها بالتقلبات والتصنيفات؟
الودائع بالدولار نسبتها 71,5% من إجمالي كل الودائع، وهي أعلى نسبة منذ 10 سنوات حتى اليوم. وهذا الأمر يعني في المفهوم الإقتصادي، عدم قُدرة المُودعين بالليرة اللبنانيّة على قلب مَوازين قيمة صرف العملة حاليًا، حتى لو قاموا، لسبب من الأسباب، بالتوجّه إلى المَصارف وبتحويل أموالهم بشكل مُفاجئ إلى الدولار.
***
هذه معطياتٌ قيّمةٌ مطمئنةٌ، ولكنها تحتاج إلى جدّية ومثابرة في المتابعة، والتي ستكون من خلال "طاولة حوار إقتصادية" إذا صحّ التعبير، سيدعو اليها رئيس الجمهورية الإثنين المقبل في 2 أيلول بمشاركة رؤساء الكتل الممثلة في مجلس النواب. فهل يصل المجتمعون إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية سريعة من أجل وضع خريطة طريق انقاذية قبل فوات الأوان؟
بصراحة، لم يعد المعنيون يملكون ترف الوقت. وهذا الاجراءُ بات أكثر من مُلح. وفي الموازاة،هل يتوقف الإنفاق القائم منذ زمن طويل على قواعد متفلتة تتيح هدر المال العام وتنهك الخزينة بصرف غير مدروس؟
***
كل هذا العمل، إذا تحققَ، سيكون من شأنه تحسين نظرة وكالات التصنيف الى لبنان. فالمسألة لا تحتاج سوى إلى تأكيد قدرة الحكومة اللبنانية على تحسين ثقة المستثمرين الأجانب بشكل ملحوظ من خلال اتخاذ خطوات موثوقة لتنفيذ خطط الإصلاح المالي.
فهل يملك المسؤولون جرأة الإقدام؟