يبدو حزب الله ممتنا وسعيدا جدا بالموقف اللبناني الرسمي من الخرق الاسرائيلي لضاحية بيروت الجنوبية بالطائرات المسيّرة وبالأخص بما يعتبره التفافا حوله للردّ على الخرق. واذا كان موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متوقعا وان لم يكن بالحزم الذي اعتُمد، فلا شك ان موقف رئيس الحكومة سعد الحريري وبشكل خاص البيان الصادر عن المجلس الأعلى للدفاع، هما اللذان شكلا المفاجأة الأكبر للحزب الذي يتفرّغ اليوم لتحديد شكل وتوقيت وموقع الرد من دون أن يكون عليه أن يقلق من تداعيات أيّ ردّة فعل من قبله على الاستقرار السياسي اللبناني الذي يوليه منذ فترة أهميّة قصوى.
وتصف مصادر حزب الله الموقف اللبناني الرسمي بـ"الوطني والممتاز" لافتة الى ان ما عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بشكل خاص يستحق الاشادة والتنويه. وتذهب المصادر أبعد من ذلك بالحديث عن "بيئة ممتازة تعطي المقاومة شرعيّة الرد"، معتبرة أن "الاحتضان الشعبي والسياسي والحزبي والرسمي والاقرار بحق المقاومة بالردّ غير مسبوق وقد يكون الأفضل وعلى كل المقاييس ولا يقارن بما كان عليه في العام 2006".
وقد كان حزب الله يتوقّع لا شك دعما وبشكل خاص من الرئيس عون لموقفه ولاستحالة تمرير ما حصل من دون رد، الا انّ هناك بمضمون موقف عون ما لم يكن يتوقّعه لا سيّما وان ذلك تلا مباشرة موقفًا مفاجئا آخر من الرئاسة الاولى بموضوع الاستراتيجيّة الدفاعيّة، جاء منسجما تماما مع موقف حزب الله. ما يمهّد بحسب مقربين من الحزب لاعتماد مقاربة جديدة في أيّ حوار مرتقب حول الاستراتيجيّة، هذا الحوار الذي يبدو مستبعدا تماما في المرحلة الراهنة، حتى باقرار من ألدّ اعداء الحزب في الداخل اللبناني.
واذا كان حزبا "القوات" و"الكتائب" الوحيدان اللذان وجها انتقادات بعضها مباشر وبعضها غير مباشر لموقف الدولة الذي بدا برأيهما منحازا تماما لموقف حزب الله، الا انهما لم يلجآ الى تصعيد اللهجة كما كانا يفعلان في الفترات الماضية، لعلمهما على الأرجح بأن الظروف الداخليّة لا تعطيهما هامشا واسعا للتحرك، خاصة بعد موقف رئيس الحكومة سعد الحريري وبالتحديد خلال جلسة مجلس الوزراء الّتي جاءت بعد الاعتداء.
وبعكس من يتحدث عن تحوّل استراتيجي بالموقف اللبناني الرسمي من موضوع حزب الله وبخاصة من قبل الحريري، يرى رئيس مركز "الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري–انيجما" رياض قهوجي أن الموقف اللبناني الرسمي "قد يظهر موحدا امام المجتمع الدولي وامام بعض الداخل اللبناني، الا انّ غايات الفرقاء تختلف تماما، فرئيس الحكومة مثلا وما يسمى بقوى 14 آذار يحاولون من خلال موقفهم المعترض على ما قامت به اسرائيل القول بأن الحكومة هي التي تمثل لبنان لا حزب الله، وبأنها ممسكة بزمام الوضع ومستاءة مما حصل وتعتبر ان لها حقّ الردّ على الاعتداء، وهو ما يحاول بالمقابل ان يقوم به حزب الله من خلال القول انه هو المايسترو، ولعل ذلك ما أنتج موقف لبنانيا موحدا بالشكل". ويضيف قهوجي: "الا ان ما لا بحث فيه، ان الحزب هو الممسك بقرار الحرب والسلم وبأنه متى قرّر الردّ لن يستشير الحكومة تماما كما حصل في حرب تموز، ما يرسّخ حقيقة غياب ايّ دور فعلي للدولة بصياغة قرارات من هذا النوع ويحصر مهامها بالدعوة للتقيّد بالقرارات الدولية".
فهل نحن حقيقة على أبواب مرحلة جديدة تتبنى فيها الدولة حالة حزب الله ككل، وكيف سيتجلى ذلك في النصوص؟ أم اننا في مجرد حالة تقاطع مصالح تُظهّر صورة غير موجودة فعليا؟!.