اشار نائب رئيس المكتب السياسي لحركة امل الشيخ حسن المصري الى ان "التاريخ البشري يزخر بالمعارك والصراعات كما انه هناك الكثير من القادة الذين دعوا الى تحقيق اهدافهم وطموحاتهم ومشاريعهم، هؤلاء القادة او الشخصيات لهم مواقعهم ومكانتهم عند شعوبهم وعند غيرهم، ولكن هذا الرابط بين القادة وشعوبهم لم يدم طويلا ان لم نقل انه انقطع بعد رحيلهم مباشرة، وهذا ملفت للنظر والاكثر التفاتا منه اننا نادرا ما وجدنا امة اسهمت بنهج قادتها اسهاما مستقبليا او تواصلا مع الماضي، وان حصل شيء من هذا فهو لفترة زمينة محدودة وجد ضعيفة، ولكننا مع صاحب هذه الذكرى الامام الحسين يختلف المشهد اختلافا كبيرا، فمنذ اليوم الاول للشهادة الكبرى بدات عملية الثورة والتواصل مع مبادىء الامام الشهيد واخذت منحاها المستقيم نحو تحقيق الاهداف الموصلة الى خريطة الطريق الموصلة الى نجاح المسعى. ولاننا كاعضاء فاعلين في المجتمع وكخلفاء لله في الارض بدأت معنا عملية الاشراف على التاريخ متنبئين بمستقبل فاعل انطلاقا من حاضر واحد، نتواصل مع ثورة الامام الحسين حفيد رسول الله في كل مناحي حياة الثورة، ندخلها في كل زمان ومكان نستشرف من خلالها الاتي المشرق لاننا بذلك نواكب معركة الحق ضد الباطل ولن يتوقف هذا الامر، وبهذا يصبح الانسان التاريخ والجغرافيا في اوسع مكان".
واشار خلال إحياء الليلة الثانية من محرم في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، "مع الامام الحسين ندرك معنى اخرا وبعدا جديدا، كم هو كبير الانسان في نظر الامام الحسين وفي نظر ثورته وهو يذخر بالطاقات، فلقد كانت الاديان التي نحياها اليوم دينا واحدا ،ان الدين عند الله الاسلام لان الهدف عبادة الله الواحد الاحد، ومن خلاله الاهتمام بالانسان، لقد كان واضحا ان المعسكرين في كربلاء كانا مختلفين امام المراسلين والحضور، كان ينبعث من خيم الامام الحسين واهله واصحابه التبتل والتضرع الى الله والتسبيح والتكبير والخشوع لله سبحانه، ويصدر عن المعسكر الاخر الاموي رائحة الخمر واصوات الغناء والفحش والانحلال الخلقي. معسكران متناقضان احدهما يتوجه الى الله والاخر يتوجه الى الشيطان، خطان متوازيان، احدهما ينطلق من محمد ليصل الى الله واخر ينطلق من ابي سفيان ليصل الى استاذه الشيطان. معسكر همه الانسان ببعده الوجودي والاخلاقي والقيمي، ومعسكر همه السلطان والركوب على اكتاف الفقراء، ولا يهمه قتل من قتل وذبح من ذبح، اذ كان اخر همهم هو الانسان لان قائدهم ملاعب للقردة وهمه الشراب والمنكر وشعاره الاكبر دع المساجد للعباد تسكنها وقف على دكة الخمار واسقينا ، ماقال ربك ويل للأولى شربوا بل قال ويل للمصلين.
واردف الشيخ المصري "كان باستطاعة الامام الحسين ان يحيا الحياة الطبيعية مع اهله منعما ومرفها فيترك الناس وشأنهم الذين كانوا عرضة للظلم في زمانه، وللظلم الاموي المتحكم برقاب العباد. كان باستطاعة الحسين ان يقول الله الله في نفسي وعيالي واهلي، وكان يعطى ما يريد فقط ليسكت عما يجري وله ما يشاء، ولكنه ابن محمد وعلي والزهراء الذين الوا على انفسهم ان تبقى جذوة الايمان مشتعلة في ضمائر الامة، وان يبقى ذكر الله مسيطرا على مجالس المسلمين، وان يعرف الحكام ان الانسان ليس عرضة للبيع والشراء وليس سلما يرتقي عليه السلطان من اجل سلطانه، هكذا تعرفنا على مدرسة الامام الشهيد الذي افتتح صفوفها في كربلاء لتصبح ضاربة في عمق الزمان وفي كل مكان يأتي اليها كل مستضعف ومحروم ومظلوم لرفع الحيف والمظلومية عنه. هكذا نطل من خلال هذه المدرسة الى عمق الحياة الانسانية الى الاصلاح في امة جدي، انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، نطل على واقعنا المعاصر وكأن الحسين ينادينا تعالوا معي الى اوطانكم وابدأوا عملية التغيير وباشروا عملية الاصلاح في الحكم لينعم الانسان بالصلاح والحياة الكريمة، فاصلاح الحكم والمجتمع والنظام الاقتصادي والاداري من اهم اهداف الثورة الحسينية عند الامام الشهيد، لانه لا يؤمن بالله واليوم الاخر من بات شبعانا وجاره جائع، ولن يجوع هذا الجار الا بما ابطن به غيره وبما امتلآت به كروش الظالمين من مال الحرام. ومع اصلاح الحكم والاقتصاد والادراة ومنع الفساد الخلقي والاداري والاجتماعي فانه لا مجال ليكون بيننا انسان جائع او محروم او مستضعف".
واكد "ان التغيير نحو الافضل والعمل من اجل مستقبل زاهر اهم اهداف الثورة التي لم ينسها والتي لم يتخل عنها محبو قائدها الى يوم القيامة ،اذا مات الثوار الذين سبقوا الحسين ونسيهم اهلهم واتباعهم ، نحن لم ننس الامام الحسين ولن ننسى ثورته سنبقى متمسكين بهذه الثورة لانها سفينة النجاة التي توصلنا الى بر الامان، الذين يبكون على الحسين يبكون على انفسهم، نحن نبكي على انفسنا لاننا لم نكن موجودين في زمن هذا القائد من اجل نصرته ونصرة اهدافه حتى لا يكون مجال للظلم والطغيان والكفر والانحلال والانحراف، لانها ثورة عالمية لا تقف عند حدود دين او مذهب او جماعة، هي على مساحة الكرة الارضية من رجل الاصلاح لتكون دولة الله دولة الحق منتشرة وخالية من كل رجس وخداع وتكفير واعتداء على البشرية، ويكون العالم عالما جديدا وانسانا جديدا لكل منا دور اكيد في بنائه وعلو شأنه".
واشار الى "ان ما نراه اليوم من تكفير واغتصاب للارض والعرض في عالمنا العربي فهو مدعاة للحيرة والاسى، تغتصب ارض فلسطين بالمال العربي واليد العربية والانهزام العربي والتخاذل العربي المدروس مع الاسف الشديد، تهتك الحرمات بموافقة قادة عرب، تكفير يمزق بلادنا هنا لاهداف استعمارية ظالمة وتشقق في الصف الذي ينبغي ان يكون موحدا وموحدا للامة بحيث اصبحت اسرائيل صديقة بعض العرب وايران عدوة العرب، وهذا ما تخوف منه الامام المغيب السيد موسى الصدر عندما قال: اني اخشى ما اخشاه ان تتحول العداوات فيصبح الصديق عدوا والعدو صديقا، وقال ايضا: ان اخشى ما اخشاه ان يقسم المقسم ويجزأ المجزأ، فتصبح في منطقتنا دويلات صغيرة تكون اسرائيل بالنسبة اليهم دولة عظمى، كل منهم يحتاج لاسرائيل من اجل حمايتها، وهذا ما ارادوا ان يحققوه لولا ابناء الامام موسى الصدر، ابناء المقاومة الذين وضعوا حدا لغطرسة اسرائيل وحدا للظلم الزاحف الى من منطقتنا من اوروبا واميركا وازلامهم في هذه المنطقة، لولا هؤلاء لكان التكفير يعم ارض الاسلام ولجرتنا اسرائيل وجعلتنا تعليقة في اصبعها تاخذنا حيث تشاء، لولا ابناؤكم الذين وضعوا حدا لغطرسة اسرائيل وارغموا انف الجيش الذي لا يقهر وحافظوا على سوريا والعراق واليمن وعلى كل محور المقاومة الذي به يعتز الامام الحسين في ضريحه، وبه يبتسم ابو الفضل العباس في قبره حينما يرى ان الراية التي سقطت من يده في 61 للهجرة ما زالت مرتفعة على ارض لبنان وسوريا وايران والعراق واليمن. عندما يرى الحسين هؤلاء القادة الكبار الذين ضحوا بانفسهم من اجل ان يصل الينا الاسلام المحمدي الصادق الغير مزور على نصاعته، هؤلاء يفرحون حيث هم كاجساد في القبور وكارواح في اعلى جنان الله، هكذا نحن نتطلع الى ثورة الامام الحسين والى هذه النهضة التي نريدها ان تعم الكرة الارضية ليعود الدين عند الله الاسلام، وليكون الانبياء هدفهم العمل من اجل توحيد الاديان وتوحيد الانسان، لان توحيد الاديان مدعاة لتوحيد الانسان، هكذا نحن نتطلع الى هذه الثورة الحسينة العظيمة والتي نحياها في كل عام".
وتابع المصري "نقف على منبر الحسين لنستقي من تعاليمه وثورته لانها محطة وقود ايمانية، كما انك تملا سيارتك من محطة الوقود حتى تستطيع ان تسير بها، فاننا في كل عام نأتي الى الحسين نأتي لنملا خزانات قلوبنا ايمانا صافيا من محطة الحسين نستعين بها على ايامنا طوال العام، هكذا نحن نريد ان تكون الذكرى لكل المسلمين واللبنانيين ولكل بني الانسان مسلميهم ومسيحيهم. غاندي يقول: تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر، هذا الرجل الذي لا يعرف الحسين وجده ولا رب الحسين هو يتعلم من صاحب هذه الثورة لانها كالشمس الطالعة، طلعت منذ ملايين السنين وهي ما زالت، هي كالنهر الدافق الذي يتدفق منذ مئات السنين وما نزال نشرب من معينه، ثورة الحسين كهذه الامور المقدسة العظيمة، ولذا عندما نخاطب الامام الحسين ونتحدث عنه نتحدث عنه بلغة القائد الحالي كأنه بيننا عندما نقول له:يا سيد الشهداء قد عصف الاسى فينا يهدد بالمصير الاسود، فالناس قد هجروا الكتاب واصبحوا مستمسكين بمبدأ مستورد متخيلين بانهم يجديهم نفعا ويدفع كل ضر مفسد، فاذا بهم يجنون عكس مرادهم متجشمين عناء وضع مجهد، وتبددت امالهم وتضعضعت احوالهم بتخاصم وتشرد، عزفوا عن الشرع الحنيف فاخفقوا وغدوا اسارى في يد المستعبد، لم يعرفوا ان العقيدة جنة للمؤمنين ترد كيد الملحد حتى غزاهم في البيوت واصبحوا بين مقتول وبين مشرد، التجأوا الى ركن السماء ورددوا الله اكبر فوق كيد المعتدي، لا لن يفيد ولن يحقق مقصدا كلم الخطيب ولا قريض المنشد، ما لم نحقق ما نقول ونعتصم بالله بالاسلام نور المهتدي، يا امة الاسلام هل من يقظة للحق تكشف حيرة المتردد، قد آن ان ندع التخاصم جانبا ونسير صفا لاكتساب المقصد، ان التفرق موهن لنشاطنا والاجتماع يشد ازر المفرد، لن يفتكن بنا العدو لقلة لكن لطول تفرق وتبدد، فلنتحد صفا ونطرح فارقا لنصد عدوانا بعزم توحد ولنستعن بالله في اخلاصنا، بالله لا بالاجنبي الابعد، كنا اقلاء وكان عدونا جما ولم نغلب ولم نستنجد، في حين جندنا العقيدة جحفلا هز الوجود بعزمه المتوطد، فاستعلم التاريخ عن حملاتنا يخبرك عما ندعيه ونشهد، خضعت لنا الاعداء يوم خضوعنا لله رهن قداسة وتعبد، واليوم لم نرضخ لخالق مجدنا الماضي فدمنا للعدو الملحد".
وفي الختام، تلا السيد نصرات قشاقش السيرة الحسينية، وموسى الغول زيارة الامام الحسين.