رأت أوساط قريبة من "حزب الله"، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، أنّه "ليس أمرًا بسيطًا أن يتمكّن "الحزب" من ضرب آليّة إسرائيليّة قرب إحدى المستوطنات بصاروخي "كورنيت"، في وضح النهار ومن منطقة محاذية للحدود، على الرغم من المسح المستمرّ والمكثّف لطائرات الاستطلاع، والتدابير الإحترازيّة الّتي اتّخذها جيش الاحتلال منذ إعلان "حزب الله" نيّته الرد".
ولفتت إلى أنّ "المكمن كان علنيًّا ومنتظرًا، وحدوده الجغرافيّة محدّدة مسبقًا وهامشه الزمني متوقّع، ومع ذلك نجحت المقاومة في مباغتة القوّة المستهدفة، من غير أن تتعرّض القوّة المهاجمة لأيّ "خدش"، ما ينطوي على فشل استخباراتي فاقع للجانب الإسرائيلي".
وركّزت الأوساط على أنّ "الجيش الإسرائيلي المعروف بطابعه الهجومي والتوسعي، تحوّل على امتداد أسبوع كامل إلى جيش دفاعي ومنكفئ، بعدما غابت تحركاته عن طول الحدود مع لبنان خشية من الهجوم المنتظر، بحيث أنّ المقاومة احتاجت إلى وقت للعثورعلى هدف ملائم، الأمر الّذي تسبّب في تأخير الرد حتّى يوم أمس الأوّل".
أمّا بالنسبة إلى الحصيلة الاستراتيجيّة لـ"هجوم أفيفيم"، فأكّدت أنّ "الإصابة الأكثر إيلامًا الّتي حقّقها في الجسم الإسرائيلي تكمن في أنّه استطاع فرض معادلة "مطوّرة جينيًّا" على العدو، لا يفضي مفعولها إلى تثبيت قواعد الاشتباك فقط بل إلى تحسين شروطها الردعية كذلك، إذ انّه للمرّة الأولى منذ حرب تموز 2006 بل منذ التحرير عام 2000، تنفّذ المقاومة عمليّة عسكريّة ضدّ هدف إسرائيلي، من داخل الأراضي اللبنانية، بعدما كانت ردودها في السابق تتركّز ضمن مزارع شبعا المحتلة، كما حصل على سبيل المثال عقب اغتيال سمير القنطار وجهاد مغنية في سوريا".
ونوّهت إلى أنّه "لطالما شكّلت الصواريخ المنطلقة من لبنان "عقدة" لإسرائيل الّتي شَنّت اجتياحَي 1978 و1982 للتخلّص من هذا الخطر وضمان سلامة حدودها الشمالية، وهي افترضت أنّها استطاعت بموجب مفاعيل حرب 2006 تحصين قدراتها الردعيّة وتثبيت الأمن في مناطقها الشماليّة، بالترافق مع استمرار خروقاتها الجويّة والبريّة والبحريّة، فإذا بصاروخي الـ"كورنيت" اللذين أطلقهما "حزب الله" من داخل الأراضي اللبنانية "ينسف" هذه النظريّة الإسرائيليّة ويكسر معادلة تل أبيب الشهيرة، وقوامها أنّه يحقّ لها ما يُحرّم على الآخرين".
كما شدّدت الأوساط على أنّ "ما زاد من وهج إنجاز المقاومة، هو أنّ العدو الإسرائيلي لم يملك جرأة تنفيذ ردّ واسع على الهجوم العابر للحدود، بل اكتفى بإطلاق قنابل حارقة في اتجاه محيط بلدة مارون الراس، سعيًا إلى التغطية الدخانيّة على حقيقة ما يجري في مستوطنة أفيفيم وجوارها، تبعًا للمعلومات المتوافرة".
واستنتجت أنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تراجَع عمليًّا عن تهديداته السابقة بأنّه سيلجأ إلى الردّ القاسي على لبنان إذا انطلق منه أيّ هجوم ضدّ إسرائيل، علمًا أنّ هذه التهديدات الّتي نُقلت عبر "اليونيفيل" وأقنية دوليّة كانت مرتبطة بمبدأ حصول عمل عسكري، سواء نتجت عنه إصابات أم لا". وأشارت إلى أنّ "سلوك نتانياهو الّذي اضطر إلى ابتلاع ضربة المقاومة وضبط النفس حيالها، إنّما يشكّل خسارة له مهما حاول تجميلها"، ملاحظةً أنّ "الهاجس الوحيد لرئيس الوزراء الإسرائيلي في هذه المرحلة هو الفوز في الانتخابات المقبلة".
وتعليقًا على ما سرّبته بعض المصادر الإسرائيلية من أنّ تل أبيب تعمّدت تضليل "حزب الله" وإيهامه لبعض الوقت بأنّ جنودًا إسرائيليين أصيبوا بالهجوم، بغية إقناعه بأنّ عمليّته نجحت وأنّ عليه أنّ يتوقف عند هذا الحد، أعلن أحد مسؤولي "الحزب" إلى أنّ "هذه الرواية، إن صحّت، هي إهانة كبيرة للحكومة والجيش الاسرائيليين، لأنّها تعكس خوفهما من المواجهة مع المقاومة واستعدادهما للتلطّي خلف أي مبرّر قد يسمح بتجنبها، حتّى لو تمّ ذلك على حساب سمعتهما وصدقيّتهما".