رغم الكلام الإيجابي الذي افتتح به رئيس الجمهورية ميشال عون اللقاء الاقتصادي في بعبدا الإثنين، الا أن النتيجة المعلّقة على اللقاء، ستبقى تحت المجهر لمعرفة جدواها، أقله حسب ما ظهر منه، اذ كان بالنسبة لكثير من اللبنانيين "الفرصة الاخيرة" التي ينتظرون نتائجها على اقتصادهم.
عرض رئيس الجمهورية ميشال عون على المجتمعين ورقة اقتصادية كتبها خبراء اقتصاديون من مختلف التوجهات، وضمّت الورقة خطوطاً عريضة لبرنامج عمل أولي يمتد على ثلاث سنوات، ويتضمن إجراءات تطبيقية في السياسات المالية، الاقتصادية، الاجتماعية، ومعالجة الخلل في الحساب الجاري الخارجي، وبالتالي في ميزان المدفوعات، وكانت الورقة بالشكل الذي وُضعت فيه قادرة على ابتكار الحلول المطلوبة للخروج من الازمة الاقتصادية، المالية، ولكن ما اتفق عليه لم يكن كامل الورقة إنما استنسب السياسيّون بنودا منها.
وفي هذا السياق يؤكد الخبير الاقتصادي شربل قرداحي ان الورقة الاقتصادية التي عرضها رئيس الجمهورية تضمّنت توازنا بين الأهداف الاقتصادية وتلك المالية على المستوى المتوسط، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أننا "اعطينا تصورا كاملا لتحقيق الاهداف وتفادي الصدمة، وذلك لاستعادة النمو ضمن آلية متوازنة"، مشددا على أن اقرار جزء من الورقة دون الآخر يعني صعوبة في تحقيق الأهداف المرجوة.
من جهته يشير الخبير الاقتصادي غازي وزنة الى أن تفاصيل ما صدر عن اللقاء لا تزال مبهمة، ولكن يمكن القول أن المجتمعين اخذوا بعض البنود والاجراءات، على أكثر من صعيد، وأهمها على صعيد الكهرباء اذ تمّ الاخذ بالاقتراحين اللذين وضعناهما في الورقة، أيّ تحديد سقف الدعم للكهرباء بمبلغ 1500 مليار ليرة، والاتفاق على إجراء مناقصات عمومية عالمية شفافة بما يتعلق بمدّ مؤسسة كهرباء لبنان بالمحروقات.
ويضيف: "بالنسبة للاقتراح الثاني فإنه يوفّر على الدولة حوالي 300 مليون دولار سنويا، لان ما يجري اليوم من محاصصات وسمسرات يؤذي الماليّة العامة، ما يجعل الاتفاق على خيار المناقصات إنجازا في هذه المرحلة".
ويشير وزنة الى انه على صعيد الدين العام فإن اتفاقا حصل في لقاء بعبدا على تخفيضه من خلال أمرين، الاول اعتماد نظام "التشركة" أي بيع حوالي 20 او 25 بالمئة من أسهم المؤسّسات العامة والشركات التي تديرها الدولة، كشركات قطاع الاتصالات او الميدل إيست، والثاني "التشاور بين الحكومة والمصارف اللبنانية ومصرف لبنان حول آلية تخفيض الدين العام". ويكشف وزنة أن المجتمعين اتفقوا أيضا على بعض الرسوم على التبغ، إعادة النظر بتخمين الاملاك العامة البحريّة، تجميد زيادة الرواتب في القطاع العام 3 سنوات، وإصلاح النظام التقاعدي.
أما بالنسبة للإجراءات الضريبيّة الجديدة والتي حيّدها المجتمعون عن الصورة حاليا، فهي بحسب وزنة لا تطال الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل. ويقول: "اول اجراء هو زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11 لـ15 بالمية على الكماليات الّتي تمثل بين 10 و15 بالمئة من السلع، كالهواتف الخلوية، المشروبات الروحية، السيغار، شراء الثياب الفخمة من خارج لبنان، اما الإجراء الثاني فيتمثل بتحديد حد أدنى واعلى لسعر صفيحة البنزين، بين 25 و30 الف ليرة، وهنا تتحمل الدولة اي زيادة فوق 30 الف، وتستفيد من اي انخفاض تحت الـ25 ألف"، مشيرا الى أن الإجراء الثالث رفع الضريبة على فوائد الودائع من 10 الى 11 بالمئة، أي من يملك وديعة بـ50 الف دولار ستكلفه فائدة إضافية بقيمة 3 دولارات شهريا.
لا شكّ أن اللجوء الى الخبراء لتحديد المعالجات هو الخيار الصائب، ولكن هذا الخيار لا يكتمل ما لم يؤخذ بالاقتراحات جميعها، فهل يستفيد لبنان من فرصته الاخيرة؟.