إذا كان الخلاف الذي يعيق إصدار قرار البت بتعيين الناجحين في دورة خفراء الجمارك هو حصراً كباش على الصلاحيات بين هيئة المجلس الأعلى للجمارك والمدير العام للجمارك بدري ضاهر الذي أصدر النتائج، وهو أمر معيب جداً، فالمعيب أكثر من ذلك هو ما يعيق إصدار نتيجة الناجحين في دورة قوى الأمن الداخلي لتطويع ٢٠٠٠ دركي ورقيب متمرن. فمنذ العام ٢٠١٨ أجرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الإمتحانات الطبية والرياضية والخطية للمشاركين في الدورة وعددهم حوالى ٤٧٠٠٠ بين ذكور وإناث، وحتى اليوم، لم تصدر النتائج بعد، لا بسبب الخلاف على المناصفة، المتفق عليها لناحية تطويع ألف مسيحي وألف مسلم ولا بسبب خلاف بين أعضاء مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة التي يرأسها اللواء عماد عثمان، بل لعدم تأمين الإعتمادات الماليّة المطلوبة لتطويع هؤلاء، وهذا ما تؤكده المصادر المتابعة للملف. نعم صدّقوا أن دولةً تتخذ قراراً بكامل إرادتها السياسية والمؤسساتية، بإجراء دورة لتطويع ألفي عنصر في قوى الأمن، وهي غير قادرة، بعد مرور سنة ونصف السنة، على إصدار النتيجة، لأنها غير قادرة على تطويع الناجحين بعد إعلان نجاحهم. وأيضاً، ودائماً بحسب المصادر المتابعة، أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي هي بأمس الحاجة لتطويع هؤلاء العناصر أولاً لأنها تعاني منذ سنوات من نقص في عديدها، وثانياً لأن هذا النقص إزداد أكثر فأكثر منذ إجراء الدورة وحتى اليوم بسبب بلوغ عدد كبير من العناصر سن التقاعد وخروجهم من الخدمة.
من الأمور المعيبة أيضاً في عدم إصدار نتيجة هذه الدورة، هي كيفية التعاطي الرسمي مع المشاركين في هذه الدورة، فحتى بعد مرور سنة ونصف على الإمتحانات لم يصدر بيان عن المديرية العامة لقوى الداخلي يشرح للمشاركين ما هو السبب الحقيقي الذي يعيق إصدار النتيجة، ولم تعقد وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن مؤتمراً صحافياً خاصاً بهذه الدورة، تعتذر فيه من حوالي ٤٧٠٠٠ شاب وشابة آمنوا بمؤسسات الدولة من التأخير الحاصل، ومن الناجحين وعددهم ألفان عن إضاعة الوقت وعدم تعيينهم في مراكزهم بعد إصدار النتيجة، خصوصاً أن عدداً كبيراً منهم عاطل عن العمل، وبعدما قدم طلبه للمشاركة بالدورة، قرر عدم الإرتباط بأي عقد عمل مع شركة خاصة، مراهناً على صدور نتيجة دورة قوى الأمن في أسرع وقت ممكن.
أيهما أهم، إصدار النتيجة وتعيين الناجحين في قوى الأمن بعد تأمين الإعتمادات المالية لهم، أم دفع مساهمات الدولة للمدارس المجانيّة الخاصة العالقة منذ العام الدراسي ٢٠١٥-٢٠١٦؟ على رغم تعذر التفتيش المركزي من إحصاء أعداد التلامذة ومعرفة من يستحق من هذه المدارس المساهمة ومن لا يستحقها، كونه أرسل الى وزارة التربية لوائح لتلامذة غير مسجلين؟.
سؤال من وحي ما أقر من بنود في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، ومن وحي مشهد التخبط المعيب الذي يضرب الكثير من مؤسسات الدولة!.