رغم كلّ محاولات التعتيم على الوضع الاقتصادي المحلّي وحقيقة مستوى تصنيفه، فالثابت أنّ لبنان في عين النيران الاقتصادّية والماليّة بضغوط غربية-عربية.
في الجديد، طالت العقوبات الاميركية مصرف "جمال تراست بنك" بذريعة تقديمه المساعدات التمويليّة لحزب الله. التهويل بعقوبات ماليّة إضافيّة على مؤسسات وشخصيات ومصارف لبنانيّة يستمرّ عبر تسريبات لقنوات دبلوماسيّة وإعلاميّة.
الواقع ان الضغوط الاقتصادية على الجمهورية اللبنانية كبديل عن الحروب العسكرية أجندة تُنفذ من الإدارة الاميركية بإحكام من ضمن سياسة الضغوط والعقوبات الممارسة على كل من سوريا وإيران.
ما هي القرارات والإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية للدفاع عن الأمن الاقتصادي والمالي والنقدي والنفطي؟. نتوقف عند ما يلي:
أولا-إنّ قضية مفاوضات ترسيم الحدود لتأخير استخراج النفط والغاز لا جدوى منها، لا سيما ان النتيجة معروفة سلفا، وهي عدم التوصّل الى اتفاق مع الجانب الاسرائيلي الذي يطمع بقضم الأرض وابتلاع بلوكات النفط.
وهنا نسأل، لماذا ترضى الحكومة اللبنانية بإعادة بحث ترسيم الحدود بوساطة أميركية؟ أليست حدود لبنان مرسّمة وموافَق عليها في مجلس الأمن استنادا الى اتفاق بولييه-نيوكمب واتفاقية الهدنة؟. أليس وفق القانون الدولي، إنّ "الخط الأزرق" هو خط انسحاب للاحتلال وليس ترسيم حدود دولية؟!.
ثانياً-إنّ الحكومة اللبنانية تتعامل مع قضية العقوبات على المصارف الواحد تلوَ الآخر والعقوبات الماليّة التي تطال شركات وأفراد وكأنها مسألة فرديّة لا علاقة للدولة بها.
وهنا نسأل، إن تصنيف حزب الله بالمنظمة الإرهابيّة من جانب الإدارة الاميركيّة وغيرها من الإدارات الغربية والمنظمات العربية، يؤمّن الغطاء الدولي لأيّ هجوم بالعقوبات على أيّ مكوّن مالي او نقدي او اقتصادي لبناني، ما قد ينعكس بالسوء ولربما الدمار على الأمن اللبناني بكل جوانبه وليس فقط على بيئة حزب الله.
كيف تتحرك الحكومة؟!.
المرحلة لا تتطلب خطابات ومواقف منبرية لبعض الوزراء. المرحلة تتطلب استراتيجيّة دفاعية اقتصاديّة وماليّة رسميّة، وإلا تتحمل الحكومة وزر انهيار الوضع الاقتصادي.
حتى الساعة، لا شيء سوى تصريحات تكشف عمّا سُمّي "تطمينات" تلقّاها رئيس الحكومة اللبنانيّة إثر لقائه بوزير الخارجية الاميركية. و"تطمينات" تلقاها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إثر لقائه بمسؤولين غربيين .و"تطمينات" تصدر من مصرف لبنان بخصوص وضع العملة الوطنية.
في هذا المشهد، يطلّ أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في كل مناسبة ويوجه الكلام مباشرة للحكومة اللبنانية طالبا منها اتخاذ المواقف والإجراءات اللازمة بشأن المخاطر التي تحدق بلبنان. بالأمس، كان الكلام تحذيرياً بمعنى أنّه على الحكومة اللبنانية ان تتحمل مسؤوليّاتها وتتصرف على وجه السرعة إزاء الضغوط الاقتصاديّة.
لا شكّ أنّ لأمين عام حزب الله ما يفيد ان الضغط الاميركي المتزايد على الجمهوريّة الإسلامية الإيرانيّة سيلقي بظلاله ضغوطا أخرى على لبنان.
ولا شكّ انّ الهزيمة العسكرية التي مُني بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على يد حزب الله ستنعكس ردودا اقتصاديّة على لبنان من حلفاء اسرائيل.
وعود مؤتمر "سيدر" قد تصبح في مهبّ الريح لعدم إحقاق الإصلاحات المنشودة، أو ستتجمّد تحت هذا العنوان .
هل الحكومة متواطئة مع محور يسعى لحصار حزب الله في لبنان؟! أم أنها متخاذلة وعاجزة عن التحرك الدولي للدفاع عن مكوّنات بلادها لغياب الرؤية الملزمة الموحدة؟.
هل سيكتفي نصرالله بتحذير الحكومة؟ أم أنه سيذهب تفصيليّا أكثر باتجاه تفنيد المسؤوليات نحو وزارة الخارجية وغيرها من الوزارات ورئاسة الجمهورية والمجلس النيابي؟.
يتمسّك الأمين العام لحزب الله بالوفاء لحلفائه ولكنه أكّد بأنه للدفاع عن لبنان وشعبه "لا خطوط حمر" والعاقل يفهم .