إحتلّت زيارة مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، مرتبة متقدمة في الملفات الهامة على الساحة السياسية، خصوصا بعد انتهاء مهام سلفه دايفيد ساترفيلد من جهة، واشتعال الجبهة اللبنانيّة الجنوبيّة الحدودية مع إسرائيل من جهة ثانية، ليصبح التساؤل حول إمكانية بدء ونجاح التفاوض بين لبنان واسرائيل في هذه الظروف مشروعا.
لم يعبّر شينكر عن مواقفه خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، لذلك عمدت السفارة الأميركية على جمعه بمجموعة من الوسائل الإعلامية كانت "النشرة" على رأسهم، فأشار خلال اللقاء الى أن الوضع على الحدود مع اسرائيل يدعو الى القلق بسبب الاحداث الاخيرة، وان الولايات المتحدة الاميركية لا تريد تدمير الاقتصاد اللبناني بل ردع حزب الله وإيران.
التفاوض على التفاوض...
رأى شينكر أنه "لا يمكن توصيف حالة التفاوض حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل حاليا لأننا نتفاوض على التفاوض"، مشيرا الى أن "هناك إقتراحا وإطارا للمفاوضات ونناقش مع الحكومة اللبنانية كيفية إجراء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لتقدير الوقت وتحديد الحدود البرية تحت إشراف الأمم المتحدة وبدعم الحكومة الأميركية".
ولفت شينكر الى أنه "عندما توافِق الحكومة اللبنانية وتعلن إستعدادها للدخول في المفاوضات، ستبدأ هذه المفاوضات"، مؤكدا أن "من مصلحة الجميع حصول إتفاق وأن يكون للبلدين حدودا متفقا عليها، فنزاع أقل على الحدود يعني توترا أقل".
واعتبر أن "هذا الملف بحاجة الى قرار سياسي ولكن القادة السياسيين في لبنان غير قادرين على إتخاذه، وعلى الشعب أن يتساءل لماذا الحكومة لديها صعوبة في بدء المفاوضات"، جازما أن "لا علاقة بين ترسيم الحدود والقرار 1701 وسلاح "حزب الله".
لا أملك صبر ساترفيلد
"سَلَفي ديفيد ساترفيلد دبلوماسي موهوب جدا وصبور ولكن ليس لدي صبره، فهو قضى أكثر من عام على عمله في هذا الملفّ "وأنا لن أقوم بذلك"، هكذا يصف شينكر، ساترفيلد، مشيرا الى أن الأخير آمن بأن هذا الملفّ يستحق العمل من أجله وهو ايضا يعتقد ذلك، ولكن حتى اللحظة لم تُتخذ القرارات الاخيرة حول التفاوض، يقول شينكر، مضيفا: "اذا وافقتم على التفاوض وتريدون حقا ايجاد حل، وأعتقد أن الإسرائيليين يريدونه فأنا متفائل أنكم ستجدونه، اذ ليس لدي شك بأن اللبنانيين سيبلون حسنا في المفاوضات ولا أريد تكهن سبب عدم بدئهم بها حتى الآن، خصوصا أن لا أحد مجبر على التوقيع على أي اتفاق إذا لم يكن مقتنعا به ان كان في ملف الترسيم البري أو البحري".
وعن إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمستشار الأمن القومي جون بولتون، قال: "لا أعرف السبب ولا أريد التكهّن به، ترامب له حق القيام بذلك وفي أن يختار من يريد العمل معهم".
وعن كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في يوم العاشر من محرم، قال: "عاشوراء يوم حزين وأعتقد أنه كان متأثرا، هو تكلم أنه سيخدم المصالح الايرانية في المنطقة، واعتقد أن أي إنسان وطني يجب أن يخدم مصلحة لبنان".
لبنان لا يساعد نفسه اقتصاديا...
وعن العقوبات على بنك جمال، شدد شينكر على أن "الحكومة الأميركية والمصرف المركزي سيحرصان على أن يحصل المودعون على أموالهم، فنحن لا نريد إستهداف الشعب اللبناني بل نستهدف حزب الله"، مذكرا أن "هذا أول مصرف يتم فرض عقوبات عليه منذ المصرف اللبناني الكندي، ونحن لا نرغب بالقيام بذلك ولكنه واجب علينا عملا بأحكام القانون الأميركي".
واضاف: "سنفرض عقوبات على كل من يدعم حزب الله بغض النظر عن ديانته"، معتبرا أن "الضغوطات الأميركية على إيران لديها التأثير الكبير على حزب الله، خصوصا من ناحية تأمين الرواتب والقدرة على تأمين التمويل له، ونحن سنستمر بفرض عقوبات على كل من يعمل أو يدعم حزب الله".
وتابع شينكر قائلا: "الإصلاحات الاقتصاديّة ستفتح الباب أمام تمويل "سيدر"، وحتى الآن لا يوجد أي تحرك بإتجاه الإصلاحات، وأعرف أن ذلك صعب ولكن نريده أن يتحقق"، لافتا الى أن "التحديات الإقتصادية الآن في لبنان أصعب مما كانت عليه في السنوات السابقة"، مشددا على "أننا لا نقصد من العقوبات الاقتصادية أن نجر لبنان الى الإنهيار الإقتصادي، فلبنان بأفعاله لا يساعد نفسه، فمثلا التصنيفات الدولية التي تراجع بعضها حصلت قبل أن نفرض عقوبات على مصرف جمّال".
لا أمل من التفاوض مع حزب الله...
تفاوض الأميركي مع "طالبان"، وأبدى رغبته بالتفاوض مع الحوثيين، ورغم ذلك وبحسب شينكر فإن التفاوض مع "حزب الله" لا أمل منه، مجددا التأكيد "أننا مستعدون للتحاور مع إيران ونحن نريد ذلك ونضغط عليها حتى تتصرف كدولة طبيعية لا تسعى الى تطوير أسلحتها النووية"، معلنا "أننا لا نتطلع الى حرب معها ولا نطلب تغيير النظام، بل نطلب أن تغير إيران طريقة تصرفها".
واضاف: "نحن نؤمن دعما كبيرا للجيش اللبناني من أجل تطوير قدراته وهذا العام مساعدتنا قدرت بحوالي 350 مليون دولار، ونقوم بذلك على أمل أن يفرض الجيش سيادته على لبنان"، متابعا: "نفهم أن "حزب الله" يعمل كميليشا مستقلة تحت أوامر طهران، ونحن واقعيون بهذا الموضوع ولكن طموحنا أن يكون لبنان دولة مستقلة وله سيادة وليس أن يكون فيه دولة ضمن الدولة يمكنها أن تشن حربا على إسرائيل من دون موافقة الحكومة، وإذا أعلن حزب الله ولاءه للدولة اللبنانية وليس لولاية الفقيه فهذا سيكون أمرا رائعا".
واعتبر شينكر أن "وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يضمحلّ لأن الحزب يجلب أسلحة متطوّرة جدا وهذا أمر يدعو الى القلق"، لافتا الى أن "ما حصل في الأيام الماضية على الحدود يزيد التوتر".
وأخيرا، عن ملف النازحين السوريين، شدد على أنه "يجب أن تتم معاملتهم بإحترام"، جازما أنه "لا يمكن أن يعودوا الى سوريا طالما أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يزال موجودا، فهم فرّوا من النظام وليس من "داعش" والخطر لا يزال موجودا، ولا يجب أن يعودوا إلا الى بيئة آمنة وأن تكون عودتهم طوعية".