تكررت، في الأسابيع السابقة، حوادث اختطاف ومقتل واصابة بعض المواطنين اللبنانيين في العالم بشكل عام، وفي الدول الافريقية بشكل خاص. ولهذه العمليات العديد من الدوافع، منها إقتصادي أي بهدف السرقة، ومنها سياسي تكون وراءه الولايات المتحدة واسرائيل ضمن الحملة على "حزب الله" ومَن تقولان انه من الداعمين له مادياً.
أبرز هذه التوقيفات كانت منذ سنوات حينما تم خطف اللبناني قاسم تاج الدين، أثناء مروره في المغرب، ليتبين في ما بعد أنه في السجون الأميركية. هذا المشهد تكرّر يوم الأحد الماضي مع المواطن حسن جابر، دون معرفة مصيره أو دوافع خطفه. رجل الأعمال اللبناني الذي يعمل في الغابون، حط في مطار أديس أبابا، أثناء توجهه إلى لبنان، لكنه مُنع من الالتحاق بالرحلة الثانية التي ستوصله إلى وجهته النهائية.
في هذا السياق، يرى محامي العائلة شريف الحسيني، في حديث لـ"النشرة"، أن وزارة الخارجية والمغتربين لم تتحرك كما يجب، بالرغم من تكليف السفير اللبناني في القاهرة علي الحلبي بمتابعة الموضوع، ويلفت إلى أن الحلبي مشكوراً تواصل مع الجانب الأثيوبي الذي لم يقدم أي معلومات حول ما حصل مع جابر، ويسأل: "لماذا الإستهتار بهذه القضية حتى الآن"؟.
ويشدد الحسيني على أن العائلة لا تملك أي معلومات حول الجهة الخاطفة، لكنه يرجح ألاّ تكون عملية خطف عادية قامت بها عصابة ما، نظراً إلى عدم التواصل مع العائلة لطلب فدية مالية أو أي شيء آخر، ويشير إلى أن أنها عملية أمنية محترفة.
بالتزامن، يؤكد الحسيني المعلومات عن تحرك دولة الغابون، نظراً إلى أنّ جابر يملك باسبور غابوني أيضاً، حيث أرسلت وفوداً أمنية ودبلوماسية إلى أديس أبابا، لكنه يلفت إلى أن السلطات الأثيوبية لم تتعاون معهم أيضاً، في مؤشّر إلى أن تلك السلطات لا تريد التعاون في هذا الملفّ، إلا أنّ الرهان هو على تحرك من جانب الحكومة الكنديّة، نظراً إلى أن ابنة جابر الصغرى حائزة الجنسية الكندية، وهي تواصلت مع السفارة مع بيروت، وتلقت وعداً بالتجاوب مع الرسائل التي أرسلتها، لكن الحسيني يقول: "لا نعرف كيف من الممكن أن يكون تحركهم"؟.
على الجانب الرسمي، لا جديد في المعلومات التي يمكن الكشف عنها، بحسب ما تؤضح مصادر مطلعة عبر "النشرة"، مع وجود تأكيد بأن وزارة الخارجية والمغتربين تقوم بكل ما يلزم لجلاء حقيقة ما حصل مع جابر بأسرع وقت ممكن.
ولا تنفي هذه المصادر الحديث عن أن المعلومات المتوفرة حتى الآن لا تزال شحيحة، لكنها تشدّد على القيام بكل الإتّصالات اللازمة، وتشير إلى أن الأهل يعرفون ذلك جيداً، وتلفت إلى أن التحرك لا يقتصر على تكليف السفير اللبناني في القاهرة بمتابعة القضية، لوجود إتصالات مع سفراء أثيوبيا في أكثر من دولة، إلا أنها في المقابل تلفت إلى تقنين في التعاطي مع هذا الملف من جانب السلطات في أديس أبابا.
في ظل هذا الواقع، برزت بعض الدعوات إلى تحركات من نوع آخر، أبرزها كان من النائب اللواء جميل السيد، الذي أشار إلى أن "هذا الإرهاب تكرّر أكثر من مرّة ولبنان مستسلم"، معتبراً أنه، في حال لم تعيده الدولة اللبنانيّة، يحق لأهله خطف مواطن للدولة الخاطفة في لبنان ومقايضته بالمخطوف"، لكن لدى مصادر سياسية متابعة قراءة مختلفة لما يحصل على هذا الصعيد، ترى أنه بحال كان ما حصل مع جابر عملية أمنية تقف خلفها الولايات المتحدة أو تل أبيب، فإنّ الصمت لا يعود جائزاً، خصوصاً أن "تهمة" التعاون مع "حزب الله" باتت جاهزة لتبرير أيّ عمل، سواء كان الخطف من أجل الإعتقال أو فرض عقوبات إقتصاديّة أو ماليّة.
في المحصلة، تجزم هذه المصادر أن الرهان الأساسي يجب أن يكون على تحرك الدولة اللبنانية، نظراً إلى أنها المعني الأول في حماية مواطنيها في الخارج، خصوصاً أن ما يتعرضون له لا يمكن السكوت عنه بأي شكل من الأشكال.