أخفقت محاولة تبييض صفحة أحد كبار العملاء عامر الياس الفاخوري، والمعروف بجزار سجن الخيام لدوره الخطير في ارتكاب الفظاعات بحق المعتقلين خلال مرحلة الاحتلال الصهيوني للجنوب اللبناني قبل عام 2000، والتفنّن في ابتكار وسائل تعذيب الأسرى الذين استشهد العديد منهم نتيجة ذلك.. وأصيب آخرون بإعاقات دائمة.. على انّ عملية تسهيل دخول الفاخوري لبنان عبر مطار بيروت بواسطة جواز سفر أميركي أثار علامات استفهام كبيرة، لا سيما عندما وجد الأمن العام أنه لا يمكنه توقيفه بسبب عدم وجود أيّ مسوغ قانوني لذلك بعد سحب مذكرة التوقيف رقم 303 بحقه وإسقاط الأحكام القضائية ضدّه.. فأقدم مسؤول الأمن العام في المطار على خطوة حجز جواز سفره والطلب منه مراجعة الأمن العام… وجاء كشف ذلك في وسائل الإعلام ليثير ضجة كبرى وردود فعل عاصفة، لا سيما في أوساط الأسرى المحررين وعائلات الشهداء الذين قضوا في سجن الخيام، والأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية والفاعليات السياسية والإعلامية… ولولا ذلك لكان العميل الفاخوري دخل لبنان وثم غادر عائداً إلى الولايات المتحدة من دون أن يعترضه أحد لأنه قد تمّ إبطال الأحكام الصادرة بحقه من ناحية، وسحب مذكرة التوقيف 303 التي لا يمكن أن تسقط بمرور الزمن كما الأحكام القضائية، فهي مذكرة صادرة عن مخابرات الجيش ومرتبطة بالأمن القومي.. الأمر الذي طرح التساؤلات عن الجهة التي تقف وراء سحب هذه المذكرة وتأمين استقباله وتسهيل عملية دخوله والاحتفاء به.. على انّ العميل الفاخوري ما كان ليأتي إلى لبنان لولا أنه تلقى ضمانات بأنه لن تتمّ مساءلته أو توقيفه بعد أن تمّ تبييض صفحته.
إذن القضية ليست بالأمر البسيط.. هناك جهة مسؤولة وتملك نفوذاً في الدولة وعلى مستوى بعض الأجهزة الأمنية تقف وراء تكريم العميل الفاخوري، ولم تكن تتوقع أن يجري اعتراضه وحجز جواز سفره من الأمن العام ومن ثم توقيفه والتحقيق معه وتبيان استحصاله على جواز سفر إسرائيلي وهوية إسرائيلية، أيّ امتلاك الجنسية الإسرائيلية ، قبل أن يذهب إلى أميركا ويحصل هناك على الجنسية الأميركية.. ما يجعل من هذا العميل مهما بالنسبة للاستخبارات الاسرائيلية والأميركية ويحظى بكلّ هذا الاهتمام من البعض في لبنان ومن قبل السفارة الأميركية التي تحرّكت وطلبت اللقاء معه وعملت إلى ممارسة الضغط لإطلاق سراحه وتأمين مغادرته إلى الولايات المتحدة بذريعة أنه يحمل الجنسية الأميركية.. لكن كما هو معروف فإنّ العميل الفاخوري هو مواطن لبناني قبل أن يكون أميركياً، وارتكب جرم التعامل مع الاحتلال الصهيوني وكان له دور أساسي في تعذيب الأسرى في سجن الخيام، وبالتالي يجب أن تتمّ محاكمته وإنزال أقسى العقوبات بحقه.. ولهذا حسناً فعل الأمن العام الذي تنبّه الى خطورة هذا العميل وإلى وجود أمر مريب بسحب المذكرة الصادرة بحقه، وبالتالي إقدام الأمن العام على حجز جواز سفره واستدعائه وتوقيفه والتحقيق معه.. والكشف عن استمرار عمالته للعدو الصهيوني.. فلولا ذلك لكان هذا العميل لجأ سريعاً الى السفارة الأميركية الجاهزة لتوفير الحماية له وإخراجه من لبنان من دون أن يجري توقيفه وإحالته إلى المحكمة العسكرية لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها بحق الأمن الوطني للبنان وبحق اللبنانيين وقبل ذلك بحق الأسرى والمقاومين والشهداء والجرحى الذين ضحّوا في سبيل تحرير الجنوب من الاحتلال الصهيوني.. الذي لما يزل يحتلّ أجزاء من الأرض اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر والقرى السبع…
انّ ما جرى يكشف أنّ هناك من لا زال يعمل على حماية العملاء ومساعدتهم على تبييض صفحتهم وتمكينهم من الإفلات من المحاكمة والعقاب على عمالتهم والجرائم التي ارتكبوها.. ويحصل ذلك في ظلّ وجود مقاومة قوية وتردع العدوانية الصهيونية، فكيف كانت الحال لو أنّ المقاومة لم تكن بهذه القوة التي يهابها العدو وتحظى بتأييد لبنان واسع…
من هنا فإنه من منطلقات.. المصلحة الوطنية.. وحماية الأمن الوطني… والحيلولة دون التشجيع على التعامل من العدو.. وتحصين أمن لبنان من الاختراقات الصهيونية.. وتكريس ثقافة وطنية ضدّ التعامل مع العدو.. من هذه المنطلقات يجب محاكمة العميل الفاخوري وإنزال أشدّ العقاب بحقه ليكون عبرة لكلّ من يستمرئ العمالة مع العدو الصهيوني.. وبالتالي إراحة الأسرى وعائلات الشهداء والمقاومين الذين قدّموا التضحيات كي يكون وطنهم محرراً من العدو والعملاء وليس لتتمّ مكافأة العملاء وإعادتهم الى البلاد معزّزين مكرّمين.. على انّ محاكمة هذا العميل لها أهمية كبيرة لترسيخ الثقافة الوطنية في تجريم العمالة مع العدو وتحريم التعامل معه.. لهذا كله يجب التصدّي بحزم لأيّ تدخل أميركي للإفراج عن الفاخوري.. والإصرار على انّ ذلك شأن سيادي لبناني يخصّ الأمن الوطني للبلاد. وليكن ما حصل درساً يتمّ الاتعاظ منه للحيلولة دون استمراء التعامل مع العدو من ناحية.. او مساعدة العملاء على الإفلات من العقاب من ناحية ثانية…