يُخاض سباق الانتخابات الإسرائيلية العامة الـ22 لـ«الكنيست»، غداً (الثلاثاء) على حساب الحقوق الفلسطينية، ومَنْ يسعى إلى تكريس تحقيق أحلام الكيان الإسرائيلي، بقيام «دولة قومية يهودية»، بما يتجاوز حدود فلسطين التاريخية، التي بدأ العدو الإسرائيلي باحتلالها في 15 أيّار/مايو 1948، ومن ثم أطبق عليها في 4 حزيران/يونيو 1967، بحيث لم تتم كتابة دستور الكيان بانتظار التحديد النهائي للحدود.
للمرّة الأولى في تاريخ انتخابات «الكنيست» ينحصر النقاش حول أمر وحيد، هل ينجح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة الجديدة، مدعوماً من اليمين المُتطرِّف؟، أم ينجح ما يُسمّى بـ«الوسط - يسار» بإزاحته عن الحكم، والذي يعني بالنسبة إليه، إنهاء حياته السياسية، ومُواجهة ملفات الفساد التي تُطوِّق عنقه وزوجته سارة؟!
تُجرى الانتخابات للمرّة الثانية خلال 5 أشهر، بعدما فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة، ويُحاول فوز حزب «الليكود»، الذي يترأسه، وبالتحالف مع اليمين المُتطرّف، بأكبر عدد من المقاعد في «الكنيست»، لأنه يُدرِك أنّ صوتاً واحداً له تأثير، وقد يُطيح بكل شيء.
لم يسبق نتنياهو أيٌّ من رؤساء الحكومات الإسرائيليين باستخدام كل الأساليب بالمُجاهرة بالضم، سواء القدس أو هضبة الجولان السوري، وإعلان نيّة ضم غور الأردن والبحر الميت، وأجزاء من الضفّة الغربية، مع إقرار «الكنيست» «قانون القومية» العنصري.
يجهد نتنياهو باستثمار ما اعتبره تراكم مُكتسبات حقّقها للكيان الإسرائيلي، مدعوماً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بانحياز كامل لم يُسجَّل في تاريخ أي رئيس أميركي، وهو الطامح إلى تحطيم الرقم القياسي للأكثر بقاء في رئاسة الحكومة، مُتفوّقاً على ديفيد بن غوريون.
وطغت على الانتخابات شعارات الخبث والتحريض والكراهية، بالحديث عن أنّ العرب يُريدون الإطاحة بـ»الليكود» ودعم اليسار، والمخاطر المُحدِقة بالكيان الإسرائيلي، في مُحاولة لتقليص عدد النُوّاب الفلسطينيين، ما يعني رفع عدد نُوّاب اليمين المُتطرِّف.
وأعطت الاستطلاعات حزب «الليكود» احتمال نيل بين 31-33 مقعداً، مُتراجعاً عمّا ناله في الانتخابات الماضية، والتي بلغت 36 مقعداً.
كما يُتوقَّع أنْ ينال حزب «أزرق - أبيض»، برئاسة بيني غانتس، أيضاً بين 31-33 مقعداً، مُتراجعاً عمّا ناله في الانتخابات الماضية، وبلغ 35 مقعداً، على الرغم من حداثته في الحياة السياسية.
يُتوقَّع أنْ تحصد أحزاب اليمين: «الليكود» 31-33، «اليمين» 7-9، «يهودت هتوراة» 7-8، «شاس» 6-8، «عوتسما يهوديت» 0-4، أي أنّ تمثيل هذا المُعسكر سيكون بين 51-59 مقعداً.
أحزاب الوسط - يسار: «أزرق - أبيض» 31-33، «المُعسكر الديمقراطي» 4-6، «العمل - غيشر» 4-6، وهو ما يعني أنّ هذا المُعسكر سيحصل بين 39-45 مقعداً.
كما يُتوقّع أنْ تحصد «القائمة المُشتركة» برئاسة أيمن عودة بين 10-12 مقعداً.
وحزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان بين 7-9 مقاعد.
وهذا يعني أنّه لن يكون باستطاعة أي من المُعسكرين تشكيل الحكومة بسلاسة، بل سيحتاج إلى أصوات «القائمة المُشتركة» أو «إسرائيل بيتنا».
واستناداً إلى التجارب السابقة، فإنّ «القائمة المُشتركة» هي خارج تأييد اليمين، وأيضاً غانتس، الذي يُعلِن رفضه إدخالها في حكومته لوجود خلافات سياسية وقومية.
وإذا ما أيّد ليبرمان مُعسكر الوسط - يسار، فإنّ أقصى ما يُمكِن أنْ يجمعه هذا التحالف هو 54 صوتاً.
و»الأحزاب الحريدية» لا تُشارك إلا في حكومة يمينية، وحزب «أزرق - أبيض»، لا يُشارك في حكومة تضم «الحريديين».
وإذا ما تمّت تسمية نتنياهو لتشكيل الحكومة، فإنّه لن يتمكّن من ذلك، دون الاضطرار إلى التفاوض مع ليبرمان، الذي سمّاه لتشكيل الحكومة السابقة، لكن لم يتوافق وإيّاه على المُشاركة فيها، علماً بأنّ حزبه كان يتمثّل آنذاك بـ5 مقاعد فقط.
وقد يجد نتنياهو نفسه مُضطرّاً إلى تقديم الكثير من التنازلات لإغراء ليبرمان، وعدم الذهاب مُجدّداً إلى انتخابات جديدة ثالثة في غضون 9 أشهر، وحتى لا يضعف أمام جمهور اليمين المُتطرِّف، خاصّة في ظل اللقاء السلبي الذي عقده نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد حجزه لأكثر من 3 ساعات في غرفة الانتظار قبل اللقاء.
ويُدرِك الرئيس الروسي أنّ زيارة نتنياهو هي للكسب الانتخابي، والحصول على أصوات الناخبين الذين جرى استجلابهم من روسيا إلى فلسطين المُحتلّة، وهم يقترعون في غالبيتهم لصالح حزب «إسرائيل بيتنا».
ويتوقّف ترجيح كفّة نِسب التمثيل، على أعداد المقترعين، التي كلّما ارتفعت تصب ضد مصلحة نتنياهو.
هذا، علماً بأنّ المُشاركة في الانتخابات الماضية بلغت 67.9%، وفي المجتمع الفلسطيني 51%، وذهبت أصوات 30% منهم لصالح الأحزاب الصهيونية.
ونُشِرَتْ إحصاءات تبيّن منها أنّ عدد أصحاب حق الاقتراع يبلغ 5.8 ملايين ناخب وناخبة، من دون سُكّان القدس الشرقية، والدروز في هضبة الجولان، إضافة إلى إسرائيليين لهم حق الاقتراع، لكنهم يُقيمون في الخارج منذ فترة طويلة.
تبلغ نسبة الناخبين اليهود 79%، بينما تبلغ نسبة الناخبين العرب 16%، أمّا نسبة غير اليهود وهم في معظمهم قادمون جُدُد فتبلغ 5%.
وتتراوح أعمار 14% من الناخبين بين 18-24 عاماً، وتبلغ نسبة أصحاب حق الاقتراع الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً 25%.
وقد ازداد عدد الناخبين منذ الانتخابات الماضية، التي جرت يوم 9 نيسان الماضي، بنسبة 0.8%، منهم 84% يهود والباقون عرب.
وفي تحدٍّ سافرٍ ترأس نتنياهو أمس (الأحد) الجلسة الأسبوعية للحكومة، في غور الأردن.
وعرض خطة لإقامة مُستوطنة جديدة في المنطقة بإسم «مفوؤوف يريحو»، كخطوة لشرعنة مُستوطنة بالإسم ذاته مُقامة منذ العام 1993، حيث حصلت خطّته على مُوَافقة مجلس الوزراء.
وأبدى فخره بإقامة «هذه المُستوطنة، وإلى فرض السيادة الإسرائيلية بضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت».
وهذا القرار هو الأوّل منذ إعلان نتنياهو عن نيّته هذا الضم إلى الكيان الإسرائيلي في حال انتخابه، حيث لم ينتظر نتائج الانتخابات، فاستبق ذلك بهذه الخطوة في مُحاولة لكسب أصوات الناخبين.
من جهتها، كرّرت اللجنة التنفيذية لـ«مُنظّمة التحرير الفلسطينية» تأكيد موقف الرئيس محمود عباس بأنّ القيادة «ستعتبر كل الاتفاقيات المُوقّعة مع الجانب الإسرائيلي، وما يترتّب عليها من التزامات، قد انتهت، ولن تبقى الطرف الوحيد المُلتزِم بهذه الاتفاقيات».
وحملت «نتنياهو، أي حكومة إسرائيلية اتخذت قرار الضم، المسؤولية الكاملة عن إنهاء مسار السلام».
فيما شجب الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة اجتماع الحكومة الإسرائيلية في الأغوار، مُؤكداً أنّ «هذا العمل لن يُعطي أي شرعية للاستيطان المُقام على أراضي دولة فلسطين عام 1967، بما فيها القدس، وهو غير شرعي، ولا يُمكن لأي أحد أنْ يُعطيه شرعية باعتباره مُخالفاً للقرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، لذلك سيكون مصيره الزوال، كما سيزول الاحتلال بفعل صمود شعبنا».
هذا، وأعلن وزير «الكابينيت» الإسرائيلي يؤاف غالانت، أمس، عن أنّ «إسرائيل قريبة من حملة عسكرية جديدة في قطاع غزّة، وستكون على نطاق واسع، وتطال أهدافاً مُهمّة، وسنفاجئ «حماس» من حيث لا تعرف، من أين تتلقّى الضربات، ولن نذهب إلى عملية عسكرية قبل استنفاذ كل الخيارات».