تنطلق صباح اليوم (الثلاثاء) الانتخابات الـ22 لـ"الكنيست" الإسرائيلي، لاختيار 120 نائباً، من بين المُرشّحين المُوزّعين على 31 قائمة، يُتوقّع أنْ تتمكّن 9 منها من تأمين الحاصل الانتخابي.
ما يُميّز هذه الانتخابات عن سابقاتها، أنّها المرّة الأولى التي تُجرى فيها للمرّة الثانية خلال 5 أشهر، بعد حل "الكنيست" بعدما فشل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة، إثر الانتخابات التي جرت في 9 نيسان الماضي، بعد خلافه مع رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، الذي عارض تخفيف مشروع قانون يفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الشُبّان المُتديّنين اليهود المُتزمّتين "الحريديم".
والعنوان الوحيد لهذا الاستحقاق، الاقتراع لبقاء نتنياهو أو إزاحته من رئاسة الحكومة، التي تعني إقصائه من الحياة السياسية ومُواجهة ملفات الفساد التي تُلاحقه.
على الرغم من كل المواقف والوعود الانتخابية التي أطلقها نتنياهو بضم أراضٍ فلسطينية مُحتلّة وفرض السيادة عليها، وليس آخرها الأغوار وشمال البحر الميت ومُستوطنات الخليل، إلا أنّه لن يتمكّن من تأمين أكثرية 61 مقعداً في "الكنيست"، بل ما يُتوقّع الحصول عليه بين 52-58 مقعداً، ما يُصعِّب مُهمّته، التي تحتاج إلى تحالف مع أحزاب خارج مُعسكر اليمين المُتطرِّف، ويبرز في طليعة هؤلاء ليبرمان!
في المُقابل، فإنّ حزب "أزرق - أبيض" برئاسة بيني غانتس، لن يتمكّن من تأمين الأكثرية، بل ما يُتوقّع أنْ يحصل عليه معسكر "الوسط – يسار"، هو 43-45 مقعداً.
وهنا يبرز دور ليبرمان المُرجّح نيله بين 7-9 مقاعد، و"القائمة العربية المُشتركة" برئاسة أيمن عودة، التي تخوض الانتخابات مُوحّدة، في ضوء ترجيح نيلها بين 10-12 مقعداً.
وتوقّع ليبرمان "من قيادة حزب "الليكود" أنْ تعزل رئيس الحزب نتنياهو، في حال لم يتمكّن من حشد 61 نائباً لتشكيل حكومة جديدة".
وقال: "لن أجلس في حكومة مع "القائمة المُشتركة"، ولن أجلس في حكومة تضم حزب "ميرتس" أو الأحزاب المُتديّنة اليهودية".
وفي خطوة ذات دلالات مُتعدِّدة، حرص مجلس الوزراء الفلسطيني على عقد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيسه الدكتور محمد اشتيه، أمس (الإثنين) في قرية فصايل في الأغوار، تأكيداً على أنّ الأغوار جزءٌ لا يتجزّأ من الجغرافيا الفلسطينية، والحديث عن ضمّها باطل، والمُستوطِنون غير شرعيين.
ويأتي هذا الاجتماع، بعد أقل من 24 ساعة على ترؤّس نتنياهو الجلسة الأسبوعية للحكومة، أمس الأوّل (الأحد)، في غور الأردن، وعرض خطة لإقامة مُستوطنة جديدة في المنطقة، بإسم "مفوؤوف يريحو"، التي وافق عليها مجلس الوزراء.
وذكرت معلومات أنّ نتنياهو كان على وشك شن عملية عسكرية ضد قطاع غزّة في أعقاب إطلاق صاروخ من القطاع باتجاه مدينة أسدود، مساء الثلاثاء الماضي، حينما كان يُلقي خطاباً في مهرجان انتخابي هناك، ما دفعه إلى الإسراع نحو "مكان مُحصَّن"، وسط حماية مُشدّدة، لكنه تراجع عن ذلك لاحقاً.
وقد اجتمع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، في اليوم التالي (الأربعاء) برئيس اللجنة المركزية للانتخابات القاضي حنان ميلتسر، لإعلامه بإمكانية الاضطرار إلى الإعلان عن تأجيل انتخابات "الكنيست" بسبب "الشروع في عملية عسكرية".
وتراجع نتنياهو عن شن العملية العسكرية، بعدما شدّد المُستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت، على ضرورة إشراك "الكابينيت"، في اتخاذ مثل هذا القرار.
القوائم المُتنافِسة
وأعدَّ المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، تقريراً بعنوان: "الانتخابات الإسرائيلية"، أنّه يحق التصويت في هذه الانتخابات فقط لمَنْ بحوزتهم المُواطَنة الكاملة، لذلك تمَّ إخراج قرابة (335 ألفاً): من أهالي القدس المُحتلّة (312 ألفاً) وأهالي الجولان (23 ألفاً)، من الذين بحوزتهم بطاقة مُقيم، وليس مُواطَنة كاملة.
وأشار إلى أنّ نسبة الفلسطينيين من بين الناخبين بلغت قرابة 16%، وحسب تقديرات أخرى، فإنّ نسبة العرب من بين ذوي حق الاقتراع في حدود 15.8%، بينما نسبة اليهود 79%، في حين أنّ 5%، هم إما من اليهود الذين لا تعترف المُؤسّسة الدينية بيهوديتهم، أو إنّهم مسيحيون هاجروا مع عائلاتهم اليهودية.
أبرز القوائم المُشارِكة:
- "الليكود"، برئاسة نتنياهو، يُتوقّع حصوله على ما بين 31-33 مقعداً، بينما يشغل حالياً 35 مقعداً، وانضم إلى قائمته حزب "كلنا"، برئاسة وزير المالية موشيه كحلون، الذي حصل في الانتخابات الماضية على 4 مقاعد، ما يعني أنّ الاستطلاعات تُظهر تراجع "الليكود" في القُوّة الإجمالية، التي كانت تبلغ 39 مقعداً.
- تحالف "أزرق – أبيض"، يضم ثلاثة أحزاب: حزب "يوجد مُستقبل"، برئاسة يائير لبيد، الذي دخل "الكنيست" للمرّة الأولى في انتخابات 2013، وحزب "مناعة لإسرائيل"، برئاسة رئيس الأركان الأسبق بيني غانتس، وهو رئيس القائمة، وقد تشكّل هذا الحزب قبل الانتخابات في نيسان الماضي، والحزب الثالث، وهو الأصغر، "تلم" برئاسة رئيس الأركان الأسبق ووزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون. ويُتوقّع أنْ ينال هذا التحالف ما بين 31-33 مقعداً، علماً بأنّه يشغل حالياً 35 مقعداً.
- "القائمة المُشتركة"، وتضم 4 أحزاب، وهي تنشط بين فلسطينيي الـ48، هي: "الجبهة الديمقراطية للسلام والمُساواة"، "الحركة الإسلامية" (الجنوبية)، "التجمّع الوطني الديمقراطي" و"الحركة العربية للتغيير". وقد تشكّلت القائمة للمرّة الأولى في انتخابات العام 2015، وحصلت حينها على 13 مقعداً، لكنها انشقّت إلى قائمتين في الانتخابات الماضية، حصلتا على 10 مقاعد. ويُتوقّع حصولها على ما بين 10-12 مقعداً.
- تحالف "يامينا"، وهو تحالف 3 أحزاب استيطانية، ناشطة أساساً في أوساط "التيار الديني الصهيوني"، رغم أنّه ترأس القائمة الوزيرة السابقة أييلت شاكيد، وهي علمانية، ويُتوقّع حصول التحالف على ما بين 8-9 مقاعد.
- "إسرائيل بيتينا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، ويُتوقّع حصوله على ما بين 7-8 مقاعد، مقابل 5 مقاعد حصل عليها في الانتخابات الماضية.
- قائمتا "الحريديم" شاس لليهود الشرقيين و"يهدوت هتوراه" لليهود الغربيين الأشكيناز، يُتوقّع حصولهما على ما بين 13-14 مقعداً مُناصفة بين القائمتين، مُقابل 8 مقاعد لكل منهما حالياً.
- "المُعسكر الديمقراطي"، وهو تحالف يضم حزبَي "ميرتس" و"إسرائيل ديمقراطية" برئاسة إيهود باراك، الذي تمَّ تشكيله لانتخابات أيلول، ونائب مُنفصِلة عن حزب العمل (ستاف شافير)، إلا أنّ باراك مُرشّح في المقعد العاشر غير المضمون. ويُتوقّع حصول التحالف على 6-7 مقاعد، مُقابل 4 مقاعد حالياً يشغلها "ميرتس".
- تحالف "العمل – غيشر"، وهو تحالف يضم حزبَي "العمل" برئاسة عمير بيرتس و"غيشر" برئاسة النائب السابقة أورلي ليفي - أبكسيس، التي انشقّت عن حزب "إسرائيل بيتينا"، وشكّلت هذا الحزب قبل الانتخابات الماضية، وحصلت على 1.7% من الأصوات، في حين أنّ نسبة الحسم 3.25%، ويُتوقّع حصول هذه القائمة على ما بين 5-6 مقاعد، مقابل 6 مقاعد حالياً لـ"العمل".
- "عوتسما يهوديت"، وهي حركة مُنبثقة عن حركة "كاخ" الإرهابية المحظورة صورياً في الكيان الإسرائيلي، وفعلياً في الكثير من دول العالم. وقد شطبت "المحكمة العليا" ترشيح إثنين من مرشّحيها، بعد أنْ كانت قد شطبت ترشيح ثالث في الانتخابات الماضية، وهي الحركة الأشد تطرّفاً.
يُتوقّع أنْ تعبّر نسبة الحسم، وتحصل على 4 مقاعد، لكن كثيرين يُشكِّكون بهذه النتيجة، إذ في الانتخابات الماضية توقّعت الاستطلاعات حصول قائمة "زهوت" السابق ذكرها على 5-6 مقاعد، لكنها حقّقت نصف النتيجة ولم تعبّر نسبة الحسم.
كل النتائج تبقى مُرتبطة بنسب التصويت، ففي الانتخابات الماضية التي جرت في نيسان، تراجعت النسبة إلى أقل من 68.5%، مُقابل 72.3% في الانتخابات التي جرت في 2015.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فإنّ نسبة التصويت العامة قد تهبط إلى 64%، لكن لا يُمكِن الركون إلى ذلك، لأنّ الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات الماضية، أجمعت على ارتفاع نسبة التصويت إلى أكثر من 73%.
وكان تراجع الاقتراع بين اليهود أقل منه بين العرب، حيث بلغت نسبة التصويت بين العرب في نيسان 50%، في حين أنّ هناك مَنْ أشار إلى أنّها تجاوزت 52%.
وتشير كل الاستطلاعات إلى أنّ نسبة التصويت بين العرب ستتراوح ما بين 55-57%، مع احتمال ارتفاعها أكثر.
ورفع قادة "القائمة العربية المُشتركة" من تحرّكهم في مُحاولة لإقناع أكبر عدد مُمكِن من ناخبي الجمهور العربي بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع والتصويت.
وأوضح رئيس القائمة عودة أنّه "إذا وصل مُعدّل التصويت إلى 65%، فسوف نُطيح بالحكومة اليمينية"، في معرض إشارته إلى أنّ مُعدّل المُشاركة بالتصويت في الانتخابات الماضية كان أقل من 50%.
وتجوب المُجتمعات العربية من الجليل إلى النقب، حافلة خاصة تحمل شعار "هذه المرّة نُصوِّت"، بهدف إقناع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم، بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع.
وخشية من الإقدام على انتهاك حريّة التصويت للمُواطنين العرب، يقوم مُتطوِّعون بإطلاق مركز اتصال باللغة العربية، من أجل التعامل مع الأحداث الاستثنائية، مع مشورة قانونية من "مركز عدالة".
في إطار التضييق على الناخبين الفلسطينيين في أراضي الـ1948، حذّرت السلطات الإسرائيلية، تنظيم سفريات لنقل سكان القرى البدوية، غير المُعترَف بها في النقب إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
وكان نتنياهو قد فشل بتمرير "قانون نصب كاميرات مراقبة في صناديق الاقتراع"، وزعم أنّ الهدف من القانون "منع تزوير الانتخابات".
يبلغ عدد صناديق الاقتراع 10700 صندوق، سيتم افتتاحها في السابعة من صباح اليوم.
وسيتولّى 18800 شرطي إسرائيلي، فضلاً عن قوّات ما يُسمّى "حرس الحدود" ومُتطوّعين وآلاف رجال الأمن المدنيين، أمن العملية الانتخابية.
وتأتي هذه الإجراءات، في ظل شُبُهات بوقوع عمليات تزوير في الانتخابات السابقة، التي عمل لها نحو 17 ألف شرطي ومُتطوِّعون آخرون.
هذا في وقت قرّر فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي، فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية، ومعابر قطاع غزّة، اليوم (الثلاثاء)، وحتى منتصف ليلة الثلاثاء-الأربعاء.