توجّهت الأنظار اليوم إلى المحكمة العسكرية في بيروت، حيث كان يفترض ان يخضع القائد السابق لمعتقل الخيام في جيش لحد العميل عامر الياس الفاخوري للتحقيق والاستجواب من قبل قاضية التحقيق نجاة أبو شقرا. جلسة لم تأخذ كثيراً من الوقت، قبل أن تصدر القاضية أبو شقرا مذكرة توقيف وجاهية بحقه، وتحيل الملف إلى النيابة العامة.
عند مدخل المحكمة وأمامها، مشهدان. الأول هو الحضور الإعلامي الكثيف لتغطية هذا الحدث الذي شغل اللبنانيين لمدة أسبوع. والثاني هو تجمهر عدد من المواطنين والمحررين من المعتقل المذكور، في انتظار إنصافهم من قبل المحكمة العسكرية، علّهم يشفون وجعهم المحبوس في داخلهم منذ التحرير في العام 2000.
في بهو المحكمة، يحاول جميع الموجودين سرقة نظرة، علّهم يرون شكل من عذّب أهالي الجنوب لسنين طويلة. فجأة تصرخ مراسلة قناة "المنار" منى الطحيني "ها هو الفاخوري". فيلتفت الجميع ويظهر من يسمّونه "جزّار الخيام": مكبّل اليدين، مرتدياً بدلته الرمادية، وتكسر "أناقته" التي حاول الظهور بها "شحّاطة إصبع"، مطأطأ الرأس، ومنتظراً مصيره الذي لم تنجح أميركا في تخليصه.
بدأت الجلسة ودخل الفاخوري إلى غرفة الاستجواب، إلا أن القاضية أبو شقرا رفضت إدخال المحامية الأميركيّة التي يريدها الفاخوري، مطالبة بالحصول على إذن من نقابة المحامين قبل الدفاع عن المتّهم (لا يحق لأي محامي غير مسجّل في نقابة المحامين بلبنان أن يترافع عن أيّ متهم قبل الحصول على الموافقة من النقابة المذكورة). عندها رفض المحامي اللبناني أيضاً الدخول إلا برفقة المحامية الأميركية.
حين بدأت الجلسة تأكدت القاضية من هويته وطرحت عليه بعض الأسئلة، فنفذت حينها مذكرة التوقيف الغيابيّة وحولتها الى وجاهيّة بعد أن مثل أمامها، ومن ثم حوّلت الملفّ إلى النيابة العامة. وهذه الخطوة كانت ضرورية لأنّ مدة توقيفه الاحتياطيّة تجاوزت الأربعة أيام فكان من الضروري اصدار المذكرة.
كان لافتاً في الجلسة أن وفدا من السفارة الاميركية حضر لكن لم يُسمح له بالدخول. كما عقدت الجلسة في ظل إجراءات أمنيّة، وبسرية تامة بعيداً عن أعين الصحافيين الذين حضروا لمتابعة المجريات.
في هذا الإطار، يؤكد وكيل الدفاع عن عدد من الأسرى المحررين معن الأسعد، في حديث لـ"النشرة"، إرتياحه للمسار الذي تسلكه القضيّة حتى الآن، موضحاً أن القاضية أبو شقرا كانت تريد الإنطلاق في إستجواب العميل الفاخوري، إلا أن الأخير تمسّك بحقه بطلب المحامية الأميركيّة، التي لا يمكن أن تحضر، ما دفعها إلى إصدار مذكرة التوقيف، ويعتبر أن ما حصل في بالغ الاهميّة لأنه خلال هذا الوقت ستكون الإخبارات التي تقدم بها الأسرى قد وصلت، ويضيف: "بعضها وصل فعلياً إلى قاضي التحقيق العسكري وهذا أمر ممتاز".
ويشرح الأسعد أن نقابة المحامين هي من سيقرر السماح للمحامية الأميركية الدفاع عن العميل الفاخوري من عدمه، وبالتالي من الممكن أن تمنح الاذن في حال كانت مستوفية للشروط، ويؤكّد أن الأمر عادي جداً ولا يدعو إلى القلق، إلا أن الأسعد يعتبر أن مجرد إرسال وفد أميركي من 4 أشخاص نوع من ضغط نفسي، ويقول: "أهلا وسهلاً ولتأت المحامية الأميركية، بالمنطق والمعطيات من المرجح ألاّ تكون ملمّة بالقوانين اللبنانيّة".
بالنسبة إلى المحامي اللبناني الذي كان يرافق الفاخوري، يشير الأسعد إلى أنه لم يبرز وكالته وأصرّ أيضاً على المحامية الأميركيّة، ويضيف: "لو لم يكن يشعر أنه محشور كان مضى في جلسة الإستجواب، كان هناك احتمال أن يخرج من السجن في حال قدّم معطيات تظهر البراءة".
في المحصلة، إصرار العميل الفاخوري على المحامية الأميركيّة أدى إلى إصدار مذكرة التوقيف الوجاهيّة بحقّه، لكن مع وصول الإخبارات المقدمة من الأسرى المحررين سيكون أمام جلسات إستجواب أخرى.