في مثل هذه الأيام من شهر أيلول سجلّت درجات الحرارة أعلى مستوى لها في الأعوام الثلاثين الماضية، حيث وصلت في العام 2008 الى 38 درجة أقصاها، و30 أدناها، اما اقل مستوى للحرارة فكان في العام 1992 حيث سُجل أقصاها 20 درجة وأدناها 13. نذكر هذه الأرقام لأنّ شهر أيلول، وبحال لم تتغيّر المعطيات الحاليّة، سيودّع لبنان بموجة حرّ قد تصل فيها درجات الحرارة الى 36 او 37 درجة، و38 درجة بقاعًا.
في الوقت الذي تُهدّد فيه اوروبا بالسيول، وروسيا بالعواصف الثلجيّة العنيفة، بسبب تمركز منخفضات اطلسيّة فوق ايطاليا وتهدد روما ووسط البلاد بالسيول والفيضانات بسبب غزارة الأمطار المتوقّع ان تصل الى 100 مم في اليوم، يستقبل لبنان وسوريا والأردن بحسب الخبير في الأحوال الجويّة الأب ايلي خنيصر موجة حرّ تشتدّ الخميس المقبل، مترافقة مع انخفاض بنسبة الرطوبة بسبب الرياح الجنوبية الشرقيّة المقبلة من شبه الجزيرة العربية.
ويشير خنيصر الى ان موجة الحر ستستمر حوالي 48 ساعة، فبعد أن تبلغ ذروتها الخميس المقبل، تبدأ بالإنحسار مساء الجمعة بسبب النزول القطبي، الأوّل في مثل هذا الوقت، الذي سيجتاح موسكو واوكرانيا وكييف وغرب روسيا والبحر الأسود وبحر قزوين، بحيث يتزامن هذا الأمر مع عبور منخفضات جوية سوف تتحوّل الى عواصف ثلجيّة خلال الأيام القليلة المقبلة تترافق مع تدنٍّ حاد بدرجات الحرارة وقد بدأت الأرصاد الجوية الروسيّة تحذّر من هبوب العواصف الثلجيّة.
الحرارة والانسان... والمزروعات
لا شكّ أن الارتفاع السريع بدرجات الحرارة، بعد انخفاضها، او العكس يؤديان لارتفاع نسبة إصابة الإنسان بـ"الرشح" او "التهابات اللوزتين"، وهذا امر شائع، عادة ما يحصل عند الانتقال من فصل الشتاء الى الربيع والصيف، ومن فصل الصيف الى الخريف والشتاء، لأنّ الحرارة في هاتين المرحلتين تتقلبان سريعا ولا يكون الشخص محتاطا تجاه هذا التبدّل، لذلك يصبح من الضروري في هذا الوقت من السنة الانتباه، وذلك عبر تخفيف استعمال المكيّفات، وعدم التعرض المباشر لها، تخفيف شرب الماء المثلّج، ارتداء ملابس طويلة في الليل، خاصة في المناطق الجبلية.
هذا بالنسبة للإنسان، اما بالنسبة للمزروعات، فهناك أيضا وسائل لحمايتها من الحرّ الشديد في مثل هذا الوقت من السنة، ولعلّ الوسيلة الأبرز هي مدّها بالماء يوميًّا وبكميّات كافية، لانه ورغم اختلاف احتياجات أشجار الفاكهة للمياه، وتفاعلها مع الحرّ، الا أنه يمكن القول بأن الحرارة المفضّلة لنمو معظم انواع الفاكهة تتراوح بين 22-30 درجة مئوية، وعندما ترتفع كثيرا فإنّ ذلك يؤدي لزيادة معدّل فقدان الماء من الشجرة عن طريق الاجزاء الخضريّة والتبخّر، ممّا يؤدّي الى جفاف النّبات وذبوله وموته.
شتاء لبنان بارد
أمس، تراجعت الحرارة ليلا، بسبب النزول القطبي الذي يضرب روسيا في الساعات الـ48 الماضية، ويستمر لثلاثة أيام مقبلة، يقول خنيصر، مشيرا الى أن القطب الشمالي لم يهدأ طوال الصيف الحالي، وكانت دائرته واسعة فتسرّبت الرياح القطبيّة الى رومانيا وبلغاريا وجبال الألب، وهذا ما يعتبر نادر الحصول، مشددا على أن كل هذه المؤشرات، التي تسبق بدء عصر نصف جليدي في نصف الكرة الارضيّة الشمالي في شتاء 2020-2021 تدلّ على قدوم فصل شتاء بارد على لبنان.
إنّ حالات التبدّل السريع في درجات الحرارة بين ليلة وضحاها سنراها قليلاً في الأيام القليلة المقبلة، والسبب في ذلك العاصفة البردية المقبلة على جنوب تركية (رغم أن لبنان لن يتأثر كثيراً فيها) بالتزامن مع ارتفاع الحرارة بسبب موجّة الحر. لذا ما علينا سوى محاولة التأقلم.