ركّز رئيس هيئة المجالس الأسقفية الكاثوليكية في أوروبا الكاردينال انجيلو بانياسكو، الّذي كان قد وصل إلى الديمان آتيًا من زيارة تضامن مع كنائس سوريا في حلب، على أنّ "مؤتمر التراث المسيحي المشترك يؤكّد أنّ الوادي المقدس لم يمت كأنّه مدفن، بل هو مستمرّ حيًّا، مدرسة حياة تقوم على الإيمان الّذي لا يزال يحيي ضمائرنا الفرديّة، ويحيي شعوبنا المهدّدة بأخطار العولمة واستباحة الهوية".
ولفت خلال اختتام مؤتمر التراث المسيحي المشترك في الوادي المقدس، أعماله، إلى أنّ "تاريخ هذا الوادي يتّصل اتّصالًا مباشرًا بقراءة متكاملة لكلّ تاريخ الخلاص، وبدون هذه القراءة لا يمكن أن نستشرف آفاق المستقبل. ولذلك نحن واثقون بأنّ رياح العلمنة لا يمكنها أن تميت الزرع الّذي غرسه الله في العالم". ونوّه إلى أنّ "مع هذا الوادي، تتأكّد مقولة أنّ المسيحيين يحملون الهمّ ويعرفون المعاناة ولكنّهم لا يفقدون الأمل ولا يُحبطون، لأنّ الشر لا يمكن أن يكون أقوى من الخير".
وشدّد بانياسكو على "أنّني فرح جدًّا برابطة قنوبين للرسالة والتراث، الّتي أسّستها البطريركية المارونية سنة 2000، وأوكلت إليها أمر البحث عن سبل استعادة تراث الوادي المقدس في حياتنا المعاصرة، وعن سبل المحافظة عليه بأنماط الحياة المعيوشة. وأنا واثق من أنّ هذا العمل الثقافي الروحي يتيح عودة إلى ينابيع هذا التراث، عودة حجّ ديني، وعودة سياحة دينيّة، وكلاهما تتيحان لأصحابهما الخروج من هذا الوادي بحالة تجدد ونقاء". وبيّن أنّ "العائد إلى عمق هذا الوادي يكتشف ذاته ويصالحها ويتكامل مع آخرين من ثقافات مختلفة، ويلتقي بالآخر المطلق الّذي هو الله. وهكذا يتحوّل هذا الوادي درب اللقاء بالله".
وأشار إلى أنّ "من هنا، أوجّه إلى كلّ المسيحيين في لبنان والشرق رسالة تشجيع ودعوة لهم لكي يعودوا إلى أعمق الأعماق حيث الله في هذا الوادي المقدس، وحيث الصدى الدائم لصوته تعالى منذ القدم يسأل آدم: أين أنت؟ والجواب عن هذا السؤال هو بمقاربة واقعنا المعاصر بمنطق الإيمان المسيحي".