لفت راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، خلال ترؤسه قداسًا احتفاليًّا في الكرسي الأسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي، بمناسبة احتفال "لجنة العيلة" في أبرشية البترون المارونية باليوبيلَين الفضي والذهبي للمتزوجّين في الأبرشية، إلى أنّ "لاحتفالنا هذه السنة أهميّة مميّزة ومهابة خاصّة بعد إعلان البطريرك الياس الحويك، ابن الأبرشية، مكرَّمًا على طريق القداسة، وبعد افتتاح سنة المكرَّم البطريرك الياس الحويك، وهي سنة تحضيريّة لإحياء المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير".
وتوجّه إلى المكرَّمين، بالقول: "أنتم هنا اليوم، أيّها الأزواج مع أولادكم وأحفادكم، آتون من رعايا الأبرشية، لتجدّدوا العهد الّذي قطعتموه يومًا في ما بينكم أمام مذبح الرب لعيش الحب في سر الزواج المقدس، وأعلنتموه أمام الله والكنيسة والأهل وجماعة المؤمنين، وتواعدتم على عيشه مدى العمر في التضحية والوفاء وحفظ الوصايا والمشاركة في حمل أعباء الحياة ونعمة العطاء وتربية الأولاد الّذين هم بركة من الله".
وركّز المطران خيرالله على "أنّنا نلتقي معكم في إفخارستيا الشكر لنقدّم التسبيح والمجد والإكرام إلى الله المحبة، الآب والابن والروح القدس، على كلّ ما عشتموه وتعيشونه معًا، وعلى كل ما قدّمتموه من جهود وتضحيات لتكوين عائلات مسيحيّة تحيا بروح الإنجيل وهدي الروح القدس وسهر أمّنا العذراء مريم". ونوّه إلى "أنّنا نجدّد معكم في هذا اليوم المبارك إيماننا والتزامنا بسر الزواج المقدس الّذي أراده الله منذ البدء، ومن فيض حبّه اللامحدود، عطاءً وتضحيةً وحبًّا حتّى بذل الذات".
وشدّد على أنّه "لأنّ الله محبّة، خَلق الإنسان على صورته كمثاله، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم وباركهم. لا يقول الكتاب المقدس إنّ الرجل هو على صورة الله كمثاله، ولا يقول إنّ المرأة هي على صورة الله كمثاله، لكن الإثنين معًا هما على صورة الله كمثاله. صورة الله هي إذًا في الزوجين اللذين يتعاهدان على الحب ويتقدّمان في عيش هذا الحب". وأكّد أنّ "الزواج هو أيقونة محبّة الله لنا، والشركة الّتي تولد بين الزوجين في سرّ الزواج هي على صورة الشركة بين الآب والابن والروح القدس، شركة محبّة حتّى بذل الذات، شبيهة بعلاقة المسيح بالكنيسة جسده السري، وشبيهة بمحبة الله الآب الّذي بذل ابنه الوحيد فداء عن البشر".
وأوضح أنّ "لذا يطلب من الزوجين أن يستشهدا أحدهما حبًّا بالآخر. وذلك يعني أن يتخلّى كلّ منهما عن "الأنا" الخاصة فيه في سبيل نشوء "الأنا" الواحدة الّتي تجمعهما في حياة مشتركة وتجعلهما ينفتحان على عطايا الرب وينجبان أولادًا ويؤسّسان معهم عائلة مسيحيّة تدخل في سرّ الحب الإلهي". وذكر أنّ "مشروع الله الأصلي هو لعيش الحب الكامل بين الرجل والمرأة اللذين يتّحدان في الله ويتكرّسان في الحب وفي خصب العطاء الّذي من خلاله يشتركان مع الله في عمل الخلق عبر إيلاد البنين وتربيتهم على القيم المسيحية والإنسانية".
كما رأى خيرالله أنّ "العائلة هي تحفة المجمع يقول البابا فرنسيس. والزواج الّذي يباركه الله يرقى في الحب إلى سر الله، ويحافظ على الرباط بين الرجل والمرأة الّذي يولد من حب الله لهما، فيثبتان في المسيح ويصبحان مع أولادهما بالمعمودية أعضاء في الكنيسة، جسد المسيح السري الواحد. والبطريرك الحويك كان وضع العائلة في أولويات خدمته البطريركية".
وتوجّه إلى الأزواج قائلًا: "أنتم مدعوون إلى تأدية شهادة الحب وتحمّل المسؤوليّات الجسام في مواجهة التحديات الّتي تهدّد وحدة العائلة وثباتها والقيم الّتي تربّي عليها وفي تربية أجيال المستقبل. أنتم مدعوون إلى الشهادة بأنّكم عائلات تصلي. والعائلة الّتي تصلّي تعيش حضور الله فيها وتبقى ثابتة في إيمانها ووحدتها وتماسكها. تشاركوا في الصلاة مع أولادكم، وتغذّوا من كلمة الله في الكتاب المقدس ومن المناولة في الإفخارستيا واطلبوا شفاعة العذراء مريم، فتنمو عائلاتكم في الحب وتتحوّل يومًا بعد يوم إلى هيكل لسكنى الروح القدس وتكون جماعات مقدّسة وكنائس بيتيّة".
وأشار إلى أنّ "العائلات المسيحيّة مدعوّة إلى القداسة. والدعوة إلى القداسة تنمو في العائلة الّتي تشهد في عيشها للفضائل الإلهيّة والقيم الإنجيليّة. ومعك تعمل الكنيسة على أن تصان العائلة في كلّ مقوماتها وتحصَّن في أخلاقيّتها، فتكون النواة الأساسيّة لإعادة بناء المجتمع والوطن الرسالة لبنان، على قيم الحرية والكرامة والمحبة والعيش الواحد في احترام التعددية. إنّها رسالة لبنان الكبير الّذي أراده البطريرك الياس الحويك باسم جميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وهي الرسالة الّتي تحملها كنيستنا اليوم ويحملها شعبنا، لنبقى كبارًا في لبنان الكبير ونموذجًا لكلّ شعوب العالم".