صحيح أن المنطقة بأسرها تشتعل على وقع الصراع الأميركي-الايراني الذي وصل الى ذروته في الآونة الأخيرة، والصحيح أيضا ان لبنان لم يكن بمنأى يوما عن العقوبات الأميركية التي طالت ايران، وآخر معاناته قضيّة "جمال تراست بنك" التي جاءت لتضع لبنان في قلب تلك المعركة.
إذاً، لم يقتصر الضغط الأميركي على ايران بفرض العقوبات الاقتصاديّة عليها بل توسّع ليشمل لبنان للضغط على "حزب الله" الذي يعتبر ورقة أساسية في الصراع الأميركي-الايراني في المنطقة. وفي ظلّ هذا المشهد كلّه وعلى وقع ضرب "جمال تراست بنك"، يزور لبنان مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال مارشال بيلنغسلي ويلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف... فما هدف الزيارة، وماذا ينتظر لبنان بعدها؟!.
أهداف الزيارة
"الرسالة الأميركية للبنان واضحة وقالها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ومن بعده مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ولكن زيارة بيلنغسلي تأتي في إطار التأكُّد من التزام الحكومة اللبنانيّة والمصرف المركزي بالاجراءات التي توجبها العقوبات"، هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي نبيل بو منصف، لافتاً عبر "النشرة" الى أن "الهدف أيضا التأكد من تصفية المصرف الذي فرضت عليه العقوبات". بدوره الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر يلفت الى أن "العقوبات الأميركية على جمال تراست بنك أتت في ذروة المواجهة بين أميركا وايران في سوريا واليمن"، مؤكداً أن "الهدف من هذا الاجراء كان ممارسة الضغوط على "حزب الله".
عقوبات جديدة؟!
يشير منيّر الى أن "هناك كلاماً عن عقوبات على مصارف شيعيّة وعلى أشخاص لبنانيين، ولكن لا أحد يدري عمّا إذا كانت ستطبّق ومتى"، معتبراً أن "هذه الأحاديث قد تكون نوعاً من سياسة خارجية متّبعة، أو نوعاً من ممارسة ضغوطات ولكن دون وضع عقوبات". في حين أن بو منصف استبعد وضع عقوبات على مصارف جديدة بالمدى المنظور، مشيراً الى أن "الأميركيين لا يريدون إيصال لبنان الى الإنهيار ولكن قضية العقوبات على "حزب الله" ستشتدّ كلما اشتدت العقوبات على إيران".
لبنان ضحية!
طبعاً سيشدّد بيلنغسلي خلال لقائه المسؤولين، وبحسب بو منصف على "ضرورة أن تعزل الدولة اللبنانية الواقع المالي والحكومي عن "حزب الله" وإلا فإن العقوبات ستطالها أكثر"، مشيراً في نفس الوقت الى أن "أميركا لا تريد إستعمال السلاح العسكري في المنطقة لكنها تستعمل أسلوباً أشدّ قساوة وهو العقوبات والضغط الاقتصادي"، مضيفاً: "كلما شعرت الولايات المتحدة أن "حزب الله" يسيطر في لبنان أكثر كلما زادت الضغط، ولكنها وفي حال شعرت أننا وصلنا الى "الخطوط الحمر" فهي لن تكمل"، مختصراً المشهد بالتالي "لبنان من الضحايا في حرب الأميركيين والايرانيين".
إذاً، لن تغيّر زيارة بيلنغسلي في المشهد اللبناني، ولكن يبقى السؤال الأهمّ "الى أي مدى سيصل مستوى الضغط الأميركي على لبنان؟! وماذا بعد العقوبات على جمال ترست بنك؟!.