لا شيء يعلو فوق الملفّات الاقتصاديّة في لبنان، وتحديدا في هذه الفترة التي تشهد "إشارات سلبية" عديدة، وبنفس الوقت إشاعات كثيرة حول الوضع المالي الداخلي من جهة، وحقيقة التوجه الاميركي لفرض عقوبات جديدة في لبنان من جهة ثانية، وكل ذلك بالإضافة الى أزمة "الدولار" التي تؤثر على كل القطاعات، قطاع الاتصالات، المحروقات، وغيرهما.
البداية من زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلنغسلي، إلى بيروت، والتي لم تستمر لأكثر من 22 ساعة، قال خلالها ما يريد قوله، وسمع من يجب سماعه، تقول مصادر سياسيّة رفيعة، مشيرة عبر "النشرة" الى أن المسؤول الأميركي لم يحضر للبنان، وعلى عكس التوقعات، ليفرض عقوبات جديدة على مصارف او أشخاص، إنما حضر لإيصال رسالة تهديد، أرادها ان تصل عبره شخصيا لا عبر السفارة الاميركية في بيروت ولا عبر مندوبين بين لبنان والولايات المتحدة، والرسالة مفادها بحسب المصادر أن "لا عقوبات جديدة حاليا ولكن لا تهاون بكل من يساعد حزب الله ماليًّا، سواء كان عنصرا بالحزب أم مقرّبا منه ام حليفا له".
هو التهديد الأميركي الثاني بعد تهديد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر بفرض عقوبات على حلفاء حزب الله ومقربين منه بغض النظر عن ديانتهم، ولكن زيارة بيلنغسلي جاءت لتكشف الغطاء عن إشاعات كثيرة عن عقوبات أميركية جديدة على مصارف لبنانيّة، فاتضح بحسب الزائر الاميركي أنها مجرد إشاعات، وأن أيّ قرار أميركي بشأن عقوبات جديدة لم يُتّخذ بعد. بحسب المصادر فإن المسؤول الأميركي أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري بنية الولايات المتحدة الأميركية الجدية بمنع وصول أيّ مساعدة لحزب الله، مشددا على "ضرورة أن تعزل الدولة اللبنانية الواقع المالي للحزب عن الحكومة، وإلا فالعقوبات ستطالها مستقبلا"، مشيرة الى أن ردّ بري كان حازما بقدر حزم المسؤول الاميركي، الا انه كان تكرارا لما سمعه ديفيد شينكر، فبري لا يملك جديدا لناحية موقفه الرافض رفضا قاطعا للعقوبات الاميركية، والتي يرى ضررها يطال كل لبنان، لا فريقا واحدا، وبان الموقف اللبناني لم يتغير باعتبار تصنيف أميركا لحزب الله، كحزب إرهابي، غير معترف فيه في لبنان.
تشير المصادر الى أن المسؤول الاميركي حاول التشدّد مع لبنان بما يخصّ ملف حزب الله من جهة وإظهار دعم الولايات المتحدة الاميركية للبنان واقتصاده من جهة أخرى، فنقل خلال لقائه مع جمعية المصارف، بعيدا عن التهديد الصارم وتقديم مصرف "الجمّال" كأمثولة، الحرص الأميركي على هذا القطاع، معتبرا أن التزامها المعايير الاميركية يجعلها على علاقة حسنة مع "الخزانة الاميركيّة"، ولكن وبحسب المصادر السياسيّة فإن لعبة أميركا باتت مكشوفة، وهي أنها لا تريد تحطيم الاقتصاد اللبناني ولا تريد نهوضه، وبالتالي تسعى لاستمرار حال التخبّط على حالها في الوقت الراهن.
الى جانب زيارة بيلنغسلي وما مثّلته من ضغط اقتصادي، كان لافتا في اليومين الماضيين حجم الإشاعات الاقتصاديّة من جهّة، وحجم الاخبار الاقتصاديّة الصحيحة من جهة أخرى. وفي هذا السياق تؤكد المصادر أن لا صحة لكل ما يتعلق بتوقيف القروض من المصارف، ولا صحة لما يُشاع عن أزمة محروقات دفعت بالمحطّات لتحديد سقف أعلى لبيع كل مواطن، بل الامر اقتصر على ساعات قليلة في احدى المحطات لأجل تأمين مادة البنزين لكل اللبنانيين الذين هرعوا الى المحطات فور شيوع خبر الإضراب المفتوح.
وتضيف المصادر: "بالمقابل نعم هناك بعض التجاوزات التي تُقلق المواطن، ومنها مثلا امتناع احدى الشركات عن قبول الليرة اللبنانية لدفع فواتير الهاتف الخليوي، وامتناع عن تسليم بطاقات تشريج الخليوي الا مقابل الدفع بالدولار، ما أدى لرفع سعر بطاقات التشريج"، مشيرة الى أن حل هذه الأمور قد يكون عبر الاقتراح الذي تقّدم به النائب حسن فضل الله في المجلس النيابي، والذي يطالب عبره "باتخاذ اجراءات فورية للحد من الضغط على طلب الدولار من خلال إلزام المؤسسات التابعة للدولة بالفوترة بالليرة من بينها الميدل ايست والخليوي".