يُدرك رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي المُكلف تشكيل الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه يخسر الوقت مع كل يوم يمر منذ تكليف رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين له تشكيل الحكومة.
وعلى الرغم من أن نتنياهو يرأس كتلة "اليمين - الحريديم" المُتمثلة بـ55 نائباً في "الكنيست"، إلا أنه الحلقة الأضعف، والأكثر استهدافاً من أعضاء حزب "الليكود" الذي يترأسه أو تكتل اليمين المُتطرّف، حيث يسعى أكثر من نائب للحلول مكانه بقيادة الحزب أو التحالف، فضلاً عن خصومه، خاصة رئيس حزب "أزرق - أبيض" بيني غانتس الطامح لتشكيل أوّل حكومة له، وهو الذي يعتبر نفسه أنه الأجدر، لتصدر حزب "أزرق - أبيض"، الذي يرأسه بـ33 مقعداً.
كذلك مثوله أمام المدعي العام بداية شهر تشرين الأوّل المُقبل في 3 ملفات تتوزع بين الفساد والخيانة، والتي لا يُستبعد أن تكون بداية نهايته السياسية، والاتهامات المُوجهة إلى نتنياهو يتخذها خصومه في "اليسار - وسط" و"إسرائيل بيتنا" ذريعة لعدم المُشاركة في حكومة برئاسته.
لذلك، فإن الجميع هدفه إفشال نتنياهو، لازاحته عن المشهد السياسي، وهو الطامح لتشكيل حكومته الخامسة، حيث يُحاول تقديم التنازلات لضمان رئاسة الحكومة، ولو في المرحلة الأولى، ومنها تحالف يضمن له ابعاد استفراده في قرارات "الكنيست" التي لا تحتاج إلا إلى تصويت 61 نائباً، وهو ما يُمكن أن يضمن تأمينه بأي تحالف من خارج كتلة اليمين المُتطرّف.
وفيما يتربص المُتنافسون بعضهم بالبعض الآخر، يعمد رئيس الكيان الإسرائيلي ريفلين إلى مُمارسة أقصى الضغوطات على الجميع، خاصة نتنياهو وغانتس.
فقد اقترح خلال جمعهما في اللقاء الثنائي، يوم الأربعاء الماضي، وقبل تكليف نتنياهو، خطة لتشكيل حكومة وحدة وطنية بين "الليكود و"أزرق - أبيض"، بأن يترأس نتنياهو الحكومة، ويتولى غانتس مهام القائم بأعماله، على أن يتبع ذلك تعديل "قانون إعلان رئيس الحكومة عجزه عن أداء مهامه"، بإلغاء أن تكون غير مُحددة الوقت، كما المعمول به الآن، وتوسيع صلاحيات القائم بأعمال رئيس الحكومة عندها.
ووفقاً للقانون الحالي، فإن رئيس الحكومة يبقى في منصبه من دون أي صلاحيات، حتى مرور 100 يوم على إعلانه عجزه عن القيام بمهامه، فيما يدير القائم بأعماله شؤون البلاد فعلياً في اللحظة التي يُعلن فيها رئيس الحكومة عجزه. ويقترح ريفلين شطب البند المُتعلق بالـ100 ليكون، الوقت غير مُحدد بموعد.
وهذا التعديل لنتنياهو يتيح له أن يُعلن عجزه عن تسيير شؤون البلاد، عند تقديم لائحة اتهام ضده بملفات
الفساد، وأن يبقى بذات الوقت رئيساً للحكومة، ويُحاكم كذلك وليس كمواطن، أثناء مُواجهته هذه القضايا في المحكمة من جهة، ويجعل من غانتس رئيساً للحكومة بشكل فعلي، ويعطي هذا "السيناريو" رئيس "أبيض - أزرق" مُبرراً للمُشاركة في الحكومة، وأنه "لا يجلس في حكومة يرأسها مُتهم".
وقد لقي هذا الطرح حماساً في "الليكود"، فيما شُركاء غانتس في تحالف "أزرق - أبيض"، ما زالوا يُصرون على عدم الجلوس مع "نتنياهو الفاسد" في الحكومة، وهم على خلاف شخصي معه.
وكان ريفلين قد أبلغ غانتس أنه إذا ما اعتذر نتنياهو عن تشكيل الحكومة، فلن يُكلفه يذلك لأنه لا يمتلك 61 صوتاً تعطيه الثقة في "الكنيست"، بل سيذهب إليها من أجل ترشيح شخصية ثالثة للتأليف، وعدم الذهاب إلى انتخابات جديدة، تكون الثالثة خلال عام واحد.
وأمس، خرج المفاوضون بين ممثّلي "الليكود" و"أزرق - أبيض" دون نتيجة، إثر جلسة مُفاوضات استمرت لأكثر من 4 ساعات.
وعلى الرغم من أن التباينات ما زالت كبيرة بين الوفدين، إلا أن نتنياهو طلب من فريق "الليكود" التفاوضي الاستمرار في المهمة، لأنها تُشكّل خشبة الخلاص له، بينما فريق "أزرق - أبيض" التفاوضي، رفض طرح "الليكود" بعقد جلسة مساء اليوم (السبت) ولم يوافق إلا على عقدها صباح غد (الأحد).
وكان غانتس قد دعا نتنياهو، إلى "التفاوض دون شروط مُسبقة، ودون وجود ألاعيب".
وأعلن غانتس في افتتاح جلسته مع أعضاء تحالف "الوسط - يسار"، الذي يترأسه، أن "الحقائب الوزارية ليست هدفنا، بل هي أدوات عمل بالنسبة لنا، أنا لا أتطلع لأن أكون رئيس وزراء من أجل الكرامة الشخصية، طلبت ثقة الجمهور من أجل المُهمة وليس من أجل المنصب، وسأواصل طلب ذلك حتى يتم تشكيل حكومة في إسرائيل".
وأضاف: "نحن لا نُهاجم أي شخص على المُستوى الشخصي، بل نسعى لتحقيق النزاهة العامة، نحن نعمل ضد الفساد، ولا يُمكننا الجلوس في حكومة برئاسة رئيس وزراء تمثل ضده لوائح اتهام، ولذلك أدعو ثاني أكبر حزب لدينا "الليكود" إلى حوار حول المضمون والجوهر".
وتطرق غانتس في حديثه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، قائلًا: "نحن نسعى لتشكيل حكومة وحدة، ويتم تشكيل الحكومة عندما يتم وضع الحجرين الكبيرين - أي الحزبين الرئيسيين - في المرتبة الأولى، لكن أولاً وقبل كل شيء يجب أن تُوافق الأحزاب الكبيرة على الخطوط الأساسية، ومن ثم تنضم إليها الأحزاب الأخرى"، مُشيراً إلى أنه "مُتفائل وأؤمن أنه يُمكن تشكيل حكومة وحدة".
هذا في وقت يُحاول فيه نتنياهو استقطاب عطف الرأي العام، خلال جلسة الاستماع إليه في ملفات، الأسبوع المقبل، حيث طلب من المُستشار القانوني بث جلسة المحكمة مُباشرة..
وقال: "إن البث سيكفل مُراعاة الأصول القانونية من دون وسطاء ومن دون رقابة أو تشويه".
وأضاف: "الأسبوع المُقبل، سيتم فتح الجلسة، لقد حان الوقت لكي يسمع الجمهور كل شيء، لهذا السبب أطلب من السلطة القضائية أن تفتح الجلسة مُباشرة ".
وتابع: "هذا هو المطلوب، وهذا ما فعله القاضي ميلتزر فيما يتعلق بجلسات الاستماع في لجنة الانتخابات، هذا ما فعله الرئيس ريفلين فيما يتعلق بالمُناقشات مع الأحزاب، هذه هي الأشياء التي تُعطي الثقة العامة".
من جهته، أبدى ليبرمان، استعداده للتفاوض مع حزب "الليكود" بشأن تشكيل حكومة، شريطة أن يتصل "الليكود" بنا رسمياً وليس من خلف الكواليس، كما حدث حتى الآن".
وأضاف: "لا تُوجد شروط مُسبقة، وإذا اتصل "الليكود" بنا رسمياً، فنحن مُستعدون للتفاوض معهم".
إلى ذلك، وكشف استطلاع رأي جديد، أجرته هيئة البث الإسرائيلي "كان"، أمس (الجمعة)، أن أكثر من نصف الإسرائيليين يدعمون حكومة وحدة وطنية.
وأظهر الاستطلاع، أن 50.6% من المُستطلعة آراؤهم يُفضلون حكومة وحدة وطنية تشمل التناوب بين نتنياهو وغانتس، فيما عارض 32.1% ذلك.
ووفقاً للاستطلاع، أجاب 41.8% بأنهم يُؤيدون نتنياهو بأن يكون أول رئيساً للوزراء بالتناوب، بينما أجاب 40.8% أنهم يُؤيدون غانتس.
وألقى 34.5% من المُستطلعة آراؤهم اللوم على نتنياهو في حال ستجري انتخابات ثالثة، فيما ألقى 31.6% باللوم على ليبرمان، أما 8% أجابوا بأن يائير لابيد (الشخصية الثانية في تحالف "أزرق - أبيض")، هو المسؤول، وفقط 6.4% ألقوا اللوم على غانتس.
ميدانياً، استشهد الشاب الفلسطيني ساهر عوض الله جير عثمان (20 عاماً) مُتأثراً بجراحه التي اصيب بها في صدره خلال مُشاركته في مسيرات العودة السلمية في جمعتها الـ76، شرقي رفح - جنوب قطاع غزة.
كما أصيب العشرات من المُواطنين بالرصاص الحي والمعدني المُغلف بالمطاط وقنابل الغاز، باستهداف قوات الاحتلال للمُشاركين في المسيرات السلمية.