قد تمر ذكرى اليوم الوطني السعودي او الاحتفال به في اي مكان في توقيت غير الذي نعيشه اليوم مرور الكرام ولكن ما نعيشه من توترات وانقسامات وخصوصاً ايرانية- سعودية وما بين الموالين لهذا الطرف او ذاك، يبدو ان الامور لا تسير بالشكل المطلوب بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي. ووفق اوساط من الموحدين الدروز المتحالفين مع المقاومة، لم تكن خطوة موفقة على الإطلاق أن يتمّ الاحتفال بالعيد الوطني السعودي في الشوف وفي قصر "المير امين". ولذلك يُطرح السؤال عن المبرّرات والدوافع والأسباب الموجبة التي دفعت برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى الإقدام على هذه الخطوة؟
وقد تكون الإجابة عن هذا السؤال سهلة جداً إذا تمّ ربط الأمر فقط بالمصالح المادية الضيّقة. لكن إضافة إلى هذه النقطة الحساسة، هناك بالتأكيد ما هو أخطر من ذلك، حيث لا يزال مستمراً مشروع استهداف المقاومة والمقاومين، وهو مشروع يتخذ في كلّ مرة شكلاً جديداً ولبوساً مختلفاً، خاصة بعد الفشل المتكرّر في المواجهة المباشرة مع المقاومة، سواء في لبنان أو في المنطقة بأسرها.
لذلك نشهد في هذه المرحلة محاولات جديدة لاستهداف المقاومة بطرق غير مباشرة، ولعلّ احتفال "قصر المير أمين" أحد مظاهرها، لا سيما أنّ للشوف رمزية مميّزة كونه الركيزة التي استند إليها المعلّم الشهيد كمال جنبلاط لينطلق بمشروعه الوطني والقومي والإنساني، إلى الرحاب العالمية الواسعة، حاملاً راية فلسطين التي بقيت خفّاقة عالية حتى الرمق الأخير من حياته.
وإذا كان المعنيون مباشرة بحفظ إرث المعلّم الشهيد كمال جنبلاط قد تخلوا عنه وساروا خلف مَن تخلى عن القدس وفلسطين، وبدأوا يقيمون لهم الاحتفالات في قلب الشوف، لمصالح وغايات مختلفة، فإنّ هناك في قلب الشوف أيضاً من لا يزال يؤمن بنهج المعلم الشهيد، ويستمرّ رافعاً راية فلسطين والمقاومة، ويقيم لها الاحتفالات ويحيي أيامها المشهودة ويستذكر أبطالها ومجاهديها من الفلسطينيّين واللبنانيّين والسوريّين ومن كلّ الأمة.
هذا هو دأب تيار صرخة وطن ورئيسه جهاد ذبيان الذي يصرّ دائماً على أن تكون فلسطين حاضرة وموجودة في كلّ المناسبات واللقاءات، خاصة أنه يحيي في الشوف كلّ عام مناسبة يوم القدس العالمي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، وقد كان احتفال هذا العام مميّزاً إلى درجة كبيرة جداً، لا سيما أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أوفد الوزير محمود قماطي كممثل شخصي عنه إلى حفل الافطار في السمقانية، وكذلك حضر الحفل السيد حسيني ممثلاً السفارة الإيرانية، ولفيف من العلماء ورجال الدين من كلّ الطوائف والمذاهب، وجمع مميّز من ممثلي الأحزاب الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية والشخصيات السياسية والحزبية والإعلامية.
وقد أجمعت الكلمات في حفل العشاء على أنّ فلسطين هي البوصلة، وستبقى قضية الأمة المركزية، مهما كان حجم التضحيات ومهما كبرت التحديات، خصوصاً أننا نعيش اليوم زمن الانتصارات بعدما ولّى زمن الهزائم إلى غير رجعة.