بعد غياب قسري بسبب احتلال "داعش" للحدود العراقيّة السوريّة، أُعيد فتح معبر البوكمال-القائم، الذي يعتبر أهم معبر بري حيوي يربط بين سوريا والعراق، فكان للخبر إيجابيات كبيرة سيكون للبنان نصيبا منها، فهو الذي يتصل شرقا بالمدن العراقية، وغربا بخط يؤدي إلى حمص، يعدّ شريانا حيويا واقتصاديا مهما للمنطقة ومن ضمنها لبنان.
أفاد مراسل "النشرة" في سوريا بأن "حركة الشاحنات والبضائع بدأت تعود تدريجيا عبر المعبر، كما بدأ المواطنون من الجانبين، العراقي والسوري، بالعبور حيث تعمل الجمارك ووزارة النقل بتسهيل حركة المرور"، فكيف يتأثر لبنان بهذا المعبر وما هي الصعوبات التي تعترض الإستفادة القصوى منه؟.
يُعيد المعبر العلاقات العربية-العربية الى سابق عهدها وهذا لوحده يعدّ امرا ايجابيا، يقول رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أنه يوفّر على الشاحنات اللبنانية مشقّات السفر الطويل التي كانوا يتكبدونها للتوجه الى بغداد، اذ كانوا ملزمين بالمسير حوالي 3 آلاف كيلومتر من لبنان الى العاصمة العراقيّة، بينما مع افتتاح معبر البوكمال ستصبح المسافة 500 كيلومتر فقط.
ويضيف ترشيشي: "كانت الشاحنات اللبنانية ملزمة بمسارات صعبة من سوريا فالأردن فالعراق، أو من سوريا فكردستان العراق ومن ثم بغداد، وهذا ما كان يسبب خسائر كبيرة لم تقتصر على الضرائب فحسب بل أيضا تكاليف السفر، لذلك انخفضت الصادرات الى العراق بنسب ضخمة، خصوصا أنها كانت تشكل سابقا حوالي 50 بالمئة من مجمل صادرات لبنان".
لا تقتصر الصادرات اللبنانية الى العراق على الفواكه والخضار، بل تشكل الصناعة المحلية قسما منها وبالاخص "المحوّلات الكهربائية"، كذلك تجارة السيارات التي تنتقل الى العراق "ترانزيت"، لذلك يمكن القول أن تحرّك الشاحنات اللبنانيّة باتجاه بغداد سيكون له إيجابيات كبيرة جدا في الحالة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، خصوصا بعد أن علمت "النشرة" أن السلطات العراقيّة قدّمت وستقدّم كل التسهيلات الممكنة لدخول البضائع اللبنانيّة.
وتشير المعلومات لـ"النشرة" أن السلطات العراقية سمحت للشاحنات اللبنانيّة أن تدخل مباشرة الى بغداد بعد ان كانت سابقا تفرّغ حمولاتها على الحدود العراقية، لتنقل الى العاصمة بسيارات عراقية، الامر الذي كان يزيد من كلفة النقل أيضا.
ولكن وكما يقول ترشيشي: "زواج وزوّجتك .. بس من وين بجبلك حظ"؟ لا تزال قيمة الضرائب السوريّة مرتفعة على الشاحنات اللبنانيّة التي تمر عبر أراضيها، وذلك بعد القرار الجديد الذي اتخذته الحكومة السورية عام 2018 بعد اعادة افتتاح معبر نصيب، اذ تكاد كل شاحنة تكلّف 2500 دولار أميركي لتمر من بيروت الى بغداد.
تشكلت لجنة لبنانية-سورية في نيسان الماضي لحلّ هذه المشكلة، ولكنها وبحسب مصادر خاصة لـ"النشرة" لم تجتمع كثيرا، مشيرة الى أنها اجتمعت منذ أيام في البقاع ولم تصل الى نتيجة تُذكر، على اعتبار أنّ الازمة ليست اقتصاديّة، ولا زراعيّة، بل سياسيّة، كاشفة أن وزارة الزراعة تحضّر لتحرك جديد في هذا الإطار.
وتضيف المصادر: "الدولة السوريّة لا تمانع تخفيف الضرائب، وهي فعلت ذلك مع الأردن عبر مشاورات رسميّة، ولكنها لن تقوم بذلك مع لبنان اذا لم يتم التعاطي مع الامر بشكل رسمي". وفي نفس السياق يؤكد ترشيشي أنّ السوريين مستعدون للمساعدة ولكنهم يريدون التفاوض مع وفد لبناني رسمي يمثل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لا مع وفد يسافر اليهم بالسر وبعيدا عن أعين الاعلام.
بعد ملف النازحين ها هو ملف الصادرات اللبنانيّة الى الدول العربيّة عبر سوريا يعود الى الواجهة مجددا، فهل تحدّد مصلحة لبنان طبيعة العلاقة مع سوريا أم تبقى العلاقة خاضعة لأهواء الدول الاجنبيّة التي لا تهتم سوى لمصالحها؟!.