على ضوء الأزمات التي شهدتها البلاد، خلال الأيام الماضية، تطرح الكثير من الأسئلة حول كيفية التعامل مع مشروع موازنة العام 2020 من قبل الحكومة، لا سيما بعد أن جرى الإعلان سابقاً أن تكون إنقاذية إستكمالاً لموازنة العام 2019 وخطوة على طريق موازنات الأعوام الثلاثة المقبلة.
بالتزامن، لا يبدو أنّ الضغوط الأميركية كانت وحدها السبب في تفجير بعض الأزمات الإقتصاديّة مؤخراً، على الرغم أنها كانت تواجه في المقابل حرصاً أوروبياً، لا سيما من الجانب الفرنسي، للحفاظ على الإستقرار المحلّي، وهو ما تبلغت به أكثر من جهة سياسية في الأيام الماضية.
في هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن لا خطر على الإستقرار الحكومي رغم الإهتزاز الّذي تعرض له، خصوصاً مع توتر العلاقة بعض الشيء بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل"، وتلفت إلى أن هناك قراراً واضحاً بأن لا بديل عن الحكومة الحالية حتى الساعة، وبالتالي ليس هناك ما يستدعي الذهاب إلى أي مغامرة غير محسوبة النتائج.
بالتزامن، تشدّد هذه المصادر على أن الأفرقاء المحليين الأساسيين يدركون هذا الأمر جيداً، بدليل أن الدعوات إلى التغيير الحكومي لم تصدر عن أيّ جهة فاعلة، بغض النظر عن التسريبات التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام، في حين أن المطالبين بهذا التغيير هم من المتضررين الراغبين في تسجيل المزيد من النقاط ليس أكثر، وتضيف: "لا أرضيّة حقيقيّة لهذا التوجّه، بل على العكس من ذلك هناك قناعة بأن المطلوب تفعيل عمل حكومة سعد الحريري لا إسقاطها".
على الرغم من ذلك، لا تنكر المصادر نفسها وجود من سعى إلى رفع سقف المواجهة، إنطلاقاً من التحرّكات التي حصلت في الشارع وأزمة شحّ الدولار في الأسواق، لكنّها تؤكد أن حكومة الحريري الثالثة لا تزال تحظى بمظلّتين محلية ودوليّة، وترى أن الضغوط التي واجهتها لم تكن أكثر من رسالة ينبغي التعامل معها بشكل جدّي.
وسط هذه الأجواء يأتي الحديث عن موازنة العام 2020، التي تبحث على طاولة مجلس الوزراء، حيث بات من الواضح أن التعامل معها لن يكون بالسهولة التي تتصورها بعض القوى السياسية، نظراً إلى أن الحكومة مطالبة بإجراءات جوهرية تظهر نتائجها سريعاً، وبالتالي العودة إلى معادلة أن لا مجال للمزيد من الفرص الضائعة.
على هذا الصعيد، توضح مصادر معنية، عبر "النشرة"، أن الدول المانحة لا تزال تعتبر أن الحكومة اللبنانية لم تقم بالإجراءات المطلوبة منها، خصوصاً على مستوى الإصلاح الإقتصادي والإداري، وبالتالي لا يمكن أن تطالب بالحصول على أي مساعدات في ظل هذا الواقع، وتعتبر أن الكثير من الملفات العالقة لا تزال تنتظر قراراً سياسياً واضحاً لإنجازها.
وتشير هذه المصادر إلى أن هذا القرار السياسي لا يبدو متوفراً حتى الساعة، بالرغم من كل الشعارات التي ترفع من قبل معظم القوى المشاركة في الحكومة، لا بل أنّ السجال حول الموازنة عاد إلى النقاط السابقة التي كانت حاضرة في موازنة العام 2019: "هل هناك ضرائب جديدة أم لا؟ هل ستذهب الحكومة إلى مصادر جديدة لتمويل العجز أم لا"؟، وتضيف: "لا يمكن البقاء عند هذه النقاط التي يسعى كل فريق إلى الكسب الشعبي فيها، في حين أنّ الحكومة من المفترض أن تكون قد انطلقت إلى مرحلة التنفيذ لا البقاء في مرحلة البحث عن الخيارات".
في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على ضرورة العودة إلى مقرارات إجتماع بعبدا الإقتصادي، وترى أن ليس هناك ما يمنع عقد المزيد من الإجتماعات للوصول إلى الحلول المرجوّة، خصوصاً أنّ المطلوب العمل بسرعة مضاعفة بدل التلهّي بالسجالات التي لن تؤدي إلا الى مضاعفة الأزمة.