فرضت الوقائع المفتعلة التي حدثت مؤخراً في لبنان، بدءًا من موضوع الدولار وصولاً الى المحروقات وأخيراً التحركات الشعبيّة، واقعاً جديداً يستوجب التعامل معه ومعالجة المشاكل بدل تأجيلها كما يحصل دائماً. وهذا ما حدث فعلاً مع دخول رئيس الجمهورية ميشال عون على خط معالجة أزمة المحروقات عبر فرض التسعيرة بالليرة اللبنانية ولكن هذا كلّه لا ينهي الوضع الراهن أو يضع حداً له بل على العكس. فماذا ينتظرنا وهل من حلول جذرية للأزمة؟!.
"دخلنا مرحلة جديدة من الأزمة ومضطرون أن نتكيّف معها على قاعدة عدم حصول الإنهيار وفي نفس الوقت عدم حصول الإنفجار". هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة"، لافتاً الى أنه "مثلاً في موضوع الدولار مطلوب عملية تعوّد على الواقع الجديد وهو أن المرحلة التي كان فيها الدولار متوفراً في الأسواق اللبنانية لم يعد موجوداً وهذا سيؤدي للتقليل على صعيد ما نستورده". ويرى بزي أن "المنظومة السياسية الحاكمة أمام تحدّ أن تثبت قدرتها على ادارة الأزمة وعلى بدء وضع علاج للأزمة".
من جهته يشير الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان الى أن "أزمة الدولار والمحروقات أساسيّة ولم تصل في أي يوم الى ما وصلت إليه في الوقت الراهن"، مشدداً على أن "الحكومة مقصّرة، ولماذا تنتظر هذه التحركات بالشارع لتعالج الأزمة؟ والواضح أنها تستطيع المعالجة بعد إيجاد الرئيس عون الحلّ لأزمة المحروقات"؟.
"كلّ التحركات في الشارع قاصرة عن إدراك تظهير حالة مطلبيّة تحاكي وجع الناس". هذا ما يعود ليؤكّده وسيم بزي، معتبرا أن "كلّ هذا الحراك هو خمول ولن يكون جدياً إلا إذا تبنته الأحزاب"، مشيراً الى أن "لا ظروف البلاد ولا ظروف المنطقة تسمح بالتفكير بتغيير الحكومة وبالمدى المنظور".
بدوره يشدد فليحان على "ضرورة أن تضع الحكومة خارطة طريق لمعالجة كلّ المشاكل الإجتماعيّة والاقتصاديّة وغيرها"، لافتاً الى أن "هذه المعالجة يجب أن تكون سريعة لأن ظروف البلد لا تسمح أبداً بالإنتظار خصوصاً وأن الصرخات في الشارع بدأت تتعالى".
يعتبر خليل فليحان أن "الحلّ الوحيد للتخفيف والبدء بالخروج من الأزمة ليس بتغيير حكومة بل مع إنعقاد مؤتمر سيدر وحصول لبنان على الأموال ونتيجة له تتحسّن الأحوال"، مضيفاً: "هو الخلاص الوحيد لنا في الوقت الحالي". أما وسيم بزي فيرى أن "الحكومة تنتهج سياسة كسب الوقت ومحاولة الرهان على الخارج للمعالجة، إلا أن الخارج يشترط الإصلاح من أجل المساعدة وهذا ما لا يمكن للحكومة القيام به في الوقت الراهن"، مؤكداً أن "لا بوادر قريبة لعقد مؤتمر "سيدر" وهذا ما لمسه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون"، معتبراً أنه "أمام هذا المشهد فانّ الفترة صعبة ويسعى المسؤولون الى أن يكونوا جديين في إدارة الأزمة اللبنانية".
الواضح أمام هذا كلّه أن لبنان يتأثّر بشكل كبير بالمشهد في الخارج خصوصاً وأن هناك ترابطا بينه وبين ما يحصل في المنطقة التي لا تزال مشتعلة، والأهمّ من هذا كلّه على لبنان أن يتكيّف مع الأجواء وينتظر أن تهدأ الأمور في الخارج لإيجاد الحلول اللازمة في لبنان.