تَجوب "أَكاديميَّة الإِنسان للتَّلاقي والحِوار" مجلسي النُّوَّاب والوزراء، لتُضحي مسيرتها من مسؤوليَّة وزارة الخارجيَّة اللُّبنانيَّة وفق آليَّةٍ مُعيَّنةٍ مفادُها: حين يُصبح الاتِّفاق في شأن "أَكاديميَّة الإِنسان للتَّلاقي والحوار" في صيغته النِّهائيَّة جاهزًا للتَّوقيع، يُعرض على مجلس الوزراء في لبنان، ومن ثمَّ يُحال إِلى مجلس النوَّاب الَّذي يجيز إِبرامه، ومن ثمَّ يوقّعها لبنان والدُّول العشر.
و"الأَكاديميَّة" الَّتي حقَّق من خلالها رئيس الجمهوريَّة العماد ميشال عون وعده، فباتَ لبنان بالفعل "مركزًا دائمًا للحِوار بين مُخْتلف الحَضارات والدِّيانات والأَعْراق"، أَوجَبت السُّؤَال: وَفق أَيِّ آليَّةٍ ستَسْلك طريقَها إِلى التَّحقُّق واقعًا؟.
وستسْتقطب "الأَكاديميَّة" باحثين ومُفكِّرين... ومُشاركين في المُؤْتمرات والنَّدوات والمُحاضرات وطلاَّبًا من مختلف أَنحاء العالم، كما وسيكون مقرُّها كأيِّ مقرٍّ لأيِّ مُنظَّمةٍ عالميَّةٍ في إِحدى العواصم. وقد سارعت بلديَّة الدَّامور - كما بات معلومًا - وأَكَّدت استعدادَها تقديم قطعة الأَرض اللازمة لإِنشاء "الأَكاديميَّة".
غير أَنَّ "الأَكاديميَّة" لن تكون عبارةً عن مركز مُحاضراتٍ أَو صالة ندواتٍ فحسب، بل وستتَّخذ أَيْضًا طابعًا تعليميًّا جامعيًّا دوليًّا، يضع الأُمناء والخبراء والاختصاصيُّون نظامَها وأساليبَ التَّعليم فيها ومستوى شهاداتها وطريقة الدِّراسة وعدد السَّنوات... لكي تكون مثل "أَكاديميَّة لاهاي للقانون الدَّوليِّ" أو "أَكاديميَّة السَّلام في كوستاريكا"...
وتستهدف "أَكاديميَّة الإِنسان للتَّلاقي والحوار" أيَّ إِنسانٍ يجد أَنَّه في حاجةٍ إِلى التَّعرُّف إِلى حضارة الآخر. كذلك، فإِنَّ بابها مفتوحٌ للمحاضرين والأَساتذة والمفكِّرين من الدُّول العشر المؤسِسة ومن كلِّ حضارات العالم العريقة، فمجالاتُها متعدِّدةٌ وآفاقها واسعةٌ.
ويَعمل لبنان الآن، ومن خلال وزارة الخارجيَّة وسفراء الدُّول في لبنان، على "تحفيز" الدُّول للإِسراع في درس الاتِّفاق وتوقيعه. كما وينتظر لبنان ملاحظات الدُّول لإِعادة صوغ النَّصِّ النِّهائيِّ للاتِّفاق، بعد موافقة كلِّ الدُّول عليه.
ويأْمل الرَّئيس عون في أَن يُوقَّع الاتِّفاق قبل انْعقاد الدَّورة الـخامسة وسبعين، للجمعيَّة العُموميَّة للأُمم المتَّحة في أَيلول 2020، لكي يتمَّ إِيداع نصّ الاتِّفاق الدَّوليِّ رسميًّا لدى الأُمم المتَّحدة، ويتحوَّل وثيقةً من وَثائقها، على أَن يَكون الانْضِمام إِليها مُتاحًا لأيِّ دولةٍ، إِضافةً إِلى الدُّول المُؤَسِّسة.
صحيحٌ أَنَّ "أَكاديميَّة الإِنسان" ليسَت الوحيدة عالميًّا، فثمَة أَكاديميَّاتٌ كثيرةٌ... غير أَنَّ هذه الأَكاديميَّة تفتح الآفاق نحو عالمٍ أَكثر أَمْنًا وسلامًا، يعتمد ثقافة الحِوار والتَّواصل وتقبُّل الآخر وحلِّ النِّزاعات قبل اسْتِفحالها... ومَن أَجدر من بيروت –أُمِّ الشَّرائع– في تأْدية هذا الدَّور؟.
ومن الأَكاديميَّات العالميَّة نذكر على سبيل المِثال لا الحَصر:
-"أَكاديميَّة السَّلام الدَّوليَّة": مقرُّها في "نيويورك"، وهي مؤَسَّسة سياساتٍ وبحوثٍ رائدةٍ، مُتخصِّصةٍ في المُقاربات المُتعدِّدة الجوانب للسَّلام والأَمن... وقد التزَمت الأَكاديميَّة الابْداع المؤَسَّسيِّ، رغبةً منها في إِيجاد حلولٍ دوليَّةٍ فاعلةٍ للصِّراعات المُسلَّحة والأَزمات من خِلال بُحوثٍ وتَطويرٍ للسِّياسات.
-"الأَكاديميَّة الدَّوليَّة لمُكافحة الفساد": هي أَوَّل مُنتدى عالميٍّ يجمع كلٍّ من المجتمع المدنيِّ ورؤساء الدُّول والقطاع الخاصِّ، لمعالجة التَّحدِّيات المُتزايدة التَّعقيد الَّتي يُخلِّفها الفساد. يُعقد المُؤْتمر العالميُّ مرَّة كلَّ سنتَين اثنَتَين، في منطقةٍ مُختلفةٍ من مناطق العالم، ويشارك فيه نحو ١٥٠٠ مُمثِّلٍ لأَكثر من ١٣٥ دولةً.
-"أَكاديميَّة حقوق الإِنسان" التَّابعة لـ"منظَّمة العفو الدَّوليَّة"، والقائِمة على جهود الأَخيرة، من أَجل خلق تجمُّعاتٍ ثقافيَّةٍ تؤْمن بوجود الآخَر، كما وتعمل من أَجل تعزيز هذه القيم في مُختلف أَنحاء العالم...
إِنَّه عالم اليوم الحافل بالتَّحدِّيات الَّتي تستوجب تعاونًا دوليًّا حثيثًا، علَّنا نصل إِلى عالمٍ أَفضل!.