يعيش لبنان كارثة حقيقيّة بدأت مع إحتراق أحراج بلدة المشرف ليمتد الحريق الى المنازل هناك ووصل الى أبعد من ذلك. طالت الحرائق مناطق عديدة في الشوف من الدبّية والدامور وغيرها، وصباح اليوم إستيقظ أهالي بلدة قرنة الحمرا على حريق كبير ايضًا إمتدت نيرانه الى المنازل والأحراج ووصل الى مزرعة يشوع-زكريت...
صباح اليوم إستيقظ أهالي مزرعة يشوع على صراخ رئيس البلديّة جوزيف حبو فجراً بعد أن وصلت اليه معلومات تؤكّد إندلاع حريق في قرنة الحمرا وامتداده الى أحراج بلدة مزرعة يشوع ولامس المنازل المجاورة للأحراج. يقول حبو إن "أول ما فعلته هو الذهاب الى المنازل وإيقاظ الأهالي لمغادرة منازلهم خوفاً من أن تصل اليهم النيران"، واللافت بحسب حبّو أن "الحريق كاد يصل الى أحد المنازل المصنوعة من الخشب وهنا كانت الكارثة"، ومضيفاً: "في هذا الوقت كان الدفاع المدني قد وصل الى المنطقة وبدأ العمل على إخماد النيران، في حين أن الطوّافات ترمي المياه على المناطق الحرجيّة المشتعلة في قعر الوادي والتي لا يُمكن أن تصل إليها المطافئ السيّارة"، شاكرا الله أن "الدفاع المدني سيطر على الحرائق في الأمكنة المجاورة للمنازل وعاد السكان الى منازلهم".
من يزور منطقة مزرعة يشوع ويقف على أعلى الوادي يرى مشهداً محزناً، نيران تلتهم الأشجار تماماً فيما الخوف من ازدياد سرعة الهواء واشتعال الوادي بأكمله، فبخلاف المشرف والدامور وغيرها من المناطق الشوفيّة التي احترقت بالكامل ورغم النيران التي وصلت الى مزرعة يشوع الا أن الحريق لا يزال محصوراً نوعاً ما. وهنا يشير نائب رئيس البلدية شاكر الحكيم الى أنه "وعلى أطراف هذا الوادي كنا نرمي النفايات وهي مواد قابلة للإشتعال واعادة الاشتعال إذا لم نأخذ الحذر والحيطة، ولهذا رمينا الأتربة وسنراقب المنطقة طيلة الليل لنتأكّد من أن الحريق أُخمد نهائياً".
وخلال جولة لـ"النشرة" في مزرعة يشوع حيث التقينا بأحد الأهالي الذي فضل عدم ذكر إسمه يشكو إهمال الدولة: "سمعنا أن الحريق الذي بدأ في قرنة الحمرا ووصل الينا قد يكون سببه إحتكاك كهربائي، وبعد مشهد الأمس في مناطق الشوف وغيرها لم نشعر بأننا في حالة طوارئ رغم أن النيران أكلت "الأخضر واليابس"، وكاد أن يتكرّر المشهد نفسه لدينا، لكن الرحمة الإلهيّة رأفت بنا وعلينا أن ننتظر حتى إخماد الحريق بشكل كامل لنتأكد أن كلّ شيء إنتهى".
يخرق هذا المشهد صورة عناصر الدفاع المدني الذين لم يتجاوز عديدهم العشرات مع آليتين ويحاولون بأقصى جهدهم لإطفاء النيران. هنا "النشرة" حاولت الاتصال بمدير العمليّات في الدفاع المدني ريمون خطار للإستفسار عن واقع الحريق في مزرعة يشوع إلا أنها لم تلقَ على الأرجح لانشغاله.
بين الأمس واليوم تحوّلت المساحات الخضراء في العديد من المناطق الى رمادية اللون يابسة لا حياة فيها، ورغم ذلك لم نرَ بعد استنفاراً حقيقياً لمواجهة هذه الكارثة، فهيئة ادارة الكوارث لم تجتمع رغم فداحة القضيّة، الدفاع المدني وبعديده المتدنّي يحاول بأقصى جهده إخماد نيران تلتهم لبنان الأخضر بمساحاته، مع الاتّكال على بضعة طوافات استقدمناها من الأردن، قبرص واليونان، بالإضافة الى جهود شخصيّة وحزبيّة، ولكن الحرائق تتنقل بسرعة من مكان الى آخر. وهنا يبقى السؤال: "ألم يحن الوقت أولاً لزيادة عديد الدفاع المدني وتثبيتهم وتجهيزهم، وماذا لو حدث زلزال أو فيضان أو كارثة على الصعيد الوطني، ماذا سيحصل في ظل عدم وجود أي خطّة؟!.