من بعيد، يبدو ان قوى ٨ آذار تحضر شارعها للانقلاب على الدولة كما لوح وزير الخارجية جبران باسيل بعد لقائه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولكن قراءة المشهد بتأن تشير بوضوح الى وجود محاولات جدية لابرام اصلاحات اقتصادية مريحة في موازنة ٢٠٢٠ لاعادة تصويب الخطاب السياسي وتهدئة الشارع .
الا ان السؤال الاكثر جدية اليوم الذي طرحته دوائر غربية وعربية: هل كشف باسيل بكلامه التصعيدي الذي جاء مباشرة بعد لقائه السيد نصرالله، عن وجود توجه لدى حزب الله لتغيير اتفاق الطائف او تعديله اذا استمر التصعيد الاقتصادي والسياسي ضده؟
الجواب اختصره قيادي في ٨ آذار مقرب من حزب الله بالتالي : سابقا كان الحزب يرفض رفضا قاطعا مجرد الحديث في الموضوع، اليوم نحن لا نقول ان الحزب يريد ذلك ولكن اقله لا يمانع هذا الطرح ولا يعلق عليه، كما لا ينفي ما يقال.
على ان مقاربة البحث في موضوع الطائف لا يمكن ان تتم دفعة واحدة، ثمة خطوات تمهيدية يحضر لها الحزب وقوى ٨ آذار لتحديد مستقبل الطائف و«اي لبنان سياسي واقتصادي واجتماعي وامني ونقدي نريد».. موازنة ٢٠٢٠ هي الشرارة للهدوء او التصعيد كما يؤكد القيادي، الذي كشف معلومات خاصة باللواء عن ان حزب الله يربط نزلته الى الشارع بالاصلاحات والضرائب في الموازنة المقبلة وباداء الحكومة فيما خص التعامل مع الضغوطات الاقتصادية والنقدية وباعادة ترتيب العلاقات الرسمية مع سوريا، نقطة على اول السطر.
وعليه، فان القوى السياسية ممثلة بالحكومة محكومة بالاتفاق على توازنات اقتصادية في موازنة ٢٠٢٠ لا تزيد الاعباء على اللبنانيين الفقراء وذوي الدخل المحدود، بالتزامن مع الاتفاق على تفاهمات سياسية حول اداء الحكومة فيما خص مسالة اعادة ترتيب العلاقات «اللبنانية-السورية»، ومواجهة العقوبات والضغوطات الاقتصادية حتى لا تنفذ قوى ٨ آذار ما تهدد به او ما يمكن تسميته ببيان حزب الله رقم «٢».
الا ان اللافت فيما قاله القيادي اشارته الى ان حزب الله ما زال يلتزم الصمت حاليا نظرا لتوتر الاجواء السياسية وتزايد وتيرة المصاعب والازمات الاقتصادية والنقدية ، الا ان هدوء الحزب وفقا للقيادي لن يستمر طويلا وهو حدد الخيارات والاجراءات المناسبة لمواجهة الازمة القائمة وسوف يبدأ بها بشكل تدريجي وتصاعدي، كاشفا عن ان قيادة الحزب تفاهمت مع كل القوى السياسية الحليفة في ٨ آذار على الخطوط العريضة والاجراءات المطلوبة للمواجهة.
وفيما شدد القيادي المقرب من حزب الله على نفي كل ما يقال عن اقالة او استقالة الحكومة، لفت في المقابل الى ضرورة تروي الحلفاء والخصوم في مقاربة الازمة الاقتصادية القائمة والتعامل بجدية من قبل الجميع لمواجهتها.
واستند القيادي في كلامه هذا الى ان لبنان ما زال محكوما بالتوافقات والتفاهمات، والمضحك والمبكي هنا ان المهاترات القائمة بين القوى السياسية لا تعدو كونها «قواص بالنهار وقعدات بالليل» على حد تعبيره الحرفي، لان «قلب الطاولة» ليس مزحة وسوف يكون على رؤوس الجميع