رأى مصدر وزاري في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "التفاهم على إجراء تعديل وزاري سيدفع باتجاه تحقيق نقلة نوعية تؤدي إلى تفعيل العمل الحكومي وزيادة إنتاجيّته"، لافتًا إلى أنّ "القرار لم يُتّخذ حتّى الساعة في شأن التعديل". وبيّن أنّ "رئيس الحكومة سعد الحريري أخذ علمًا بمطالبة الحراك الشعبي بوجوب تغيير الحكومة، لكن اتّخاذ القرار يستدعي من الحريري القيام بمروحة من الاتصالات والمشاورات للبحث في إمكانيّة تحقيقه، بدءًا برئيس الجمهورية".
وركّز على أنّ "الحريري يحرص على الالتزام بتطبيق ما ورد في ورقة الإنقاذ الاقتصادي الّتي أذاعها فور انتهاء جلسة مجلس الوزراء". وذكر أنّ "خريطة الطريق لترجمة بنود الورقة أصبحت واضحة، لكن في حال تعذّر إجراء تعديل وزاري على قاعدة تفعيل العمل الحكومي والاستغناء عن الفائض في عدد الوزراء بعد استقالة وزراء "حزب القوات اللبنانية"، فلا بدّ من فتح الباب أمام البحث بتشكيل حكومة جديدة، مع أنّها ليست مطروحة بهذه السرعة، وتحتاج إلى تهيئة الأجواء، وإنضاج الظروف بما يؤمن ولادتها بصورة طبيعيّة".
وأوضح المصدر الوزاري أنّ "لا بديل عن إعادة تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، شرط ألّا تكون فضفاضة، لجهة عدد الوزراء فيها، أو أن تتضمّن جوائز ترضية كما هو حاصل اليوم باختيار وزراء لا وظيفة لهم سوى المهاترات وشلّ قدرة الحكومة على رفع مستوى إنتاجيّتها". وشدّد على أنّ "الأولويّة في الوقت الحاضر يجب أن تُعطى لإقرار موازنة العام 2020 بعد أن أُحيلت إلى لجنة المال والموازنة النيابية لدراستها وصوغها بصورة نهائيّة للتصديق عليها في البرلمان".
وأكّد أنّ "الانصراف إلى الموازنة كأولويّة لتحريك مفاعيل "مؤتمر سيدر" لمساعدة لبنان للنهوض من أزمته الاقتصاديّة والماليّة، لا يعني بالضرورة ترحيل البحث في التعديل الوزاري، وصولًا إلى تشكيل حكومة جديدة في حال تعذّر التفاهم على هذا التعديل، في ضوء إحساس بعض الجهات المشاركة في الحكومة الحالية بأنّ المشمولين في خفض عددها هم من المقصّرين، وبالتالي لا بدّ من معاقبتهم بإخراجهم منها كشرط لترشيق العمل الحكومي وتفعيله".
كما كشف أنّ "الورقة الاقتصاديّة الّتي تلاها الحريري كانت في حاجة إلى رافعة، مع أنّها تضمّنت أبرز ما طرحه الحراك الشعبي، باستثناء استقالة أركان الدولة"، مشيرًا إلى أنّ "مثل هذه الرافعة ليست مستعصية، وهي في متناول اليد لو أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون بادر إلى إحداث صدمة إيجابيّة بتوقيعه على المراسيم الموجودة في الأدراج الرئاسيّة، وتتعلّق بالإفراج عن لوائح الّذين فازوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية".
وسأل المصدر: "لماذا لم يبادر الرئيس عون إلى التوقيع على هذه المراسيم لتأمين التحاقهم بمراكز عملهم، مع أنّ وزير الصناعة والتجارة وائل أبو فاعور كان أوّل من طرحها في جلسة مجلس الوزراء، من دون أن يلقى أي تجاوب أو ردّ فعل بسبب احتدام النقاش حول عدد من البنود الواردة في الورقة الإصلاحيّة؟". ووجد أنّ "مبادرة رئيس الجمهورية إلى التوقيع على هذه المراسيم كانت ستُقابل بردّ فعل إيجابي من قبل الفائزين الّذين لم يتمكّنوا من الالتحاق بمراكزهم، بذريعة الإخلال بالتوازن الطائفي لمصلحة المسلمين؛ خصوصًا أنّ هؤلاء المحرومين من الالتحاق بمراكز عملهم يشاركون حاليًّا بأعداد كثيفة في الانتفاضة الشعبيّة".
ونوّه إلى أنّ "مجرّد توقيع عون على مراسيم هؤلاء الفائزين التي لا تزال مركونة في أدراج مكتبه في بعبدا، سيلقى كل تأييد، انطلاقاً من أن الإفراج عن هذه المراسيم يعني من وجهة نظر الداعمين لالتحاقهم بوظائفهم أن الرئاسة الأولى لا تتبنى اقتراح القانون المعجّل المكرر الذي تقدّم به للبرلمان 10 نواب من تكتل لبنان القوي برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، وينص على إسقاط حفظ حقوق الفائزين في امتحانات الخدمة المدنية بذريعة مرور الزمن".
إلى ذلك، أكّد المصدر "أنّه يُراد من اقتراح القانون هذا تعديل ما نصّت عليه موازنة العام الحالي لجهة حفظ حقوق هؤلاء الفائزين"، لافتًا إلى أنّ "الفرصة أتيحت لرئيس الجمهورية لتوجيه رسالة إلى الرأي العام بأنه على تمايز مع التيار الوطني الحر، صاحب هذا الاقتراح، مع أنه ولد ميتاً، ولن يمر في البرلمان، لوجود أكثرية نيابية تعارضه وتقف له بالمرصاد، لذلك، فإن الرئيس عون فوّت على نفسه فرصة كان يمكنه توظيفها لإسناد رئيس الحكومة في الورقة الإصلاحية التي أعدها من جهة، وفي إحداث صدمة إيجابية لدى المشاركين في الانتفاضة الشعبية".