عَلِمت صيحفة "الشرق الأوسط" من مصادر نيابيّة وحزبيّة أنّ "حزب الله" كان وراء تحضير الأجواء للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، من خلال تواصله المباشر مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ممّا أتاح أمام المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الدخول على خط الاتصالات الّتي تُوّجت بجمعهما في "بيت الوسط".
ولفتت المصادر إلى أنّ "لقاء الحريري- باسيل استهلّ بمقاربة الوضع السياسي من جوانبه الأمنيّة والاقتصاديّة والماليّة كافةّ"، موضحةً أنّ "مقاربتهما تمحورت حول مراجعة المرحلة السياسيّة الّتي سبقت استقالة الحريري، وما تخلّلها من خلافات كانت وراء التأخّر في توفير الحلول ولو على دفعات، للأزمة الاقتصادية، رغم أنّ البلد بدأ يقترب من الانهيار".
وأكّدت المصادر أنّ "مقاربتهما للوضع السياسي شملت أيضًا استقراء آفاق المرحلة المقبلة، خصوصًا أنّ البلد يدخل الآن في مرحلة سياسيّة غير تلك الّتي كانت سائدة قبل انطلاق الحراك الشعبي، وهذا يتطلّب التعاطي بجديّة مع المطالب الّتي طرحها، وبالتالي الالتفات إلى البحث عن حلول سياسيّة، وليس أمنيّة". وعدّت أنّ "لقاء الحريري- باسيل ما هو إلّا بداية للحوار لتحديد طبيعة المرحلة السياسيّة الراهنة، والتحديات الّتي ستواجهها الحكومة الجديدة، من دون دخولهما في الصيغ الوزاريّة المطروحة، أو في الأسماء الّتي يراد توزيرها، باستثناء تفضيل الحريري المجيء بحكومة تكنوقراط، شرط ألّا تكون فضفاضة؛ وهذا ما يدفع باتجاه محاكاة الحراك الشعبي الذي يصر على هذا النوع من الحكومات".
وعزَت السبب إلى أنّ "الحريري ليس في وارد تقديم نفسه على أنّه سيكلّف بتشكيل الحكومة العتيدة"، مبيّنةً أنّ "من السابق لأوانه حرق المراحل، واستباق الاستشارات النيابية المُلزمة الّتي سيتولّاها رئيس الجمهورية لتسمية الرئيس المكلف بتأليف هذه الحكومة"، مرجّحةً أن "يكون الحريري قد طرح على باسيل مجموعة من الأسئلة، طَلَبَ التريُّث في الإجابة عنها إلى حين العودة إلى رئيس الجمهورية للوقوف على رأيه حيالها". وذكرت أنّ "هذه الأسئلة، وأوّلها تشكيل حكومة تكنوقراط، لا تتصّل بتكليفه بتشكيلها، لأنّ الخيار قد يقع على غيره، لكنّه في مطلق الأحوال ليس في وارد الخضوع إلى الابتزاز أو التهويل أو استجداء هذا أو ذاك للعودة إلى رئاسة الحكومة".
وأفادت بأنّ "بكلام آخر، إنّ الحريري الّذي ينتظر ما ستؤول إليه الاستشارات النيابية، لن يَقبل بأن يستنسخ التركيبة الوزارية للحكومة المستقيلة في حكومة جديدة، مع تبدُّل أسماء الوزراء من دون أي تبدُّل في الأداء السياسي، خصوصًا أنّ البلد يمرّ في مرحلة شديدة الخطورة، تتطلّب الإسراع في حل ّالأزمة الاقتصاديّة والماليّة، اليوم قبل الغد، لأنّ هدر الوقت وإضاعة الفرص، لم يعد مقبولًا على الإطلاق".
كما تساءلت المصادر الوزاريّة والنيابيّة عن "الأسباب الكامنة وراء تأخّر رئيس الجمهورية في تحديد مواعيد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة"، منوّهةً إلى أنّ "ربط التكليف بالتأليف إذا طال أمده سيؤدّي إلى مزيد من التأزّم السياسي، ويمكن أن ينذر بإقحام البلد في أزمة دستوريّة". وأكّدت أنّ "الرئيس عون ينتظر ما ستؤول إليه إعادة فتح خطوط التواصل السياسي، ليقرّر في ضوء نتائج المشاورات الجارية متى يدعو لهذه الاستشارات، إلّا أن تريُّثه في هذا الخصوص، وإن كان الدستور لا يُلزمه بمهلة محدّدة لتوجيه الدعوات للبدء في الاستشارات المُلزمة، فإنّه سيفتح الباب أمام ردود فعل معترضة على تريُّثه، وتحديدًا من قِبل الّذين يحرصون على احترام صلاحيّات رئاسة الحكومة، على قاعدة أنّ من غير الجائز الإبقاء على مركز الرئاسة الثالثة شاغرًا؛ وهذا ما يتعارض مع الأعراف المعمول بها حيال استقالة الحكومة".
وشدّدت على أنّ "مجرّد ربط التكليف بالتأليف يعني حتمًا إعطاء الأولوية لتشكيل الحكومة، وهذا ما يتعارض مع الدستور، وإن كانت هناك ضرورة للمشاورات، شرط أن لا يُصار إلى التمديد للشغور في الرئاسة الثالثة. كما أنّ هناك ضرورة لإحداث صدمة سياسيّة تتجاوز العودة إلى تكريس نظام المحاصصة، بذريعة أنّ هناك ضرورة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، سرعان ما تتحوّل -كما حصل في الحكومة المستقيلة أو في الحكومات السابقة- إلى مجموعة من الحكومات محكومة بجزر سياسيّة تعيق إنتاجيّتها".