انقضت نصف المُهلة الممنوحة لرئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، دون أنْ يتمكّن من تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
يُحاول غانتس مع 44 صوتاً، في معسكر "الوسط – يسار"، كسب تأييد رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، للنجاح في تشكيل حكومة من أوّل تجربة له، بعدما اتضح أنّه لا يبدو في الأفق أي تغيير بالتموضع في معسكر "اليمين – الحريديم"، الذي يتزعّمه رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو مع 55 صوتاً، ما زال يُؤيّده.
فيما يُؤمّن دعم ليبرمان لغانتس 7 أصوات له، تُمكّنه مع دعم 10 من نُوّاب "القائمة العربية المُشتركة"، من أصل 13، برئاسة أيمن عودة، من تأمين أكثرية "الكنيست"، علماً بأنّ ليبرمان يُعارِض مُشاركة "القائمة المُشتركة" في الحكومة، لذلك يسعى غانتس إلى الاستفادة من ذلك لاستمالة "الليكود" أو أيٍّ من أحزاب "اليمين" لدعمه في تشكيل الحكومة.
وعُقِدَ أمس (الخميس) اجتماع بين طاقمَي "أزرق أبيض" و"إسرائيل بيتنا"، وترأس غانتس الفريق التفاوضي خلال اللقاء مع ليبرمان، حيث سُجِّل تقدّم بمُناقشة عدد من القضايا.
وصدر بيان مُشترك أشار إلى أنّه "تمَّ الاتفاق على بعض القضايا "الجوهرية"، من أجل المُضي قُدُماً في صياغة المبادئ الأساسية نحو حكومة وحدة ليبرالية عريضة".
وأوضح البيان أنّ "طاقمَي التفاوض، ناقشا القضايا الأساسية المُلحّة الراهنة، وتمَّ التوصّل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا التالية: رفع الحد الأدنى لدخل المُسنّين، وعدم الإضرار بمُخطّط رفع مُخصّصات ذوي الاحتياجات الخاصة".
وذُكِرَ أنّه تمَّ "التوافق على أنّ الميزانية التي ستصوغها الحكومة المُقبِلة، ستنص على رفع الحد الأدنى لدخل المُسنّين إلى نسبة 70% من الحد الأدنى للأجور".
وشدّد طاقما التفاوض في البيان المُشترك على أنّه "سيتم عقد اجتماعات لمُواصلة المُفاوضات بين الجانبين".
لكن لم يُناقش الاجتماع القضايا التي تحجّج بها ليبرمان، لمنع نتنياهو، من تشكيل حكومته الخامسة عقب الانتخابات التي أُجريت في نيسان الماضي، والمُتمثّلة بمسألة علاقة الدين بالدولة، وامتناع ليبرمان من الانضمام إلى حكومة يمينية بمُشاركة "الحريديم"، تحت ذريعة تأكيده على "علمانية" و"ليبرالية" الكيان الإسرائيلي، أمام الكُتلة "اليمينية الدينية" التي يقودها "الليكود".
هذا في وقت، لم يُسجِّل اجتماع المُفاوضات الثالث بين فريقَي "أزرق أبيض" و"الليكود" أي تقدُّم ملحوظ، منذ تكليف غانتس تشكيل الحكومة.
وفي بيان مُشترك لطاقمَي الحزبين قالا: "إنّ الاجتماع كان جيداً، جادّاً ومُمتعاً، لكن الفجوات بين الحزبين لا تزال قائمة، ومن المُتوقّع عقد اجتماع آخر في الأيام المُقبِلة".
وأعلن رئيس طاقم المُفاوضات عن حزب "الليكود" الوزير ياريف ليفين، عن أنّنا "حدّدنا الكثير من الفجوات، للأسف لم نرَ أي تقدّم حتى الآن، ونعتقد بأنّه لا يُوجد أي مُخطّط آخر، سوى مُخطّط الرئيس لإنشاء حكومة وحدة مُوسّعة، يجب أنْ نمنع إجراء انتخابات ثالثة، ويُمكننا منعها، وآمل أنْ تنتقل المُفاوضات إلى خطوات عملية، ونتيجة لذلك سننتقل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مُوسّعة، هذا مُمكن على الرغم من أنّه في الوقت الحالي لا يزال يبدو بعيداً".
وأضاف: "لم يكن هناك أي تقدّم، ولم يتم سد الفجوات بعد، لكن كان الاجتماع جيداً، بمعنى أنّه تمَّ تعيين الفجوات، ورأينا أنّه لا تزال تُوجد اختلافات في الرأي في نقاط مُعيّنة".
وأكد ليفين أنّه "حالما يتحقّق الإدراك في تشكيل حكومة وحدة وطنية مُوسّعة، لأنّها البديل الوحيد الذي يُمكن أنْ يمنع المزيد من الانتخابات، سيكون من المُمكن إجراء مُفاوضات حقيقية بشأن سد الفجوات، ونأمل أنْ يحدث هذا في نهاية المطاف، والوقت في هذه الحالة لن يكون لصالح أي شخص، بل سيزداد الأمر سوءاً مع مرور الأيام لإمكانية تشكيل حكومة".
في غضون ذلك، أظهر استطلاع إسرائيلي جديد للقناة الإسرائيلية الثانية، أنّ الشخصية التي سيختارها الجمهور، فيما لو أُجريت انتخابات إسرائيلية مُباشرة، سيكون نتنياهو مع 40% من الأصوات، مُقابل 36% منحت غانتس.
وردّاً على سؤال للمُشاركين، لو أُجريت انتخابات خاصة لرئاسة الحكومة في الوقت الحالي، لمَنْ ستصوّتون؟، أظهرت النتائج تفوّقاً بـ4% لصالح نتنياهو، لكن شخصاً من بين 4 إسرائيليين لم يُقرّر بعد لمَنْ سيصوّت.
وأجاب 7% من مُصوّتي "وسط – يسار" - المُشاركين بالاستطلاع - بأنّهم سيُصوّتون لصالح نتنياهو، فيما 67% منهم أجابوا بأنّهم سيُصوتون لصالح غانتس، و26% بأنّهم لن يصوّتوا أو لا يعلمون لمَنْ سيُصوّتون.
فيما من بين الذين عرّفوا عن أنفسهم على أنّهم مُصوتو "اليمين": قال: 66% منهم بأنّهم سيصوّتون لصالح نتنياهو، و15% منهم بأنّهم سيُصوّتون لغانتس، و19% قالوا بأنّهم لا يعرفون لمَنْ.
ووفقاً لعيّنة الاستطلاع الكاملة: فإنّ الفائز بالاستطلاع هو نتنياهو مع 40%، مُقابل 36% نالها غانتس، بينما 24% من المُستطلعين قالوا بأنّهم لن يُصوّتوا، أو لم يُقرّروا بعد.
وأمام غانتس حتى 20 تشرين الثاني الجاري لتشكيل الحكومة، وفق تكليف رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفيلن، دون أي إمكانية لمُهلة إضافية جديدة.
ومع انتهاء هذه المُهلة، ستبدأ فترة 21 يوماً، تنتهي في 11 كانون الأول المُقبل، يتعيّن خلالها أنْ يُؤيّد 61 نائباً تكليف عضو من "الكنيست" تشكيل الحكومة، وفي حال تمَّ ذلك، سيُمنح عضو "الكنيست" مهلة 14 يوماً، غير قابلة للتمديد، من أجل تنفيذ هذه المهمة.
وهذا يعني أنّ هناك خيارين حالياً، هما: إما انتخابات ثالثة، أو السير باقتراح انتخابات مُباشرة لرئيس الحكومة بين نتنياهو وغانتس، من دون حل "الكنيست".
لكن نتنياهو أعلن عن أنّه يُعارض سن قانون لانتخاب مُباشر لرئيس الحكومة، بناء على اقتراح قدّمه رئيس حزب "شاس" أرييه درعي قبل أيام عدّة.
كُل الجهود المنصبة حالياً هي من أجل تجنّب إجراء انتخابات جديدة، هي الثالثة خلال عام، وهو ما يُكلّف الخزينة الإسرائيلية أكثر من 1.6 مليار شيكل، ما يرفع إجمالي الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الإسرائيلي ما بين 7.5-9 مليارات شيكل جرّاء الانتخابات.
ولا يُتوقّع أنْ يُسجّل أيُّ تغيير يُذكر لجهة حجم تمثيل الكتل الرئيسية، وبالتالي ستعود الأمور إلى الحال ذاته - أي عدم تمكّن المعسكرين الرئيسيين من تشكيل حكومة مُنفرداً - لعدم إمكانية تأمين أكثرية 61 صوتاً من مقاعد "الكنيست" الـ120، ما سيُعيد المشهد ذاته الحالي والسابق والعودة إلى فكرة حكومة وحدة.
لكن الجميع يترقّب القرار الاتهامي، الذي سيصدره المُستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت بعد أيام عدّة، بشأن ملفات الفساد الثلاثة، التي يُواجهها نتنياهو بإدانة من عدمه!
وما يعمل له نتنياهو هو أنْ يخوض الانتخابات العامة المقبلة، وهو على رأس حكومة تصريف الأعمال وليس خارجها.
وفي سياق السباق لكسب تأييد الكتل النيابية، وبازار المُزايدة لكسب الناخب الإسرائيلي، أعلن تحالف "أزرق أبيض" عن أنّه مُستعد للذهاب إلى فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت.
فقد أبلغ مُمثّلا تحالف "أزرق أبيض" حايلي تروبر ويوعز هاندل ذلك، إلى رئيس حزب "البيت اليهودي" الوزير رافي بيرتس خلال اجتمعهما معه قبل أيام.
وأشار مُمثّلا تحالف "أزرق أبيض" إلى رئيس حزب "البيت اليهودي" أنّ "حكومة بقيادة غانتس يُمكنها تحقيق إنجازات في وادي الأردن، مثل عملية فرض السيادة في الوادي وشمال البحر الميت".
وأوضحا للوزير بيرتس "مدى استعداد حكومتهم للمُضي قُدُماً في خطوة إيديولوجية مهمة، في ما يتعلّق بالاستقرار في الضفّة الغربية، عندما يترأس غانتس الحكومة".
الجدير ذكره أنّ منطقة غور الأردن تُمثّل نحو 30% من الضفة الغربية.
وكان نتنياهو قد تعهّد في 10 أيلول الماضي، بتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن في الضفّة الغربيّة، إذا أُعيد انتخابه في الانتخابات الماضية، التي لم يتمكّن إثرها من تأمين الأصوات المطلوبة لنيل ثقة "الكنيست".
وأشار نتنياهو إلى أنّه "ينوي ضم مُستوطنات تُشكّل 90% من غور الأردن، من دون القرى أو المدن العربية مثل أريحا".