اشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى ان مصرف لبنان عمل خلال سنوات في مرحلة صعبة واستطعنا المحافظة على الاستقرار بسعر صرف الليرة، والحرب في سوريا حولت ميزان المدفوعات من فائض الى عجز، وتراجع النمو الاقتصادي من 8 بالمئة الى 2 بالمئة، ومنذ العام 2015 واجهنا العقوبات وكان لها التأثير على حركة الاموال الى لبنان وحركة المصارف.
ولفت سلامة في مؤتمر صحفي، الى انه كان لدينا مشاكل رئاسية وفراغ، كما عشنا فراغات حكومية طويلة ومرارا وفي اخر واحدة في العام 2018 في الوقت الذي نحن كنا بحاجة الى اصلاحات ومبادرات، وعشنا جو من التأجيل بالانتخابات النيابية مرارا. واوضح ان استقالة الحريري من السعودية كان لها الاثار على الوضع النقدي في لبنان، وقد تراجعت السيولة في الاسواق وارتفاع بالفوائد، وقد ارتفعت الفائدة بسبب تراجع السيولة بمعدل 3 بالمئة، وكل ذلك تزامن مع توسع حجم القطاع العام ونسب العجز وصلت في العام 2018 الى 11 بالمئة، بالوقت كان الاقتصاد بحاجة الى تمويل كي ينمو.
واوضح انه تم التراجع بالتصنيف الائتماني للبناني، كما شهد تقارير سلبية متتالية تصف الواقع، وكان بطريقها مستقرة لزعزة الاستقرار. وفي ظل كل هذه المعطيات كان هم مصرف لبنان ان يلعب دوره في المحافظة على الثقة بالليرة اللبنانية، وهذا الامر اساسي، لان الليرة هي اداة لتامين النمو الاقتصادي بما هو ممكن واستقرار اجتماعي، ونسب التضخم ترتفع والقدرة الشرائية تتراجع اذا انحدرت الليرة، وهذا النجاح بالمحافظة على الليرة نقيسه بالقدرة على خدمة اللبنانيين، انما التراجع بالحركة الاقتصادية والنمو السلبي في العام 2019 زاد من البطالة واثر على فئات عديدة من الشعب اللبناني، وقد لمسنا الوضع من خلال التعثر في تسديد القروض السكنية وقد ارتفع التثر بشكل ملفت، وقد طلبنا من المصارف التعاون مع هذه القروض.
واعلن اننا اقتصاد "مدولر" واذا لا يوجد اقتصاد في الاسواق لا يوجد اقتصاد. واشار الى انه بين تموز وايلول ارتفعت موجودات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية بنسبة مليوني دولار، وانما بأول ايلول دخلنا بإنتكاسة مع تسمية مصرف على "الاوفك ليست" وذلك عبر السحب النقدي بمبالغ كبيرة بالليرة اللبنانية من مصرف لبنان، وخلال اشهر ايلول وتشرين وتشرين الثاني سحبنا ليرة بقدر ما تم سحبه خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا ما اثر على السوق النقدية بالدولار، وهذا ما سجل ارتفاع اسعار الدولار لدى الصرافين، وكان هناك ظاهرة بإدخار اللبنانيين لاموالهم في البيوت بقيمة 3 مليار دولار، والوضع اليوم استثنائي واقتصاد لبنان حر واقتصاد سوق، ونحن نؤمن انه يجب ان يبقى هكذا، وحرية التداول بالسلع والنقد.
واعتبر اننا اليوم اننا امام مرحلة جديدة ونحن سنحافظ على استقرار سعر صرف الليرة، ولفت الى ان المواطن يعرف مصلحته والمصرف لن يسلم الصرافين الدولارات، وهذا الشيء هو ظاهرة لان الوضع استثنائي ولان هناك سيولة كبيرة بالليرة اللبنانية، وهذه الظاهرة ستتراجع مع تراجع الطلب على الليرة اللبنانية مع وجود رؤية للمستقبل، واكد ان هدف مصرف لبنان الاساس الحفاظ على الليرة وامكانياتنا تسمح بذلك.
اضاف حاكم مصرف لبنان "حماية المودعين والودائع هو موضوع اساسي ونهائي، ونحن اخذنا ما يقتضي من الاجراءات كي لا تحدث خسائر يتحملها المودعون ولن يحصل "haircut" كما أُشيع لأنّ مصرف لبنان لا يُمكنه فعل هذا الأمر والودائع ملك اللبنانيين". اضاف "طلبنا من المصارف تلبية حاجات اللبنانيين في الداخل والخارج، كما طلبنا من البنوك إعادة تقييم جميع التسهيلات الائتمانية التي قلصوها منذ 17 تشرين الاول، تعيد النظر بها تبعاً لدراساتها إلى وضعها وتلبي الشيكات المرتجعة التي نتجت عن تخفيضات هذه التسهيلات".
ولفت الى اننا عرضنا على المصارف الإستدانة من مصرف لبنان بفائدة 20 في المئة لتأمين حاجاتها من السيولة وبالدولار ولكنّ هذه الاموال ممنوع تحويلها إلى الخارج. كما طلبنا من لمصارف تغطية اقساط التسليفات للمواطنين بالليرة. واوضح انه لا يمكن لمصرف لبنان التدخل بالاوراق النقدية لدى الصرافين لكنه اتخذ اجراءات لتامين الدولار للقمح والمواد الغذائية والمحروقات والادوية. واوضح اننا طلبنا من المصارف أن تبقى الـcredit cards بنفس السقوف وتُلبى السيولة لذلك.
واكد سلامة ان هدف مصرف لبنان الحفاظ على استقرار الليرة، وإمكانياتنا متوفّرة لذلك وسنقوم بحماية المودعين والودائع. واوضح ان مصرف لبنان سيحاول في الفترة المقبلة خفض نسب الفوائد حفاظا على القطاع المصرفي وملاءة الاقتصاد والقطاعات، ولدى مصرف لبنان امكانيات منها سيولة بالعملات واستثمارات منها سندات الخزينة وهو موّل القطاع العام والاقتصاد.
اضاف سلامة: "طلبنا من المصارف أن تعقد اجتماعات مع جمعية التجار وجمعية الصناعيين من أجل التفاهم على تأمين تسديد القروض وتأمين الاستيراد والتسهيلات". واوضح انه ليست كلّ أموال المصارف بحوزة مصرف لبنان كما يُحكى فلديها أموال موظّفة في الخارج أو مع الدولة أو في القطاع الخاص. واكد انه لا صلاحية لمصرف لبنان بفرض الـ"capital control" ولا رغبة لنا فيها.
ولفت الى ان مصرف لبنان لديه الامكانيات (سيولة بالعملات الاجنبية، استثمارات، سندات بالجمهورية...) وحركة على اساسها لعب دور الممول للقطاع الخاص والعام، وهذا الامر اساسي لأنه موّل ولم يصرف، من صرف هو من قام بموازنة الدولة وراقبها. واكد ان احتياط مصرف لبنان من دون الذهب يقارب 38 مليار دولار بما فيه "اليوروبوند" واستثمارات المصرف المركزي، والنقدي بحدود 30 مليار دولار.
وردا على سؤال اذا كان ينفذ سياسة اميركا في لبنان، اكد حاكم مصرف لبنان انه ينفذ السياسة التي تخدم مصلحة لبنان، ومصلحة لبنان واللبنانيين هي الاساس، ومصرف لبنان هو مصرف يحاول حماية لبنان بظروف صعبة في المنطقة والتي هي خارج عن سيطرة لبنان والمصرف. واكد ان الظروف الاستثنائية لا تسمح لاقامة هندسة مالية بل ادارة للسيولة الموجودة لحماية الوضع الائتماني في البلد. اضاف "عملنا على تأسيس أسواق للأوراق المالية والنقدية غايتها خلق سيولة للقطاع الخاص لإصدار أسهم وسندات تجارية والتداول بها، وقد طلبنا من المصارف أن تعقد اجتماعات مع جمعيّتَيْ الصناعيين والتجار للتفاهم على تأمين تسهيلات في العمل". اضاف "طلبنا من المصارف ان تعيد تصحيح التدابير التي فاجأتنا بها".
وتابع سلامة قائلا "لم اكن على علم باعلان الاضراب المفتوح من قبل اتحاد موظفي المصارف، ونحن نأمل أن يكون هناك حكومة في اقرب وقت، وفي المقابل اتخذنا تدابير كي لا يقع البلد في كارثة". واشار الى ان السحب من الودائع تمّ بسحوبات نقدية ولا اعتقد انه تم اخراج مبالغ كبيرة من لبنان، بل تم وضعها في البيوت.