اختار رئيس دولة فلسطين محمود عباس الذكرى الـ15 لاستشهاد رفيق دربه الرئيس ياسر عرفات، ليُجدِّد التأكيد على التمسُّك بثوابت الشعب الفلسطيني، ورد "صفقة العصر" على وجوههم.
وإيماناً بتكريس المُكتسبات، وتعزيزاً وتفعيلاً للمُؤسّسات الشرعية الفلسطينية، نحو الدولة الفلسطينية المُستقلّة، كانت الدعوة إلى الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية، في غزّة والقُدس، كما الضفّة الغربية.
ووفاءً من الثابت على الثوابت، أصدر الرئيس عباس وساماً باسم الرئيس الشهيد ياسر عرفات، بدرجاته الثلاث.
ووضع الرئيس "أبو مازن" أمس (الإثنين) إكليلاً من الزهر على ضريح الرئيس الشهيد "أبو عمّار" في مقر الرئاسة برام الله - الضفّة الغربية المُحتلّة، وقرأ سورة الفاتحة عن روحه، قبل التوجّه إلى الاحتفال المركزي الذي أُقيم بالمناسبة.
وقال الرئيس عباس في كلمته: "رحم الله الشهيد عرفات الذي تمسّك بالثوابت، التي أُقرَّتْ عام 1988، وما زالت ثوابتا، ولا يستطيع أحد أنْ يتخلّى وأنْ يتنازل عنها ويتجاهلها، فهي منذ ذلك الحين إلى يومنا ثوابت الشعب الفلسطيني، التي ستبقى إلى أنْ يتم تحرير فلسطين".
وأضاف الرئيس الفلسطيني: "رحم الله الرجل الذي أطلق الرصاصة الأولى في سماء فلسطين، فأصبحت بعد ذلك ثورة ينظر إليها العالم جميعاً على أنّها حركة تحرير وطني، وحركة تستحق كل الاحترام، وأنّها واصلة إلى أهدافها ومراميها، وإلى تحقيق الدولة الفلسطينية المُستقلّة وعاصمتها القُدس الشرقية".
وتابع: "رحم الله ذلك الرجل الذي حمى القرار الوطني الفلسطيني المُستقل، وقد لا يستطيع البعض أنْ يفهم ما معنى هذا، هذا القرار الذي كان نهباً للجميع، وكان يدّعيه الجميع، وكان يُريده الجميع، لكن ياسر عرفات أخذ هذا القرار بيده، ليكون هو المُمثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أنّ "البعض حاول أنْ يسرق منّا الحُلُم، وآخرون حاولوا أنْ يحرفوا هذا الهدف، وأنْ يقولوا ما لا نقول، وأنْ يُقدِّموا لنا "صفعة العصر"، فصفعناهم على وجوههم، لأنّنا لا نقبل بأي حالٍ من الأحوال، أنْ نتنازل عن قضيّتنا ومصيرنا وحلم شعبنا".
وشدّد الرئيس على أنّ "شهداء الشعب الفلسطيني ليسوا قتلة، ولا مُجرمين، ولا إرهابيين، ولن نقبل أبداً أنْ نتنازل عنهم وعن أسرانا وجرحانا، هؤلاء أقدس ما لدينا، لن نقبل بالتنازل عن أموالنا كاملة، هذه أموال من حق شهدائنا، وسنستمر في موقفنا هذا إلى أنْ يتنازلوا هم، وإلا فنحن ماضون في طريقنا، لن نتراجع عن حقّنا، القضية ليست قضية عناد أو رفض لمُجرّد الرفض، وإنّما نرفض ما لا ينسجم مع حقوقنا، وما لا يقبله شعبنا".
وأردف: "هذه هي مسيرتنا، ونحن اليوم نُعاني ما نعانيه، من ضيق وحصار وكل أصناف الهيمنة، لكن فشلوا في أنْ يفرضوا علينا شيئاً، نحن هنا قائمون، نحن هنا باقون، ولن نخرج من هذا البلد، لن نخرج من بلدنا، سنبقى هنا، سنحمي أرضنا ووطننا وأملنا وهدفنا".
وأكد الرئيس "قرّرنا الذهاب إلى الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية"، مُشدِّداً على "ضرورة أنْ تُعقد في غزّة والقُدس، ومن دون ذلك لا يُوجد انتخابات".
وأمل بأنْ "يقول الجميع نعم للانتخابات، وأنْ يكونوا على قدر المسؤولية، لأنّها تحمي وجودنا وقضيتنا، لذا مَنْ هو حريص على ذلك يجب أنْ يسير إلى الانتخابات... نحن تحت كل الظروف سائرون بالانتخابات لنحقّقها، ثم بعد ذلك لنحقّق أملنا وحلمنا، وهو الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير، والعودة إلى أرض الوطن".
وكان الحفل قد بدأ بكلمة نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، الذي قال فيها: "نلتقي في ذكرى مرور 15 عاماً على استشهاد قائدنا وزعيمنا وصانع حلمنا شمس الشهداء ياسر عرفات"، مؤكداً أنّ "نضالنا سيستمر بقيادة رئيسنا محمود عباس حتى تحقيق حلمه"، ومُشيراً إلى أنّ "بوصلة ياسر عرفات لم تشر إلا للقدس، واستشهد من أجلها، وعلى نفس الطريق يسير الرئيس محمود عباس متمسّكاً بصلابة بالقُدس عاصمة للدولة الفلسطينية".
وأصدر الرئيس عباس وساماً باسم الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وأمر بحفظه ضمن مُكوّنات تراثه في "متحف ياسر عرفات".
وتسلّم رئيس مجلس إدارة "مؤسّسة ياسر عرفات"، ناصر القدوة، بحضور مدير المُؤسّسة أحمد صبح، ومدير المتحف محمد حلايقة، نسخة عن "وسام ياسر عرفات" بدرجاته الثلاث، "الوشاح الأكبر- نجمة الشرف"، "نجمة يبوس" و"ميدالية الشجاعة"، لحفظه في "متحف ياسر عرفات" ضمن مُكوّنات تراثه للأجيال القادمة.
كما تمَّ تسليم "القلادة الكبرى لدولة فلسطين"، بتعليمات من الرئيس عباس، وهو أعلى وسام فلسطيني، ليوضع أيضاً في المتحف حق للشهيد ياسر عرفات.
وقام بتسليم الأوسمة نيابة عن الرئيس، مُستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية الدكتور مجدي الخالدي، ومدير عام "الصندوق القومي الفلسطيني" الدكتور رمزي خوري.