ساعات قليلة دقيقة في مسار تأليف الحكومة في الكيان الإسرائيلي، تفصل عن انتهاء المُهلة الممنوحة لرئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، مُنتصف يوم غدٍ (الأربعاء)، قبل أنْ يتوجّه رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إلى "الكنيست"، لتكليف أحد النوّاب الذي بإمكانه تأمين 61 صوتاً لتشكيل الحكومة خلال مُهلة 21 يوماً.
وإذا لم يتم إنجاز ذلك، يعني التوجّه إلى انتخابات عامّة جديدة، هي الثالثة خلال أقل من عام، وهو ما يُظهِر رؤساء الكتل النيابية الإسرائيلية، الخشية من الذهاب إليها، لأنّها لن تأتي بجديد لجهة تأمين أكثرية 61 صوتاً لأيٍّ من مُعسكري "اليمين - الحريديم"، الذي يتزعّمه رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو (55 نائباً)، أو "اليسار - وسط" بزعامة غانتس (44 نائباً)، لوجود كتلتين خارج المُعسكرين، هما:
"إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان (8 نوّاب) و"القائمة العربية المُشتركة" برئاسة أيمن عودة (13 نائباً).
ووفق الاستطلاعات، فإنّ الكثير من هذه الأحزاب قد لا تحصل على ذات التمثيل الذي نالته في هذه الانتخابات، فضلاً عن التكاليف الباهظة لهذه الجولة، والتي تفوق 1.6 مليار شيكل.
الكلمة الفصل في تحديد صورة الحكومة العتيدة، تتوقّف على ليبرمان، الذي أمهل نتنياهو وغانتس حتى ظهر غدٍ (الأربعاء) لتشكيل حكومة وحدة، قبل أنْ يُعلن موقفه النهائي "ويكون كل طرف حُرّاً في خياراته".
ويطمح ليبرمان إلى تفكّك "الليكود"، بعد فشل فصله عن حلفائه في أحزاب "الحريديم"، التي تمسّك بها نتنياهو لتشكيل الحكومة.
وأيضاً الخشية من التحالف مع غانتس، لأنّه سيكون بحاجة إلى 10 أصوات من "القائمة المُشتركة" لتأمين الأكثرية في "الكنيست"، التي بإمكانها سحب هذه الثقة في أي لحظة ما يُهدِّد بفقدان الحكومة الثقة.
ويعمل ليبرمان على تشكيل حكومة وحدة بتحالف بينه مع "أزرق أبيض" و"الليكود" دون "الحريديم" و"القائمة المُشتركة"، وهو أمر صعب التحقيق.
في المُقابل، يُحاول غانتس تشكيل حكومة تحت عنوان "انتقالية"، بالتحالف مع ليبرمان و"القائمة المُشتركة" للإطاحة بنتنياهو من رئاسة الحكومة، وحتى لو تمَّ الذهاب إلى انتخابات جديدة، يكون نتنياهو خارج التحكّم بالإشراف عليها.
ويعمل "أزرق أبيض" على استقطاب عضوين مُنشقّين عن "الليكود" يُعزّز وضعه بهما.
فيما واصل نتنياهو التحذير من مخاطر تشكيل حكومة ضيّقة برئاسة غانتس، بدعم من نوّاب "القائمة المُشتركة"، مُستمرّاً بتحريضه ضد النوّاب العرب، ووصفهم بـ"الإرهاب".
وناشد نتنياهو رئيس الكيان الإسرائيلي ريفلين العمل على تجنّب انتخابات جديدة.
وكان ريفلين قد أبلغ غانتس "مُعارضة تشكيل حكومة أقليّة بدعم من "القائمة المُشتركة"، حاثّاً غانتس على بذل الجهد لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
هذا على صعيد الاتصالات السياسية، لكن تشخص الأنظار إلى المُستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، الذي يتحضّر لإصدار قراره الاتهامي بين يوم وآخر، بشأن ملفات الفساد الثلاثة، التي تُواجه نتنياهو، والتي تُحدِّد مُستقبله السياسي، بين استمراره في قيادة "الليكود" أو السجن!
وأمس، أُضيفت شكوى جديدة ضد نتنياهو، تقدّم بها مركز "عدالة" الحقوقي، بإسم "القائمة المُشتركة"
إلى المُستشار القضائي مندلبليت، عبر رسالة طلب فيها فتح تحقيق جنائي ضد نتنياهو، بسبب التحريض على المُواطنين العرب، وضد نوّاب "القائمة المُشتركة" والعنصرية ضدّهم.
وجاء في الرسالة، حسب ما نقل بيان صادر عن "عدالة": "إنّ نتنياهو لا ينفك يُحرّض على المُواطنين العرب وقيادتهم السياسية ومُمثّليهم في البرلمان، بشكل عنصري مُتكرِّر ومُمنهج".
وفي تعقيبها على الرسالة، قالت "القائمة المُشتركة": "إنّ نتنياهو تجاوز في الأيام الأخيرة كل الحدود في التحريض الخطير، ومُحاولات نزع الشرعية عن "القائمة المُشتركة"، ويُواصل التحريض ضد العرب ككل من أجل الحفاظ على منصبه، وسيستمر بنشر الأكاذيب حول دعم الإرهاب".
وخلال جلسة لحزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان، أمس (الإثنين)، في "الكنيست"، قال: "إنّ حكومة أقليّة تُعتبر كارثة بالنسبة لإسرائيل"، مُؤكداً أنّه يُواصل مساعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية لتجنُّب انتخابات ثالثة.
وأضاف: "ما نقصده هو حكومة وحدة وطنية، غير ذلك، فإنّ أي حكومة سُتشكَّل ستجد صعوبة في القيام بمهامها، الدولة بحاجة إلى قيادة، وسنواصل الجهود حتى ظهر الأربعاء لتشكيل حكومة وحدة".
وتطرّق ليبرمان إلى الجلسة التي جمعته مع نتنياهو، قائلاً: "إنّ الجلسة كانت موضوعية، ولم نضيّع
الوقت على ما كان في الماضي".
وأوضح ليبرمان أنّه "في هذا الوقت، تكفي أغلبية عادية لتشكيل حكومة، لكن لا أسمح لنفسي التنازل عن أي إمكانيات مُدرَجة على طاولة المُفاوضات، ومُواصلة الجهود لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وعن موقفه من تشكيل حكومة ضيّقة أو الذهاب لانتخابات ثالثة، قال: "في هذه المرحلة أكرّس جُل اهتمامي وجهودي فقط من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأنّ تشكيل حكومة ضيّقة ليس حلاً عملياً لأنّها ستصارع على استمرارها من أسبوع لأسبوع".
وأشار ليبرمان إلى أنّه "لا تُوجد لدى أعضاء حزبنا مصلحة شخصية ليكونوا أعضاء بالحكومة، سواء برئاسة نتنياهو أو غانتس".
من جهته، عقد نتنياهو "جلسة طارئة" في "الكنيست"، شارك فيها جميع أعضاء "الكنيست" عن "كتلة اليمين": "الليكود"، "شاس"، "يهوديت هتوراه" و"إلى اليمين".
ووضع المُجتمعين في أجواء لقائه وليبرمان، مُشيراً إلى أنّ "جلسات أخرى ستجمعني به، فقد كانت جلسة موضوعية، وتمَّ الحديث عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعن الميزانية، وعن قضايا مهمّة بالنسبة للمُواطنين"، آملاً أنْ "لا يُشارك ليبرمان في حكومة أقليّة مدعومة من العرب".
وواصل نتنياهو التحذير من مخاطر تشكيل حكومة ضيّقة برئاسة غانتس، بدعم من نوّاب من "القائمة المُشتركة".
واستمر في تحريضه ضد النوّاب العرب، ووصفهم بـ"الإرهاب"، قائلاً خلال جلسة "كتلة اليمين": "هناك فرصة حقيقة لتشكيل حكومة أقليّة بدعمٍ من داعمي الإرهاب، فهذه ستكون حكومة الأحلام لـ"حماس" و"حزب الله" وإيران، وسيحتفلون بذلك في طهران وغزّة".
وتابع مُخاطِباً "كتلة اليمين": "أزرق أبيض’ على استعداد للجلوس إلى جانب أعضاء "الكنيست" من "القائمة المُشتركة"، ويرفضون الجلوس بهذه الغرفة مع أعضاء "الكنيست" من الأحزاب المتديّنة".
إلى ذلك، أعلن غانتس في جلسة عُقِدَتْ لكتلة "أزرق أبيض": "خلال اجتماعاتنا مع "الليكود"، تحدّثنا عن كل ما يهم المُواطنين الإسرائيليين، الميزانية والعجز وتلبية الاحتياجات الاجتماعية والأمنية، لكن خلال الاجتماعات، فهمنا أنّنا نتحدّث إلى الحائط، مع كتلة كاملة (في إشارة إلى كتلة اليمين)".
وتابع غانتس: "خلال اليومين الماضيين، حطّمت الهستيريا أرقاماً قياسية جديدة، استيقظنا في الصباح، واكتشفنا أنّنا في خطر، ليس بسبب احتمال إجراء انتخابات ثالثة، وليس بسبب سقوط صواريخ على بئر السبع".