أكّد القاضي غالب غانم أنّ "الإستنسابية إذا طُبّقَت في العمل على أي ملف، فهي كارثة على العمل القضائي، لأنّها تقضي على دور القضاء وعلى مصداقيّته"، لافتًا إلى أنّ "من المُفترض تطبيق المبدأ المعروف منذ مئات السنين، وهو مبدأ المساواة أمام القانون، وخضوع الجميع له. أما عدم تطبيقه، فهو إخلال بأحكام الدستور وبسائر القوانين القضائية".
وأوضح في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم"، حول التدابير الّتي تقوم بها المصارف مؤخّرًا، وإذا ما كان يُمكن للقضاء أن يتحرّك في هذا الإطار، أنّ "بعض الإجراءات قد تهدّد الأمان الإقتصادي للأفراد. ونذكّر هنا بأنّ أيّ إيداع في المصرف هو نوع من عقد بين مصرف وزبون (مودع). وبالتالي، فإن هذا العقد مكوَّن من جانبَين يتمتّعان بحقوق وواجبات بموجبه. وإذا كان المودع يتقيّد بواجباته، فعلى المصرف أيضًا أن يتقيّد بها".
وبيّن غانم أنّ "مُخالفة مضمون هذا العقد تستوجب النّظر أوّلًا في أسبابها. ومن دون إعطاء تبريرات لأيّ شيء سلبي، إلّا أنّنا نبقى مضطرين في هذه المرحلة الإستثنائيّة، أن ندخل أيضًا، ولو قليلًا، ببعض أسباب التدابير الإستثنائية. فالتدابير المصرفية تصدر عن "جمعية المصارف"، وتكون ضمن أجواء "مصرف لبنان" الّذي يراقب المصارف. فإذا كانت هذه القرارات موقّتة ومرحليّة ضمن مهلة زمنيّة قصيرة، يُمكن قبولها ريثما تتبلور الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة؛ ولا ضرورة لأي مواجهة قانونيّة بين المودعين والمصارف في تلك الحالة".
وركّز على أنّه "إذا كان من شأن تلك التدابير أن تُحافظ على أموال المودعين، وعلى الأمان الاقتصادي للمواطن، فهي مقبولة. أمّا إذا كانت نتيجة أخطاء وتراكمات أخطاء تتعلّق بالقطاع المصرفي، أو بميدان الرقابة على القطاع المصرفي، فعندها يُمكن الحديث عن مواجهة قانونية. فالقوانين الّتي تحاسب موجودة لدينا في لبنان. ولكنّنا نتعاطى هنا مع عقود مدنيّة بين مودع ومصرف، وهي عقود تجارية بالنّسبة الى المصارف، ولا نتحدّث عن جرم جزائي، وبالتالي لا مجال للقضاء لأن يقوم بالتحرّك تلقائيًّا".
وذكر أنّ "من الأفضل تَرك المرحلة الحاليّة الصعبة تمرّ، ونتمنّى أن تكون قصيرة. كما نشدّد على ضرورة الحفاظ على أموال المودعين، لأنّ عدم حصول ذلك هو الّذي يؤدّي الى الإنهيار المالي، والى إفلاس الأفراد والشركات. وفي تلك الحالة، يختلط "الحابل بالنابل"، ولكن رغم البلبلة يبقى دور القانون محفوظاً، لأن القوانين للتعامُل مع تلك الحالات موجودة".