ردَّتْ الجمعية العامة للأُمم المُتَّحدة على إمعان رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، في إغداق الهدايا من حساب غيره، لصالح الكيان الإسرائيلي، ضارِباً عرض الحائط بالحقوق والأعراف والمواثيق الدولية، التي أُقِرَّتْ واعترفت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وصوّتت 165 دولة، مساء أمس (الثلاثاء)، خلال جلسة للجنة الثالثة في نيويورك، لصالح قرار حق تقرير المصير للشعب الفلسطينين، فكان 5 ضد، وامتناع 9 دول، كما شهدت تحوّلاً في موقف العديد من الدول، بما فيها كندا التي صوّتت لصالح القرار.
وهذا أوّل ردٍّ على خطوة إدارة ترامب بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفّة الغربية، الذي يُعتبر انحيازاً جديداً لصالح الكيان الإسرائيلي، بالإعلان عن أنّ "بناء المُستوطنات في الضفّة الغربية، لا يُعتبر خرقاً للقانون الدولي وبناء المُستوطنات شرعي".
وجاء الإعلان على لسان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وهو يُناقِض كل قرارات الشرعية الدولية، وحتى القانون الأميركي لعام 1978، الذي اعتبر أنّ "المُستوطنات هي انتهاك للقانون الدولي".
ولا يُمكِن وصف الإعلان الأميركي، إلا بأنّه سطو على الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان الإسرائيلي، وتأكيد على الانحياز الكامل، وغير المسبوق، من ترامب لصالح الكيان الغاصب، وسعيه إلى كسب تأييد اللوبي الأميركي المُؤيِّد للكيان الإسرائيلي "أيباك" في الانتخابات المُقبِلة لصالح "الجمهوريين".
ويُعتبر ذلك ردّاً على توجيه العالم صفعة للولايات المُتّحدة والكيان الإسرائيلي بتصويت 170 دولة لصالح تجديد ولاية وكالة "الأونروا" في اللجنة الرابعة لمُدّة 3 أعوام جديدة لتقديم خدماتها والقيام بمهامها المُتعلّقة باللاجئين الفلسطينيين، على الرغم من ضغوطاتها في مُحاولة لإنهاء دورها.
وأيضاً ردّاً على القرار، الذي أصدرته "المحكمة الأوروبية" قبل حوالى أسبوع، بشأن "الإلتزام بتمييز مُنتجات المُستوطنات في أوروبا".
وبدأت القيادة الفلسطينية بحضور الرئيس محمود عباس، سلسلة اجتماعات طارئة لاتخاذ الإجراءات والآليات الواجب اتباعها تصدّياً للقرار الأميركي الأخير بشأن المُستوطنات.
ونقلت فلسطين القرار الأميركي إلى مجلس الأمن الدولي، حين أجرى مندوب فلسطين الدائم لدى الأُمم المُتّحدة الدكتور رياض منصور، مُشاورات مع أعضاء مجلس الأمن، بدءاً من المندوب العربي في المجلس، مُمثّل الكويت، من أجل حشد مواقف دولية تصدّياً للإعلان الأميركي.
ووجّه منصور رسائل تتضمّن الموقف الفلسطيني إلى الأمين العام للأُمم المُتّحدة، رئيس مجلس الأمن لهذه الفترة، مُمثّل بريطانيا ورئيس الجمعية العامة للأُمم المُتّحدة، بإدانة الإعلان الأميركي.
وسيعقد مجلس الأمن جلسة له اليوم (الأربعاء) لمُناقشة الشكوى الفلسطينية.
وجرت العادة أنْ تستخدم الولايات المُتّحدة الأميركية حق النقض "الفيتو" للحؤول دون صدور قرارات من مجلس الأمن ضد الكيان الإسرائيلي.
ولم يُسجّل إلا سابقة واحدة خالفت ذلك، عندما لم يستخدم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حق "النقض" في مجلس الأمن قبل انتهاء ولايته، ليصدر القرار رقم 2334 بتاريخ 23 كانون الأوّل 2016، الذي حثَّ الاحتلال على "وضع نهاية للمُستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، ووقف الاستيطان في الضفّة الغربية والقدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمُستوطنات في الأراضي المُحتلّة منذ عام 1967"، ما أغضب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وعدداً من المسؤولين الإسرائيليين.
ولقي الإعلان الأميركي شجباً فلسطينياً ودولياً.
وفي اليوم الأوّل، الذي تلى الإعلان الأميركي، سارع رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو إلى القيام بجولة في الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون" - جنوب بيت لحم.
وعلى صعيد تشكيل الحكومة في الكيان الإسرائيلي، فإنّ المُهلة الممنوحة لرئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غاتس لتشكيلها تنتهي مُنتصف ليل اليوم (الأربعاء - الخميس).
وتكثّفت الاتصالات خلال الساعات القليلة الماضية، من أجل التوصّل إلى تشكيل حكومة وحدة، يحرص الكثير من المسؤولين الإسرائيليين على أنْ تكون حكومة وحدة وطنية، الهدف الرئيسي منها إخراج تأثير أصوات "القائمة العربية المُشتركة" برئاسة أيمن عودة، التي تتمثّل بـ13 نائباً.
كما أنّ هناك أهدافاً أخرى منها لرئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، لإبعاد أحزاب "الحريديم"، التي تُشكّل كتلة وزانة داخل مُعسكر "اليمين"، الذي يتزعّمه نتنياهو، المُتمسِّك بها.
وكشف عن وجود قناة مُفاوضات سرية، بين حزبَيْ "الليكود" و"أزرق أبيض" لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفق مُبادرة رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، الذي طرح أنْ يتولّى الرئاسة في الفترة الأولى نتنياهو، والثانية غانتس، وإذا ما وُجِّهَتْ اتهامات إلى نتنياهو خلال توليه رئاسة الحكومة، يتولّى غانتس الرئاسة الكاملة، لكن لم تنضج هذه الصيغة حتى الآن!
ويُترقّب أنْ يُعلن المُستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت قراره بشأن ملفات الفساد الثلاثة ضد نتنياهو خلال الأيام القليلة المُقبِلة.
وما زالت تُواجه غانتس عقبة لتشكيل حكومة انتقالية مدعومة من ليبرمان و10 نوّاب من "القائمة المُشتركة"، خشية إمساك النوّاب الفلسطينيين بمصير الحكومة.
كل الجهود مُنصبّة من أجل تلافي إجراء انتخابات جديدة لـ"الكنيست"، هي الثالثة خلال أقل من عام، لا يُتوقَّع أنْ تُحدِثَ تغييراً يُتيح لأيٍّ من المُعسكرين "اليمين - الحريديم" و"الوسط - يسار" تأمين أكثرية 61 صوتاً في "الكنيست"، من دون تحالفات مع أحزاب أخرى، وفي طليعتها "إسرائيل بيتنا" و"القائمة المُشتركة" في صورة مُطابِقة للمشهد الحالي.
هذا، والتقى نتنياهو أمس (الثلاثاء) ليبرمان، الذي يأتي في إطار مُواصلة المُحادثات لتشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو، على الرغم من أنّ الجانبين أعلنا عن أنّ "الاجتماع كان جيداً، وسيواصل الطرفان جهودهما لتشكيل حكومة وحدة".
هدف نتنياهو الرئيسي، هو عرقلة تشكيل غانتس حكومة تُطيح به.