أعرب وزير بارز عبر صحيفة "الشرق الأوسط" عن خشيته من أن "تصطدم الاتصالات لتشكيل الحكومة الجديدة بحائط مسدود، بعد أن عادت إلى ما قبل نقطة الصفر، بينما يبلغ التأزم الاقتصادي والمالي ذروته، ما لم تقر الجهات المعنية بوجوب التوافق على حكومة إنقاذية يمكنها أن تتدارك ما هو الأسوأ في حال تحولت أزمة التأليف والتكليف إلى مشكلة مستعصية يصعب التغلب عليها"، مشيرا الى أن "مشاورات التكليف تكاد تكون متوقفة".
وأكد أن "لا علم له بأنها استؤنفت على ذمة معظم الجهات السياسية الرئيسية، إلا إذا كان يراد منها تلك القائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه الوزاري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، والتي لا تغيب عنها قيادة "حزب الله"، متسائلا: "مع من تجري الاتصالات؟ وعلى ماذا يراهن رئيس الجمهورية لتمرير تريثه في دعوة الكتل النيابية للمشاركة في الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة، والتي يجب أن تكون استثنائية بامتياز ونقطة على السطر؟ ومن حقه أن يبدي وجهة نظره في خصوص طبيعة التركيبة الوزارية، أسوة بجميع الأطراف المعنية بعملية تأليفها".
ورأى أن "وجهة نظر رئس الجمهورية ميشال عون، في هذا المجال ليست مُلزمة لرئيس الحكومة، الذي يفترض أن يكلف في نهاية الاستشارات بتشكيل الحكومة، وإذا توخى من توصيفه للتركيبة الوزارية تقييد حريته، فإنه يربط عملية التكليف بالتأليف، وهذا ما يعيق ولادة الحكومة"، مؤكدا أن "تأخير تسمية الرئيس المكلف لم يعد مقبولاً، وبات على جميع الجهات الاعتراف بضرورة أن تؤدي ولادة الحكومة التي ما زالت قيد الاحتجاز إلى إحداث صدمة إيجابية للانفتاح على المطالب المطروحة من قبل الحراك الشعبي، وهذا لن يتحقق ما لم يتم الإقلاع عن الأساليب السابقة التي كانت تتحكم في تشكيل الحكومات".
وكشف أن "معظم قنوات التواصل أصبحت مقفلة، وإن الطريق إلى القصر الجمهوري لم تعد سالكة بالمعنى السياسي للكلمة، في ظل إصرار الرئيس عون على تشكيل حكومة مختلطة من اختصاصيين وسياسيين، وأضاف إليهم أخيراً حرصه على تمثيل الحراك الشعبي فيها، رغم أن المواقف من الحراك ما زالت تتأرجح بين هبَّة باردة وأخرى ساخنة، وإلا ما هي الأسباب الكامنة وراء الغمز من قناته، في لقاء رئيس الجمهورية بالسفراء العرب المعتمدين لدى لبنان؟"، معتبرا أن "مواقف الأفرقاء باتت واضحة، وهي ما زالت منقسمة بين فريق يصر على تشكيل حكومة من سياسيين وتكنوقراط، وآخر يرى أن لا مفر من حكومة اختصاصيين، وهذا ما يؤكد عليه رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري منذ اليوم الأول لاستقالته، ولم يتردد في تحديده لمواصفاتها، وبالتالي لماذا هذا التأخير؟ وهل له علاقة بالتطورات الأخيرة التي شهدتها إيران ومن قبلها العراق، وتمثلت في حركات الاحتجاج الواسعة اعتراضاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية؟".
وسأل عما إذا كان تمسُّك الرئيس عون بتشكيل حكومة مختلطة يأتي في سياق إصراره على تعويم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي يتعرض إلى حصار سياسي يشارك فيه "الحراك الشعبي"، ولا يجد من معين له سوى حليفه "حزب الله" لعله يؤمِّن لتياره السياسي حصة وازنة في الحكومة حتى في ظل غيابه عنها؟، كاشفا أن "الحريري وإن كان يصر على عدم الانجرار إلى الحملات الإعلامية والسياسية التي تستهدفه من قبل فريق الصقور في "التيار الوطني" فإن قراره الصمت ينسحب على عدم رغبته في توصيف الحالة الراهنة، لا سلباً ولا إيجاباً، بعد أن حدد موقفه من اللحظة الأولى لاستقالته، لئلا يلجأ البعض إلى تحميله مسؤولية تعذُّر تشكيل الحكومة".
وأكد الوزير أن "الحريري كان أول من حذَّر من تدهور الوضع الاقتصادي والمالي، ليس رغبة منه في استباق الحراك الشعبي، وإنما لتقديره أن الحالة لم تعد تطاق، وأن شكوى اللبنانيين منها مشروعة، ويقول إن من يعود إلى محاضر جلسات الحكومة المستقيلة، وخصوصاً تلك الأولى منها، سيرى بأم العين أن تحذيراته لم تتوقف في الجلسات الأولى لمجلس الوزراء".
ونقل عن الحريري قوله إن "الناس لم تعد تقبلنا، ولا تريد أن تسمع بنا، ومن حقها أن ترفع الصوت، وهذا يحتم علينا الالتفات إلى مطالبها، والعمل فوراً لتوفير الحلول لمشكلاتها، ويقول بأنه لا يفهم رفض البعض تشكيل حكومة من اختصاصيين، وإن التذرُّع بعدم وجود قاعدة سياسية لهم في البرلمان لا يُصرف في مكان؛ خصوصاً أن الأمور السياسية تكاد تغيب عن معظم جلسات مجلس الوزراء، ولم تحضر إلا استثنائياً لمرتين: الأولى أثناء حرب الطائرات المسيَّرة بين إسرائيل و"حزب الله"، والثانية عندما اقترح أحد وزراء الحزب وبدعم من حلفائه الذهاب إلى سوريا للإفادة اقتصادياً من إعادة فتح معبر البوكمال".
وشدد على أنه "تمت السيطرة على طرح هذين الموضوعين، ولم يتفرع عن المداولات التي جرت في شأنهما أي خلاف أدى إلى تعطيل جلسات مجلس الوزراء"، مضيفا: "هناك حاجة ملحة لتشكيل حكومة من اختصاصيين، بغية إعطاء فرصة للبدء بإنقاذ البلد، ولا خلفية لوجود حكومة من هذا النوع يمكنها أن تحدث صدمة إيجابية ستكون لها ارتداداتها بداخل المجتمع الدولي، بما يساعد على تأمين دعم لا بد من توظيفه لإخراج البلد من التأزُّم السياسي".