يمرّ لبنان في الوقت الراهن بواحدة من أكثر الأوقات دقّة. أزمة بعد أخرى، دون أن يتمكّن أحد من التفريق بين الأزمة الحقيقيّة والأزمة المفتعلة، إنطلاقاً من أن الإقتصاد اللبناني "مُدَوْلر" ولا وجود للدولار في الأسواق الذي يختلف سعره بين مكان وآخر خصوصا لدى الصيارفة.
30 ألف ليرة؟
بعد أزمة المحروقات والطحين وغيرها يبدو أننا على موعد مع أزمة جديدة طبعاً سيكون تأثيرها كبير على المواطن كونها تطال مسألة الغذاء هي أزمة اللحوم والدواجن.
وبحسب مصادر نقابة مستوردي اللحوم فإنّ "أزمة الدولار وتوقف مصرف لبنان عن القيام بالتسهيلات اللازمة أثّر علينا وما زاد الطين بلّة، إرتفاع سعر الدولار في حين أن تعاملات تجّار اللحوم هي بالعملة الخضراء، من هنا نحن مضطرون الى رفع السعر ليصل الى 30 ألف ليرة للكيلو الواحد".
بدوره رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو أشار عبر "النشرة" الى أن "سعر اللحوم إرتفع منذ أسبوع وأكثر. فكيلو لحم "العجل" كان يبلغ سعره قبل الازمة بين 12 و18 ألف ليرة وبعدها ارتفع ليتراوح بين 15 و22 ألف ليرة وحتّى اليوم، ما يعني أن الأسعار ارتفعت بين 20 الى 30%"، مضيفاً: "إذا كنا نتحدث عن إرتفاع الدولار، فهو بلغ بنسبة 20% تقريباً ما يعني أن التجار وبالغلاء الذي زاد يأخذون فرق الدولار، أما إذا وصل سعر الكيلو الى 30 ألف ليرة فهذا يعني أنّهم تخطّوا الـ100% وهذا أمر مرفوض".
"قبل الآن افتعلوا أزمات واستفادوا منها ورفعوا الأسعار تحت حجّة أن الأستيراد زاد بنسبة 30% وقدمنا اثباتات أنها كذب". هذا ما يؤكده برو، داعيا الى "عدم القيام بمثل هذه الألاعيب لأننا سنلجأ الى القضاء ونرفع دعوى ضدّهم لأنّ البلد لا يحتمل مثل هذه الأمور، وإنّ ما يقوم به البعض في ظل "الفلتان" السائد ما هو الاّ استغلال الظرف واللجوء الى الاحتكار والتحكم بالناس".
30 مليون دولار خسارة
وليست مشكلة اللحوم هي الوحيدة، ففي الأفق أيضا تبرز مشكلة الدواجن، وهي بحسب ما يؤكّد رئيس النقابة اللبنانية للدواجن موسى فريجي ترتكز على "مشكلة تدنّي الاسعار دون الكلفة"، مشيرا الى أننا "نبيع بأقل بـ20% من كلفتنا ولا نستطيع رفع السعر لأنّ العرض أكثر من الطلب، إضافة الى وجود استيراد للدواجن من البرازيل وأوكرانيا عن طريق البحر والدول العربيّة، وهذا يحصل بسبب اجازات أُعطيت أيام وزير الزراعة السابق غازي زعيتر"، مشدّدا على أنه "يتم استعمال البحر والدول العربيّة لتفادي دفع الرسوم الجمركيّة"، كاشفاً أن "المشكلة الأكبر أن الاجازات التي اعطيت غير محدّدة التاريخ وهي تؤدّي الى خسارة 30 مليون دولار في هذا القطاع".
يبدو أن لبنان على موعد مع أزمة جديدة، هي في الواقع ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكن السؤال الأهمّ يبقى: الى متى سيستمرّ مسلسل ترهيب اللبنانيين بمعيشتهم، ولماذا لا تتدخل الدولة لتضع حداً لهذه "الألاعيب" التي قد تؤدي الى الانفجار الكبير إذا لم يتم ضبطها!.