أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن "ما يحصل في إيران يختلف عمّا هو عليه الواقع اللبناني. ففي لبنان، يطالب الشارع بما هو معيشي واجتماعي، بينما الأوضاع الإيرانية تأخذ منحى أكثر جديّة لكَوْنها ترتبط في مكان ما بأن المعركة الأساسية بين الولايات المتحدة الأميركية وطهران، تتركز على الداخل الإيراني في الأساس، وبدرجة أولى".
وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، لفت طبارة الى أن "الطائفة الشيعية في العالم تتأثر بسبب إيران، ولكن في شكل غير مباشر. فالإستهداف ليس للشيعة كطائفة، بل للتمويل الذي يقدّمه بعضهم لـ "حزب الله" ولأذرع إيرانية أخرى في المنطقة. وهو ما يعني أنه (الإستهداف) يتركّز بالصّراع القائم بين واشنطن وطهران".
وشدّد على أن "إيران اليوم في حالة إقتصادية سيئة جداً، وهو ما يؤجّج ثورتها. فالريال الإيراني انخفض الى حدود غير مسبوقة، فيما نِسَب التضخم زادت. وهذا أمر بنيوي يحمّس الثورة، ولكن دون أن يؤكد إذا ما كانت الإحتجاجات الحالية ستكون مجرّد جولة كما كان يحصل سابقاً، أو انها ستحمل تغييراً جذرياً على مستوى الدولة الإيرانية والنظام الإيراني".
ورداً على سؤال حول أن كثيراً من رجال المال والأعمال الشيعة العرب، باتوا خارج الفُرَص الإقتصادية الموجودة في العالم العربي، بسبب "فيتوات" عليهم تأتي من مخاوف تتعلّق بتمويلهم إيران و"حزب الله" والميليشيات الإيرانية، رأى طبارة أن "هذا صحيح، وهم تحت المراقبة ولكن ليس لأنهم شيعة، بل بسبب الصراع الأميركي - الإيراني، رغم أن ليس كلّهم يموّلون طهران ومشاريعها".
وأكد ان "الثورة الإسلامية في إيران بدأت واضعة أمامها هدف إزالة اسرائيل، كهدف معلن وشعبوي يُمكنه التحشيد جماهيرياً. ولكن ظهر أن هدفها أكبر، وهو الهيمنة على المنطقة عموماً. ومن هنا، نشأت الميليشيات الإيرانية في لبنان والعراق واليمن، وحتى في سوريا والبحرين، وتوسّع نفوذها في الخليج عموماً. وهي كلّها ترتبط بالاستراتيجيا الإيرانية، ولا يُمكن لإيران التوقف عن تمويلها".
ولفت الى أن "الأميركيين قالوا للإيرانيين في وقت سابق، أن كونوا ذات شأن إقتصادي وغير عسكري في المنطقة. ولكن إيران لم تقتنع بتلك النظرية الى الآن، أي باستبدال الهيمنة العسكرية في الشرق الأوسط بالهيمنة الإقتصادية. وهذا يعود الى أن نظامها ثوري، ولا يعمل بموجب "القوة الناعمة".
وأشار طبارة الى أن "التوقف عن تمويل الميليشيات الإيرانية لن يجعل الإقتصاد الايراني يزدهر حالياً. فالأرقام تظهر أنه يحتاج الى عشرات مليارات الدولارات للتعافي، بينما الميليشيات الشيعية تكلّف إيران أقلّ بكثير، وهو ما يعني أن وقف تمويلها في الوقت الراهن لن يحسّن الأوضاع الإقتصادية هناك".
وشدد على "سياسة إيران تجاه ميليشياتها وطريقة تعاطيها مع دول الجوار، لن تتغيّر في الوقت الراهن. وستثبت طهران في تمويل "حزب الله"، وبالبقاء في سوريا والعراق واليمن، رغم التكاليف الكبيرة عليها، لأنها غير جاهزة لتغيير استراتيجياتها كما يبدو، الى الآن".