رأى عضو كتلة "الكتائب" النائب إلياس حنكش ان بين العرض المدني في ساحة الشهداء والعرض العسكري في اليرزة، وعلى الرغم من الكيلومترات القليلة التي تفصل بين المنطقتين، مئات السنين الضوئية من حيث الوعي الوطني، ففي الوقت الذي كانت تشهد وزارة الدفاع عرضا عسكريا على قاعدة "ما تحكي معي انا مسنكفك"، كان اللبنانيون في ساحة الشهداء يكتبون اجمل ملحمة تعانق بين مختلف شرائح المجتمع، ويرسمون للعالم الخارجي صورة لبنان الحقيقي، لبنان العابر للطائفية والمذهبية، لبنان الثقافة والعلم والابداع، وامام حجم الهوة التي ظهرت بين المشهدين المشار اليهما لا بد من ان نسأل أهل السلطة: كيف تطلبون من الشعب ان يثق بكم وأنتم لا تثقون ببعضكم؟ كيف تتحدثون عن الوحدة الوطنية وقد اعطيتم في ذكرى الاستقلال ابشع النماذج عنها؟
ولفت حنكش، في حديث لـ"الأنباء" الكويتية، الى ان عرس الاستقلال في ساحة الشهداء فرض نهجا جديدا من التعاطي مع التحديات، وعلى السلطة ان تحتذي به فيما لو كانت تريد فعلا لا قولا ان تنهض بلبنان، معتبرا على سبيل المثال لا الحصر، ان الشعب اعاد خلال ست ساعات مجسم الثورة (اي قبضة اليد) الى مكانه وبأقل كلفة من جيوب المتبرعين، فما بالك لو كانت السلطة هي التي التزمت هذه المهمة لكان المجسم استعاد مكانته بعد اشهر طويلة وبكلفة تجاوزت ملايين الدولارات، والاهم انه كان سيهوي حتما بعد ايام قليلة بسبب سوء التنفيذ، معتبرا بمعنى آخر ان ما رأيناه بين احتفالي اليرزة وساحة الشهداء شعب مسؤول وموحد ومتضامن ومنتج وشفاف في الانفاق، مقابل سلطة مفككة ومتخاصمة وغير منتجة وهادرة للمال العام "اتعظوا يا اهل السلطة فالوقائع اصدق انباء من خطاباتكم ووعودكم".
وعما تسرب عن دوائر بعبدا ان الحكومة العتيدة ستتألف من 24 وزيرا، 4 سياسيين، 16 من الاختصاصيين، و4 من الحراك المدني، على ان يكون رئيسها مقربا من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، لفت الى ان السلطة مصرة على استنساخ حكومة تصريف الاعمال، فيما الثوار مصرون بحق على حكومة ثقة مصغرة من خارج النادي السياسي ومن اختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وعلى تقصير ولاية مجلس النواب والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، لكن ما تأكد حتى الساعة هو ان اهل السلطة غير آبهين بصوت الشعب ويضربون عرض الحائط بمطالبه المحقة، فلو كانت السلطة جدية في التعاطي مع مطالب الثورة لكانت دعت النواب الى الاستشارات الملزمة منذ اليوم الثاني لاستقالة الحريري، لكنها وبدلا من تطبيق النص الدستوري وضعت العربة امام الحصان وآلت على نفسها تركيب منظومة المحاصصات الحكومية قبل الاستشارات النيابية.