لم تعد الأزمة التي تطال لبنان والتي تنسحب على كلّ القطاعات بالعاديّة أو المفهومة، كذلك لم يعد أيّ قطاع بمنأى عن هذه الأزمة التي لم يعد يعرف المواطن أين تنفجر أو ما هي حقيقتها؟ فهل هي أزمة دولار، محروقات، طحين أو غيرها...
اليوم إختلف الموضوع فهذه الأزمة التي كنا نعتبر أنها "عابرة" بدأت تهدّد المواطن ليس في لقمة عيشه فحسب بل في حياته. إذ يمكن أن تحجب عن الإنسان كلّ شيء ويستمرّ ويكافح للبقاء إلا الطبابة أو الأموال لشراء الأدوية، خصوصاً للأمراض المستعصية والتي يحتاج فيها المريض الى علاج تتمّ متابعته وإلا فإن مصيره سيكون حتماً الموت، والمفارقة أن هذه الأدوية مختلفة عن سواها لأنّ كلفتها مرتفعة والأغلب تكون على حساب وزارة الصحة!.
أواخر الأسبوع الماضي دقّت تعاونية موظفي الدولة ناقوس الخطر وأعلنت، بحسب مصادر مطّلعة أنها "أوقفت السلف الخاصة بالأدوية المستعصية والسبب يعود الى عدم توفّر المال، وعدم دفع وزارة الماليّة للأموال مؤخّراً، وبالتالي فإنّ التعاونية بدأت أموالها بالنفاد ما استوجب اتخاذ هذا القرار".
أمام هذا الواقع توجّهت "النشرة" بالسؤال الى مدير عام تعاونية موظفي الدولة يحيى خميس الذي أكّد عبر "النشرة" الى التوقّف عن دفع السلف للأدوية"، مشيراً في نفس الوقت الى أننا "أمام فكرة الاصابة بمرض مستعصٍ لا يمكن ترك المصاب لمصير مجهول، لكننا توقفنا عن دفع السلف لبقية الأمراض كعلاج النمو وغيره، وهذا القرار اتّخذ بسبب عدم وجود ولأن هؤلاء المرضى يمكنهم الانتظار وليسوا كالمصابين بمرض مستعصٍ".
يشرح يحيى خميس أن "التعاونية تقدّم ثلاث خدمات: الاستشفاء، الأدوية للمنتسبين والذين يبلغ عددهم حوالي الـ85 الفاً والمستفيدين حوالي 350 الفاً، المساعدات الاجتماعية والمنح"، لافتا الى أن "المنجز من المعاملات تتراوح قيمته ما بين 150 الى 200 مليار ليرة، وهذه كلها جاهزة انما بحاجة الى أموال فقط لندفعها للناس"، لافتا في نفس الوقت الى أنه "في موازنة 2019 هناك 316 مليارا لم يُصرف منها شيئا".
"فيما خصّ أدوية الأمراض المستعصية هناك أدوية التعاونية تستلمها مجاناً وتسلمها الى المواطن من دون أي مقابل". هذا ما يشير اليه خميس، لافتا الى أن "هذه الخدمة باتت بقسم كبير غير متوفرة لأنّ الأدوية التي لدينا في هذا الخصوص مقطوعة"، مضيفا: "هناك أنواع أخرى من الأدوية العادية لا زلنا نسلمها"، كاشفاً أننا "نستطيع الإستمرار حتى نهاية العام مع التقليل بشكل كبير من الخدمات ولكن اذا استمر الحال على ما هو عليه فلن يكون هناك أموال لكل أنواع الأدوية في حينه".
إذاً، لامست الأزمة المرضى بأدويتهم الحسّاسة المستعصية... ليبقى السؤال: "هل ستجد الدولة حلاً لهذا الموضوع، وتنقذهم أم أن مصيرهم سيكون كسواهم "مجهولاً"!.