أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن "فرادة لبنان هي في تناصفه وايّ خلل في هذا هو ضرب لنموذجه وخسارة للعالم أجمع في إمكانية العيش معا"، مشيراً الى "أننا ندفع فاتورة الدفاع عن تثبيت المكونات اللبنانية في أرضها وفي ثقافتها وفي خصوصيتها تمهيدا لنقلها سالمة الى العلمنة المؤمنة (وليس الملحدة) فنحن لم نقل يومًا بوطن مسيحي بل حاربنا وتصدينا للقائلين به وللذين فكّروا فيه، نحن لم نقبل يوما بوطن إسلامي بل قاومنا الساعين اليه".
وفي كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر حول التصدي للاضطهاد الديني عقد في بودابست بدعوة من نظيره الهنغاري، اوضح باسيل أنه "تخيلوا أن مسؤولاً غربيًا سابقًا أعلن مؤخرًا أن السبيل لتحجيم مكون مسلمٍ في بلدنا هو في اضعاف المكون المسيحي المتفاهم معه لعجزه عن إضعاف هذا المكون المسلم مباشرة بسبب قوته الفائقة، بل عبر اضعافه بشكل غير مباشر بعزله وطنيا، حتى لو ادت تجارب العزل في وطننا الى فتنة وحرب داخلية ستؤدي في نهاية المطاف الى اضعاف مزدوج للوطن وللمكون المسيحي فيه. تخيلوا أنهم يعدون اللبنانيين بربيع آخر وهم يحضرون لهم شتاءً آخر في ظل إنتفاضة محقّة بدأت ملونة وقد تنتهي سوداء إذا ما إستمر النفخ فيها حقدا وتحريضا وشتما وتقطيعا لأوصال الوطن وتسكيرًا للمؤسسات الدستورية والعامة والخاصة".
وشدد على "أنني آت اليكم اليوم من بلدٍ قام على فكرة التلاقي والتحاور والتسامح، بإنتفائهم ينتفي سبب وجوده، وها هم أبناؤه اليوم يتظاهرون في الشوارع متمسكين بوحدتهم، مترفعين بانتمائهم الوطني على إنتمائهم الطائفي، أنا آتٍ اليكم من تربية خاصة وتربية وطنية تقول ان الدولة المدنية هي الحل الأنسب لهذا التعايش وما الدفاع الذي قمنا به عن حقوق مكوناته (وخاصة المسيحية)، والذي توصلنا بنتيجته الى إعادة التوازن والشراكة والميثاقية في الحكم من أعلى الهرم في رئاسة الجمهورية مرورا بمجلس النواب ومجلس الوزراء وصولاً الى الإدارة والإقتصاد، والذي ندفع فاتورته يومًا.
ولفت الى "انني جئت احدثكم عن الأخطار التي تهدّد وطني لبنان بمسيحيّه ومسلميه معًا وليس بواحد منهم فقط لأن اي خطر يتهدّد اي مكوّن من مكوّناتنا اللبنانية انّما يهدّد لبنان ككل بوجوده لأن سبب وجود لبنان هو تنوعه".
واعتبر أن "ذنبنا أننا رسخنا عند المسيحيين المشرقيين أن جذورهم هي في هذا المشرق وهم ليسوا مستجلبين من الغرب حتى ولو أن بعضا من ثقافتهم غربي، رسّخنا عندهم أن مبادءهم هي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وأنهم ليسوا امتدادًا للغرب في الشرق بل عليهم أن يكونوا امتدادا للشرق نحو الغرب وأنهم أبناء هذه الأرض وعليهم التجذر فيها عبر الريادة بالإنفتاح وليس عبر الإنعزال".
ورأى باسيل أن "ذنبنا أننا في قدرتنا على الاندماج بالثقافة الغربية انطلاقاً من مشرقيتنا نظرنا ضد رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) وإعتبرناه خطرا على الإسلام الحقيقي المتسامح وعلى الغرب العلماني، وأن نتيجة هذا الرهاب هو مزيد من التطرف اليميني في الغرب نشهده متزايدا وسيؤدي الى مزيد من التطرف في الشرق والى تفكك المجتمعات الغربية الدامجة للآخر والمتقبلة له بعلمانيتها".