أكّد رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي، في حديث صحفي، أن "كل الاجراءات المصرفية لم نرَ مثيلا لها سابقا، منذ عام 1975 حتى اليوم، وهي تنعكس سلبا على القطاع الزراعي وادّت الى بلبلة كبيرة في السوق، حيث لا التزام بتسديد الشيكات التي فقدت أهميتها، كل شخص يوقّع شيكا ولا يُصرف يتحجّج بالمصارف فباتت الشيكات المرتجعة اكبر بكثير من الشيكات التي تُسحب... هذا الى جانب توقّف الحسابات والاعتمادات اكانت بالعملة اللبنانية او بالدولار".
واعتبر أن "هذا ما أدى الى انعدام الثقة بين المصرف والمودع، فإذا وُجدت السيولة بين أيدي المواطنين لا يضعونها في المصارف خشية من عدم إمكانية سحبها مجددًا، وهذا ما يفاقم الأزمة"، مشيرًا الى أن "المصارف تُعدم نفسها، فلم تعد المكان الأمين حيث يمكن إيداع الأموال فيها أو التعامل بها عبرها".
وشدد على أن "المصارف فقدت نزاهتها، وكل همّها الحفاظ على رؤوس اموالها التي هرّبت الى الخارج. وهذا الامر لم يعد خفيا اذ ان الخلاف واضح بين المصارف والمصرف المركزي بشأن تحويل اموالها الى الخارج والتي بلغت قيمتها اكثر من 9 مليارات دولار"، موهًا بأن "الاجراءات التي اتخذتها جمعية المصارف غير قانونية، ولا يحق لها أن تحدّد قيمة السحب لكل مودع. إنها تبحث فقط على مصالحها".
وعن دور القطاع الزراعي في تخفيف حدّة الأزمة لا سيما مع ضعف الاستيراد، رأى ترشيشي أن "الانتاج الزراعي اللبناني ذات جودة عالية، يمكن ان يقوم بهذا الدور، لكن في الوقت عينه نحتاج الى الافراج عن الاموال والاعتمادات، كوننا نستورد معظم البذار، والاسمدة والادوية الزراعية والمعدات"، موضحًا أن "في مثل هذه الفترة من كل عام يفتح المزارعون الاعتمادات المصرفية من اجل استيراد بذار البطاطا وما يلزم هذه الزراعة من اسمدة وادوية بقيمة 20 مليون دولار، وذلك لإنتاج نحو 400 الف طن من البطاطا، يصدّر منها نحو 150 الف طن وتخلق حركة مالية بقيمة 150 مليون دولار، لكن قد لا نزرع موسما من البطاطا يقطف في العام 2020، لأن المصارف تحتجز الأموال وتمنع تحويلها، مع العلم ان مثل هذه العملية واضحة وشفافة مئة بالمئة ولا يمكن تهريب دولار واحد منها من اجل تحويله الى حسابات خارجية. وما قد يحصل في إنتاج البطاطا قد يتكرر مع منتجات اخرى، وبالتالي فاننا نخشى من تحوّل الاراضي الزراعية الخصبة الى بور".
وأسف ترشيشي الى "التراجع الحاصل"، قائلًا: "لبنان كان في طليعة البلدان المصدّرة للبطاطا لكن الاجراءات المشار اليها ستحوّله الى بلد مستورد لا بل "يشحذ البطاطا من الخارج"، كما أن الأمر سيؤدي الى خروج مبالغ بالعملات الأجنبية أكان بطريقة شرعية أو غير شرعية او عبر الصيارفة أو عبر التهريب"، محذرًا من أن "نصل الى مرحلة قد نستورد فيها كل شيء. إضافة الى الاذلال، الاجراءات المصرفية كارثية تقتل كل القطاعات وفي طليعتها القطاع الزراعي، وهذا ما سيؤدي الى زيادة نسب الفقر وانهيار الدولة والمؤسسات الواحدة تلو الاخرى ويدفع الى الهجرة... واي بلد من دون ناسه سيموت".
وشدد على أنه "لا يجوز الاستمرار بهكذا اجراءات"، مطالبًا من جمعية المصارف ومصرف لبنان تغييرها بما يعيد الثقة ما بين المواطن والمصرف، اذ بدون هذه الثقة التعامل مع المصارف سيتوقف، حيث يفضّل الناس وضع النقود في المنازل والجيوب خشية من خساراتها، في وقت تتجه فيه كل دول العالم الى التعامل على اساس تحويل الأموال".
وردا على سؤال حول إضراب الهيئات الاقتصادية بدءا من الغد لثلاثة ايام متتالية، انتقد ترشيشي هذا القرار، قائلا: "من دون إضراب النشاط الاقتصادي والتجاري في البلد ضعيف جدا"، متسائلًا: "ضد مَن موجّه هذا الاضراب وما هي اهدافه ومطالبه؟ نخشى من وجود مرجعيات سياسية توجهه. نؤيده بحالة واحدة فقط اذا كان للضغط من أجل الإسراع في تأليف الحكومة، على أن يعطي نتيجة!"